ط
الشعر والأدب

الثمرة اليتيمة..قصة قصيرة للقاص / عصام سعد حامد

arton97

سبعة وعشرون عاماً ، سبعة روايات لم تنشر . هو عمره الحقيقى عند وفاته . أول رواية كتبها . كانت بعنوان “إبداع البرتقال” والثانية كانت بعنوان “ميراث الأرواح” والثالثة ” تناسخ الأفكار” ……… وكانت رائعته الأخيرة بعنوان “رغبة التفاح” . 
دفن وحيداً فى مدفن جديد لأسرته , بجوار قبره شجرة برتقال جافة ويابسة , لم تثمر من قبل ……
في العام التالي لدفنه . أثمرت شجرة البرتقال . بثمرة واحدة فقط . نعم . برتقالة يتيمة …. ونظراً ليتمها وظروف إثمارها . لم يتجرأ أحد على قطفها أو تذوقها … إلا أخيه الأصغر . وهو فى الثانية عشره من عمره . تناولها في غفلة من الوعى والأهل , أكلها وإستطعم لمذاقها . الذى كان بطعم التفاح . نعم كانت برتقالة تفاحية المذاق . كاد أن يفقد عقله من اللذة التى سرت فى كيانه وأوصاله من مذاقها . الذى أثار لديه كافة شعيرات التذوق . كأنها برتقالة من الجنة . ولأنها كانت وحيدة ويتيمة . متفردة بذاتها ومذاقها . لهذا السبب بالذات . حزن حزناً مريراً . لأنه لم يستغرق أكثر من عشرة دقائق فى إلتهامها , تمنى أن يستغرق فى أكلها طوال حياته حتى لا تنته لذتها أبداً . فقد سحرته البرتقالة التفاحية لشجرة المدافن , فى الأسابيع التالية لهذه الحادثة – حادثة أكل الثمرة اليتيمة – بدأت بعض التغيرات تظهر على الفتى . فمن ناحية الشكل كاد وجهه يشبه وجه أخيه صاحب الروايات التى لم تنشر ، إكتسبت بشرته اللون الأحمر البرتقالى , بل وبدأت علامات البلوغ الجنسى فى الظهور , فنبتت أهداب لحيته وشاربه ، إزدادت عزلته ووحدته وإنطلاقه فى أحلام يقظة تأملية . منذ أكل هذه الثمرة الفردوسية وهو يشعر بتفتق فى خلايا ذهنه . هذا التفتق يشعر به حقاً ، كأنه ميلاد لشئ جديد . أو إبتعاث لشئ ما بداخله ، يشعره بأن روح أخيه الأكبر تتلبسه منذ أكل هذه الثمرة …..
أنتظر عاماً كاملاً إلى أن أثمرت الشجرة ثمرة أخرى . يتيمة أيضاً . أخذ يراعيها يوماً بعد يوم إلى أن أكتمل نضج الثمرة . قطفها بطقوس أسطوريه نابعة من تجاويف ودهاليز عقله وقلبة وروحه ، ذهب لمنزله , أغلق باب غرفته , جلس يتأملها . مسحور بها , منجذب للذه التى تنتظره , كانت أكثرنضجاً من سابقتها , أضيف إليها طعم الإنتظار والشوق لسابقتها . وبعد أن إستمتع بمذاقها . الذي شرد به فى غياهب الإحساس المرهف . أمسك بقلم ليكتب حكايته . وهو منتشياً بتلك السعادة الطاغية التى حصل عليها من تلك الثمرة الفريدة . وصف حكايته وصفاً دقيقاً أنيقاً بديعاً، كان وصفه لها . سرداً حقيقياً بمعنى الكلمه. كانت كلماته قوية حالمة كأنها سرداً مقدساً . تعمق من خلاله فى دهاليز النفس البشرية ، أكتملت عملية السرد والغوص فى أعمق أعماق بحور الحس الشعورى واللاشعورى ، إنتهت روايته بدقة التعبير ورهافة المعنى . لدرجه لا يمكن وصفها أو تخيلها إلا بإنها رواية من قمم الأدب العالمى الرفيع ، لروعة الوصف ودقته . يشعر القارئ لها برائحة البرتقال والتفاح تزغزغ أنفه ، وتداعب شعيرات إحساسه بمذاقهما . وأطلق على الرواية إسم (البرتقالة التفاحية …. ثمرة يتيمة)
انتهت ،،
الكاتب القاص/عصام سعد حامد مصر أسيوط ديروط

 

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى