كتبت / دينا سمير
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإرهاب الفكري ..!!
يُعدّ الارهاب بصفة عامة من ضمن المخاطر التي تهدد الدول والمجتمعات والأشخاص، وتتنوع أشكاله باختلاف الأيديولوجيات الفكرية، والشرائح البشرية، والأنسجة المجتمعية، وسوف نتكلم بشئ من الإيجاز عن نوع من أنواعه والذي – في نظري – أصبح المهيمن على الساحة العربية، وخصوصاً الخليجية ألا وهو (الإرهاب الفكري) والذي يعتبره الكُتًاب والمختصون الأمنيون أشد خطراً من الإرهاب الحسي بل الأخير هو ثمرة من ثمراته. وأن الناس في غفلة عنه وعن خطره بل يمارس عليهم كل يوم وفي كل مكان وهم لا يشعرون به ولا بخطره في كثير من الأحيان, سيما أنه وليد الفكر الإرهابي ونتاجه، وما الفكر الإرهابي إلا منظومة من المعتقدات والأفكار المنحرفة، أيًا كانت طبيعتها. ومن خلال المتابعة والتحليل من وجهة نظر إعلامية وطنية لما حصل قبل وبعد أحداث ما يُسمى بـ(الربيع العربي) يتضح جلياً للمنصف استخدام أغلبية صور ذلك الإرهاب من أجل تحقيق أهداف تحريضية، ونشر الفوضى والخراب في البلدان التي اكتوت بنارها، وكان من نتائجها التخريبية نشر الفقر في الأرزاق, والخوف في الحياة, والفوضى في البلاد, وانتشار للعصابات المسلحة في أرجاء تلك البلدان والكثير الكثير من الصور المناوئة، وتختلف صور ذلك باختلاف اهتمامات الشعوب ونقاط ضعفهم. ومن صوره الحالية والميهمنة في الإعلام الجديد ما يسمى بـ(سياسة الإحباط) والموجهة للمجتمعات العربية والخليجية وخاصة المجتمع السعودي، وذلك نظراً لما تملُكه المملكة من بُعد إسلامي عالمي، وقوة سياسية ومكانة دينية فمنها انطلقت رسالة الإسلام الخالدة، وهى حصن الحرمين الشريفين، فأمنها واستقرارها مرتبط بالمصلحة الدينية للأمة قاطبة. ومن الملاحظ أن الحملات التى تسعى لنشر (سياسة الإحباط) في الشعب السعودي تتم وما زالت وفق عمل مخطط مُحكم هدفه نشر الفوضى والتشكيك ونزع الثقة في أجهزة الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية، ومهاجمة القرارات التي تصدر من الدولة بهدف زرع الإحباط لدى شريحة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأغلبيتها بأسماء مستعارة، وصور وهمية. وذلك من خلال برامج متخصصة لمواقع التواصل الاجتماعي بواسطة منصات إعلامية خارجية وتحت قيادة فنية واحدة وبمشاركات مترابطة، مما يعني أنه يقف خلفها منظمات أو جهات استخباراتية ودول معادية للوطن، وفي عدة مناسبات وطنية حذر المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي من سياسة الإحباط الموجهة للمواطن السعودي من جماعات معينة في مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم على أساس جعل المواطن يفقد الأمل في الحياة والتقدم اليوم، وفي ذات الصدد فقد سبق وأن صرّح رئيس حملة السكينة بأن هناك مواقع إلكترونية ومنصتين إعلاميتين تعمل منذ 10 سنوات ضد السعودية وتحاول زرع الفتنة في المجتمع السعودي. ويُعتبر الإحباط أحد مواضيع علم النفس ويعرّفه المختصون بأنه (حالة نفسية تحدث نتيجة عدم إشباع الفرد لرغباته), والرغبات هنا من الممكن أن تكون غير موجودة أصلا أو مستحيلة التحقيق. وبالتالي يصبح لدى المجتمع رغبات غير مشبعة مما يؤدي به إلى حالة من الإحباط، ويذكر بعض المختصين من علم النفس والاجتماع أن من أهم الخصائص النفسية المصاحبة للإحباط هي جعل الفرد مهيأ للعدوان، ولكنه لا يصل إلى العدوان الفعلي، إلا إذا توفرت عوامل محرضة وموجهة, إذن فالإحباط لا يكتفي بجعل الشخص يشعر بنوع من الاستياء فقط، بل يجعله مهيأ لتحويل هذا الشعور إلى سلوك عدواني نتيجة تراكمات الإحباط والسلوك العدواني سلوك موجه بهدف الإيذاء من الممكن أن يكون (لفظيا, نفسيا, جسديا, تغريدة في تويتر, شتما, ضربا, قتلا). وأما الخبراء الأمنيون فيرون أن الإحباط من أهم الوسائل المستخدمة لتحويل أي شخص من مواطن صالح إلى شخص سلبي يعادي وطنه وقيادته ومجتمعه وأسرته، ويدخل ذلك فيما يسمى بــ(تجييش وتحريض المواطن) عن طريق توجيه الانتباه فقط إلى الجانب السلبي من الحياة، أو الأخطاء غير المقصودة أو التصرفات الشخصية الفردية، ولعل ما تم طرحه في وقت سابق من انتقاد مبالغ فيه أو مضلل للرأي العام السعودي عن رؤية المملكة (٢٠٣٠) وبرنامج (التحول الوطني ٢٠٢٠) والقرارات التي صاحبت ذلك دليل على ذلك. إضافة لما تم تداوله عبر وسائل الإعلام الجديد من الأضرار التي حصلت جراء الأمطار والسيول في بعض مدن المملكة وسببت حالات من الغرق والاحتجاز والإصابات والإنقاذ دليل على استغلاله في النيل من الوطن وأجهزته الحكومية. وبث رسائل الإحباط والتشكيك والتخوين للمجتمع وانظر لبعض المعرّفات التي انتهجت من اُسلوب التحريض والتجييش ضد المملكة هي من قامت بإعادة نشر المقاطع والصور التي انتشرت في الإعلام عن حجم تلك الأضرار ولا نعلم عن صحة بعضه، ونحن لا نبرر تلك الأخطاء أو نعتذر لها بل ولا نقبل بها ونحمل المسئولين الخطأ في حالة الإفراط أو اللامبالاة، بل ونطالب بمحاسبتهم وإعلان ذلك للمواطنين، وفي نفس الوقت لا نقبل أن تُستغل في النيل من قيادتنا وأجهزتنا والتحريض عليهم، يقول جوستاف لوبون والذي يعتبر مؤسس علم النفس الاجتماعي: (لكي نقنع الجماهير ينبغي أولا أن نفهم العواطف الجياشة في صدورها وأن نتظاهر بأننا نشاطرها إياها ثم نحاول بعدئذ أن نغيرها عن طريق إثارة بعض الصور المحرضة بواسطة الربط غير المنطقي أو البدائي بين الأشياء). لا أريد ان أطيل ولكن بصفتي مواطنة من أبناء وطني الغالي والمستهدف – وللأسف – من أعدائه وبأيدى بعض أبنائه، أُريد أن اقول: إن استهداف الفكر والنسيح الاجتماعي لأي بلد هو الدمار الشامل الذي يستهدف ذلك البلد ويهدد الأجيال القادمة فلنقف يداً واحدة للتصدي لمثل هذا العبث، يقول الدكتور: عبدالله الغذامي (الإحباط حين يخالط الثقافة يحول الكلمات إلى ثعابين سامة هو أخطر أمراض الثقافة ، في الجماعة وفي الأفراد المحبَط لا ينتج ولا ينقد، فقط يعيق)، ويرى ايريك هوفر في كتابه (المؤمن الصادق) أن الإحباط والمحبطين هم اللبنات الأولى للتطرف بكافة أنواعه