كتب / محمد أبو قمر
ـــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــ
========
منذ فترة قصيرة قرأت تويته لنجل الحويني يشبه فيها الجيش المصري بجيش الكفار الذي يواجه المؤمنين في ليبيا ، وهذا الكلام لا يردده هذا السلفي الارهابي وحده وإنما يمثل هذا الكلام فكر السلفية والاخوان بصفة عامة ، وبالطبع لهم أتباع ومريدون .
ومنذ أسبوع فقط قرأت لأستاذ جامعي مقالا يصف فيه أردوغان بالرجل المؤمن والسياسي القوي المحنك ، ثم عقد مقارنة خبيثة بين تركيا القوية المزدهرة صناعيا واقتصاديا وتشيع فيها الديمقراطية والتي تناطح العالم شرقا وغربا بفضل أردوغان وبين مصر – كما يقول – المتخلفة الضعيفة المنغلقة سياسيا والتي يطارد فيها الأمن كافة المعارضين ويسيطر فيها الجيش علي كافة مناحي الحياة .
هذا الكلام أيضا لا يقوله هذا الأستاذ الجامعي وحده ، وإنما يردده معه البعض في أروقة الجامعات المصرية ، والملاحظ أن هذه الطريقة التي توحي للطلاب وللقراء أننا في انتظار المخلص المؤمن الذي سيأتينا عبر ليبيا والذي سيحقق لنا الرخاء والتقدم وينقذنا من العسف والظلم والاستعباد تشبه بالضبط ما يقوله السلفيون والإخوان وتتماهي مع أفكارهم.
لا عجب بعد ذلك حين نري قطاعا كبيرا من الشباب ومن بعض مدعي الثقافة ومن بعض المغيبين يؤيدون الموقف التركي تجاه مصر ويعتبرون المرتزقة والارهابيين في ليبيا جيش المؤمنين الذي سيأتي لينقذ مصر من الكفر والفقر والعسف والجور…..
الملاحظة الأهم فيما سبق هي أن العاطفة الدينية يجري استغلالها عن عمد كوسيلة يسهل بها كسرنا من الداخل ، إذ يوحي كلام الخونة هؤلاء أن أردوغان بمرتزقته وإرهابييه هو جيش الاسلام الذي سيقوم بفتح مصر كما فتح المسلمون مكة فيما سبق.
ليس هذا الكلام وحده هو ما يصنع الفرقة ويهيء الوطن للسقوط والتمزق ، وإنما لك أن تتأمل مليا في فتاوي التكفير التي تنفي بقصد مدبر عن مسيحي مصر وطنيتهم وتتعمد بمكر وخبث الإيحاء بأنهم مجرد ضيوف غير مرغوب في وجودهم وأن مصريتهم ليست إلا صفة لا يستحقونها ، بالرغم من أن المسيحية هي عنصر أساسي من عناصر التكوين البيولوجي للشخصية المصرية ، لكن آلية التكفير التي يتعمد رجال الدين تكرارها والإصرار عليها تستهدف فسخ هذا المكون حتي يتم إضعافنا ويكون سقوطنا في النهاية حتميا.
ثم لأن الطمأنينة والإحساس بالأمان والشعور بأن الوطن خاليا من أي خوف هي من العوامل التي تجعل الجبهة الداخلية قوية وقادرة علي مواجهة أخطار الخارج فكان لابد لرجال الصحوة الاسلامية أن يضربوا هذه الطمأنينة في مقتل وأن ينشروا حالة من الفزع التي تجعل الوطن مكانا لا يفرز سوي الخوف ، وفي هذا السياق تم استهداف المرأة واعتبارها في حالة تحالف مع الشيطان للإيقاع بالرجل ودفعه لارتكاب جرائم التحرش والاغتصاب .
في الأوقات التي لا يواجه الوطن فيها أخطارا قد تعبر الهرتلات السياسية والتخاريف الدينية والتشوهات الثقافية دون أن يشعر بها أحد ، لكن في الأوقات الحرجة التي يكون الخطر فيها علي الأبواب فإن التخاريف والهرتلات والتشوهات تتحول إلي طلقات غادرة تأتيك من الخلف ، فما بالك إذا كان المكفراتي يتعمد فسخك نصفين ، والأفندي المعجب بأداء أردوغان يتعمد وضعك في حالة من الاضطراب النفسي وإفقادك لليقين ، والداعية الجهول يبشرنا بالفتح العثماني الجديد الذي سينفذ الشريعة ويخرجنا من الظلمات إلي النور.