إلا خمسة
*-*-*-*-*-*
قصة قصيرة
—————-
محمد يوسف
————–
جاءها على عجل ، ورحل مسرعاً، واهباً لها خمس دقائق ، تجاهلته لمعرفة حظها ، لكنها أعادت الخطى لخمسته ، تراجعت مرة أخرى ، إنطلقت حين ناداها صغير يبكي ، ألقمته صدرها اليابس ، إزداد صراخه ، أسكتته بقليل من ماء بسكر ، أخيرا استكان ، تساقط دمعها على ثديها ، لم يتحرك فيه شيئ ، عروقه أصبحت باهتة ، لمسته راجية السماء بمطر أبيض يملؤه ، ليروي قيراطها الأخير .. فهو آخر سهم في أرض بائسة تركها زوجها قبل أن يهرب من رعاية أرضه.يستندون على فتى يتساوى مع عود يابس ، يرتكن عليه عود أصغر منه قليلا ، ووردة وحيدة لايُعرف لها لوناً رغم رائحتها المنبعثة من خلف الأحلام ، خمستهم يجمعون محصولاً زرعه أب كان فقط كقميص مذبوح على صليب في الارض. ماء قليل يرويهم من كد المكلومة ، ومن فتات حصاد الكبير ، تحتوي صغيرتها صاحبة الرمُان الجاف الذي بدا يلوح ، وطمع يتلألأ في العيون ، تذكرت مرة أخيرة رفيقاً جاء في نسائم صباحية يحمل لها لقاحاً لتنمو مرة أخرى كافورتها ، وترتوي صبارتها التي غاصت معه حتى حدود الأمل .. مرت دقيقة .. دقائق حتى اقترب من النهاية ، دعاها لمرافقته حيث البراح ، مدت كفها الأيسر لتنهض ، لكنها لم تستطع ، شيء ما يمنعها ليس خوفا ولارهبة من مجهول ، نظرت ، إتسعت حدقتها ، دموع فرح تملؤها حين منعها نهد استجاب خالقه ، وبث فيه حياة.
