ط
مسابقة القصة القصيرة

البحث عن وطن.مسابقة القصة القصيرة بقلم/ محمد عبده محمد سبأ .اليمن

 

الاسم: محمد عبده محمد سبأ

هاتف + واتساب : 01092307884

اليمن
المشاركة قصة قصيرة بعنوان (البحث عن وطن)

قرر أن يذهب للغربة والعمل في الخارج, باع ذهب زوجته ووالدته, واستلف ما يدخره والده وإخوته وأصدقائه, ودفعها للمهرب مقابل إخراجه من الحدود, إلى العالم الآخر, الذي رسمه في خياله, بأنه عالم تتحقق فيه كل الأمنيات, تحركت به السيارة من جوار منزله , والناس تستودعه وطنه, وتأمل له في مستقبل أفضل, ارتسم في عيون أولاده بريق دمعة عليها بيت كبير وسيارة, وألعاب كثيرة, لقد سمعوا أن والدهم سيصبح رجلاً غنياً, وعند الوداع وصفوا له ألعابهم المفضلة, وبعد رحيله أغلقت زوجته الباب على نفسها, وانتحبت في البكاء, خوفاَ من مستقبلها المجهول , لقد باعت كل ما تملك من ذهب وغيره وتحملت الكثير من الديون , لأجل هذه المغامرة الخطيره, لا تعرف هل سينجح في الغربة, أم أنه قد لا يعود, وكلما نظرت في نهاية الطريق تنتابها قصص الموت لمن ذهب ولم يعد من قبله , اختفت آثار السيارة المغادرة, وهي تقول ربما لا يعود نهائيا, فهناك الكثير قبله ماتوا في الصحراء, أو قتلهم حرس الحدود , ظلت تراقب النافذة ربما يعود, ربما يفكر في أولاده, في العيش معهم خير من فقدانهم نهائيا, ركب السيارة ورحل عن وطنه, لم يسبق له أن تركها من قبل, يتلفت في الطريق, ويشاهد الجبال والسهول الخضراء,على جوانب الطريق, ولم يجذبه شيء منها, كان يقول في نفسه ما فائدة الجمال والخضرة, من دون مال وفير, كان دائما ما يرجع  تعاسته الى بلده, ويلعن اليوم الذي ولد فيه في هذا البلد، وحين وصلت به الرحلة  أطراف حدود بلاده توجه بالسلام, وقال وداعا أيتها البلاد اللعينة, لقد عانيت فيك الفقر لسنوات عديدة, وداعاً يا وجه الشؤم والحرمان, وانطلق ولم يلتفت إلى الوراء, وفتح يديه إلى الأمام, باتجاه البلد الجديد وصرخ قائلاً: مرحبا بالأرض الطيبة, مرحبا بالجنة, ومرت الساعات والأيام, وهو ينتقل مع رفاقة مشيا على الأقدام, من جبل إلى آخر,من مهرب إلى آخر, وكل طريق أسواء من قبلها حتى تقطع حذاؤه, وتمزقت ملابسه, وصلت سيارة مهرب قادم من البلد الأخر فأركبهم في صندوق سيارته كالأغنام, ووضع الواحد فوق الآخر, كان معهم  رجل كبير في السن, حالفه الحظ السيء, فوضع تحت أربعة أشخاص , وظل يصرخ بأعلى صوته, سوف أموت, حاول الجميع طرق زجاج السيارة, لإيقاف السائق, لكنه رفض التوقف, كاد العجوز أن يموت, زادت الضربات بالأيدي المستميتة خلف زجاج السائق, حتى كاد يكسر, توقف المهرّب ونزل مترجلا وأستل سوطه, وووجه ضربات لكل  من ينزله من السيارة, حتى وضعو الرجل المسن في الأعلى بدلاً من الأسفل, وعاود الرحلة المشئومه, كان المهرب يتركهم في أماكن الحراسة يمشون بتخفي