كتب /حسام صلاح
صرحت الإعلاميه التونسية عفاف الغربي اثناء زيارتها في مدينة الرياض بهذه التعبيرات وقد كانت كالآتي: “من لم يزر بلدا لم يعرف حقيقته …ومن لم يعاشر شعبا لم يعرف طبيعته” ..الآن تأكدت من هذه المقولة، فالإعلام اليوم سلاح ذو حدين ، لكل توجهاته و لكل اختيارته و لكل طريقته في تصوير و تقديم الأشياء حسب ميولاته و ألوانه السياسية أو العقائدية أو غيرها ..
زرت بلدانا كثيرة عربية وغربية و كنت أتصور أن الصورة التي أحملها عن المملكة العربية السعودية هي صورة حقيقية و ذلك اعتماداعلى ما تنقله لنا وسائل الاعلام “المحايدة ” ، و لم أكن أتصور أن تكون نظرتي لواقع المملكة مغلوطة لهذه الدرجة .
الواقع إني شاهدت الرياض مدينة عظيمة عصرية ببنايات فخمة و أبراج و ماركات العالمية ، ونشاط اقتصادي ملحوظ ..ورأيت كذلك شعبا مثقفا مضيافا يحمل في قلبه احتراما كبيرا للتونسيين.. و امرأة سعودية راقية و دارسة و مثقفة تحتل أرفع المناصب و الوظائف العليا و تنشط بصفة كبيرة في المجتمع المدني والاقتصاد .. وجدت وجوها مبتسمة و مرحبة بالزائر ، و شعبا سعيدا مقبلا على الحياة و ينهل من كل شيء ..
دعيت لحضور فعاليات استلام الرياض لدرع عاصمة الإعلام من العراق ، لتصبح بالتالي عاصمة الإعلام العربي لسنة 2018/2019 ، و قد حضر هذه الفعاليات التي امتازت بحسن التنظيم و كرم الضيافة ، عديد وزراء الاعلام من العالم العربي ، ومثقفين و شعراء و إعلاميين وفنانين ..
من الغد كان هناك معرضا للفنون التشكيلية على شرف سعادة السفير الهندي بنزل الفور سيزون و كانت فرصة للتعرف على المبدعين و الفنانين السعوديين ،و في نفس اليوم انطلقنا نحو المتحف الوطني بالرياض حيث تم افتتاح المعرض الكوري بحضور صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان و سعادة السفير الكوري ..
في اليوم الموالي كانت كل الرياض تعزف على وتر واحد وهو إفتتاح مهرجان الجنادرية ، و هو المهرجان الوطني للتراث و الثقافة في دورته الثالثة و الثلاثون ، برعاية وتشريف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز …الجنادريه موعد سنوي هام جدا ، يستعرض من خلال أجنحته مختلف المناطق بالسعودية حيث تتعرف فيها على تراث و ثقافة كل منطقة .
و لعل هذا المهرجان هو الرمزية الأعمق لتشبث السعودي بأصالته و اعتزازه بجذوره رغم التطور و التغيير الذي عاشته و تعيشه المملكة .
في اليوم الموالي تم استدعائي في مؤتمر الإعلان عن ميزانية 2019 للمملكة العربية السعودية
أول مرة في المملكة يتم الإعلان عن الميزانية في إطار ندوة اقتصادية عالية المستوى نظمت في نزل Ritz carton بالرياض و بحضور ما لا يقل عن 13 وزير
منتدى الإعلان عن الميزانية تم في أربعة ورشات يتدخل فيها وزراء و ممثلين عالي المستوى من عالم المال و يحاورهم محاور و تعطى الكلمة ايضا للقاعة للتفاعل و طرح الأسئلة و تم نقلها مباشرة على القناة الاخبارية السعودية . و تغطية من عديد القنوات الأجنبية .
ميزانية المملكة المعلنة، هي ثالث موازنات رؤية المملكة الاقتصادية 2030، لكنها أول ميزانية تحمل الرقم تريليون ريال، كحجم إنفاق مستهدف للعام 2019، وهذه الميزانية تميزت بالشمول والتوسع، وجاءت مؤشراتها الإيجابية لتؤكد استمرار المملكة بنجاح في تحقيق رؤيتها الطموحة التي تحتوي على خطة كبيرة للإصلاح الاقتصادي والتنموي.
كما لمسنا عن قرب المحبة الكبيرة و الصادقة للشعب السعودي نحو ملكه سلمان بن عبد العزيز الصورة لا يمكن وصفها او تصورها بالنسبة لنا نحن الشعب الذي تعود اليوم ان يحكمه رئيسا منتخبا ، حيث اصبحت العلاقة بين الحاكم و المحكوم عندنا علاقة سياسية بحتة.
اليوم في المملكة العربية السعودية إلتفاف كبير حول الملك و لحمة كبيرة لإنجاح السياسة الجديدة ، سياسة الإنفتاح التدريجي و التطور نحو الحداثة من خلال عديد البرامج و ابرزها ما سمي برؤية 2030 .
تحديات كبيرة يستعد لها الشعب السعودي بكثير من التفاؤل و الإصرار و التأكيد على الانفتاح نحو الآخر مع المحافظة على المبادئ و خصوصيات الشعب
من كان يتصور أن يأتي يوما تتجول فيه المرأة في الرياض بحرية و هي تقود سيارتها ..هذه الفكرة البسيطة في اعين الكثيرين العميقة المعاني بالنسبة للمراة السعودية..اليوم يتم وضع حجر الأساس لقبول الاختلاف و الحق فيه ، تجد المحجبة و المنقبة و التي شعرها بارز جزئيا أو كليا .. تجد الاختلاط في الاماكن العمومية و المطاعم و المقاهي المفتوحة لساعات متأخرة في الليل .. المهم فقط هو الاحترام و الإلتزام بعدم مضايقة الغير ..
الحديث كثير و كبير بحجم هذه النقلة النوعية التي تعيشها بكل فخر المملكة العربية السعودية، وكم كنت محظوظة كاعلامية تونسية بتواجدي هناك لأنقل لكم الصورة الحقيقية لما تعيشه هذه البلاد من تحول للافضل بكل صدق و أمانة .
وحدنا الله مع جميع أشقائنا لما فيه خير البلاد والعباد تحيا تونس …تحيا المملكة و تحيا كل دولنا العربيه بخير و سلام و تألق و نجاح