سيرا على الأقدام, فينتظرونه ليالي ينامون في الجبال, وتهاجمتهم الحيات والعقارب والوحوش, وكلما حاولوا الهرب أطلقت شرطة الحدود عليهم النار, فيجد نفسه يجري بين صخور حادة, تمزق أقدامه المتهالكه, لقد وصل به التفكير عدة مرات في تسليم نفسه لحرس الحدود, ليرتاح من هذا الكابوس,كانت قدماه تضرب وراء ظهره من شدة الجري, فتلطخ الدماء قدميه وظهره, لقد تقطّع الحذاء الذي اشتراه من أفخم محل في أول جبل حدودي, كان يجري بسرعة بطل كأس العالم في سباق المسافات الطويلة, تمزق جسده وملابسه وسقطت ساعة يده ذات الحزام الجميل الذي أهدتها له محبوبة أيام الشباب, لم يعرف متى سقطت منه, شعر بالجوع الشديد فتذكر كعك والدته التي أكلها رفاقه في أول لقاء ,لقد نفذ منهم كل شيئ نفذ شحن أجهزة الموبايل ونفذ الماء وكادوا يموتون من العطش, وتاهت بهم الطريق, حاولو السير في عدة اتجاهات في الصحراء, وجرّبوا طرقات عدة , كانو يمشون فيها لساعات,  وتخيب كل مرة, شاهدوا الكثير من الهياكل العضمية, لمن تاه قبلهم ومات في الصحراء, وفي الليل اهتدى السائق بالنجوم أخيراً , وظهرت أضواء المدينة من بعيد, وعاد لهم الأمل كمن يبعث للحياة من جديد, صرخوا بأعلى صوتهم, كمن ينتصر في معركه, حتى وصلوا الى أماكن عملهم الجديد , كان المكان في صحراء قاحلة, ودرجات الحرارة شديدة, وساعات العمل تبدأ من ظلام الفجر إلى ظلام المغرب, والعمل يحتاج الى جهد كبير , لقد كان يتصور أنه سيذهب إلى الجنة, لقد صدم بالواقع, الغبار شديد يحجب الرؤية, يخرج يده فتلفحها حرارة الصحراء كالحريق, وجوه عمال المصنع, مقفرة ممزوجة بالغبار, العرق يبلل ملابسهم الرثة, رائحة فراش نومهم عفنة, حتى قال في نفسه, لو أنني عملت بهذا الجهد في وطني, لكنت كسبت أكثر من هذه الغربة ومرت الأيام, وما من جديد يبشر برزق وفير, ولم يجد سواء أيام سوداء لم يكن يتوقعها, لم يجد الجنة التي كان يحلم بها, أما صديقه الذي باع مواشي وأبقار أمه, ودفع قيمتها للمهرب, فقد كان قليل الصبر, أراد العودة منذ اليوم الأول, وبعد أشهر هرب قبل أن يجمع قيمة المواشي التي باعتها والدته لتصرف عليه ثمن هذه الرحله ,لقد تركها من غير لبن البقرة الذي كانت تقتات عليه, جاء متهرِّباً وعاد هارباً, كان هروب صديقه محبطا له,وبعد أشهر قرر العودة إلى وطنه, إلى أولاده وزوجته,حاملاً معه خيبة أمل كبيرة, وشوقا كبيراً الى بلده, وحين وصل إلى أول أرض حدودية لبلده, التفت بوجهه إلى الخلف, ولعن الغربة, ولعن اليوم الذي فكر فيه  بالغربه, وفتح يديه إلى الأمام, واحتضن حفنة من تراب وطنه, ووزع قبلاته على الصخور والأشجار,كان يقبلها كما يقبّل الأب إبنه, وصرخ بأعلا صوته أنتي أحب البلاد إليَّ وأتجه مندفعا إلى الأمام,وكأنه نجىِّ من النار وأدخل الجنة.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى