الدكتور المصري : أحمد سعيد سلام قدوة الشباب الطامح
20 ديسمبر، 2015
0 581 3 دقائق
بن زخروفة محمد /مكتب الجزائر
——————————————–
بمثل هؤلاء يجب أن نقتدي، لمثل هؤلاء يجب أن نقرأ ونتابع. من الذين حملوا لواء اللغة العربية، رغم مشقة الحمل، رغم بعد الحلم الا انهم وصلوا بعزمهم و ارادتهم، تابعوا الى النهاية….
__________—_________
هكذا هم العظماء
من أسراري العلمية والعملية:
في عام ١٩٨٩ إشتريت أول جهاز كمبيوتر شخصي وكلفنا الجهاز مبلغا طائلا، وكنت أشعر بالمهانة لأن الجهاز لا يعمل باللغة العربية.
حينها كان لدي ما يقرب من ٢٠٠٠ كتاب كلهم باللغة العربية وكنت أتشوق ليوم أستطيع فيه تشغيل الحاسب بنظام عربي.
في هذا الوقت وكنت بالجامعة وضعت لنفسي هدفا لم أشرك فيه أحد أن أجعل الكمبيوتر يعمل بالعربي. ومن هنا بدأت رحلة إستمرت عشرة سنوات كاملة في تعريب الأجهزة والأنظمة.
وحين صدرت نوافذ ميكروسوفت تمكنت من الحصول عليها عام ١٩٩١ ووجدتها لا تعمل بالعربي وعاهدت نفسي أن أجعلها تعمل بالعربي وقد فعلت ذلك في عام ١٩٩٢ مع دكتور صالح الشهابي ثم من عام ١٩٩٣ حتى ١٩٩٨ في صخر وكنت الوحيد الذي إستطاع فك شفرة نوافد ميكروسوفت إصدار ٩٥ وتطوير تقنيات خاصة للتحكم بكل وظائفها وكل وسائل تواصلها مع المستخدم..
وحين بدأت ميكروسوفت في إصدار نظام النوافذ بالعديد من اللغات الأوروبية وبالعبرية وبلا دعم للعربي في ١٩٩٥ تعهدت بأن أرغمهم على دعم العربية وقد حدث هذا في ١٩٩٨ .
وحين صدر أول برنامج من متصفح الإنترنت من نتسكيب في ١٩٩٣ تعهدت بأن أصدره بالعربي وقد فعلت هذا في عام ١٩٩٥ .
وحين صدر متصفح ميكروسوفت للأنترنت بلغات عدة وبدون دعم للغة العربية قررت بأن أجعله يدعم العربية وقد فعلت هذا .
وهناك تفاصيل كثيرة أحتاج لتدوينها ونشرها ولكن سأقول للشباب كلمات قليلة آخرى علها تنفعهم :
لم يكن لدي يومها أي إمكانات ولا كان يوجد حولي خبرات ولم يكن هناك حافز خارجي، لذا كان على أن أبدأ بإيماني بذاتي وبقدراتي وكان علي أن أخلص النية لله وكان علي أن أعمل وأتعلم بلا توقف .
وقد كنت أعمل بالمتوسط ١٦ ساعة باليوم وكنت أبيت بمقر عملي صخر بالمنطقة الحرة أسفل مكتبي، وكان يمر على الثلاث ليال بدون أن أستحم، فقط أغسل جسدي بالماء والصابون وأعود للمكتب ولم يكن زملائي يعلمون أني أبيت بمكتبي فقط كانوا يروني بالصباح على مكتبي .
وعينت مهندسين بلا خبرة من أغلب جامعات مصر من جامعة الأسكندرية للمنوفية للزقازيق لمنوف للجامعة الأمريكية لجامعة القاهرة لجامعة عين شمس وصبرت على تدريبهم وكنت لهم أخا كبيرا حتى من كانوا أكبر مني سنا .
وكنت لا أتوقف عن القراءة والتعلم والعمل ، ولم أشغل نفسي إطلاقي بغير هدفي .
وكان مرتبي ضئيلا ولم أمتلك سيارة ولا نظارة شمس ولا ساعة غالية وكان لدي حذاء وحيدا وكنت أعطي ثلث مرتبي ما بين تبرعا للبوسنة ودعما لأهلي. لقد كنت بالأساس أعيش لحلمي .
وحين ذهبت لزيارة ميكروسوفت في منتصف ١٩٩٩ وشرحت لهم إمكانياتي لم يتخيلوا أني إستطعت بميزانية ضئيلة وبعشرة مهندسين إنتاج نظام تشغيل عربي تفوق عليهم رغم إستثماراتهم الهائلة .
وقد حوربت بلا هوادة من زملائي ومدرائي في مصر ولكني لم أتوقف، فقد كان هدفي واضحا، كنت أريد تعريب أنظمة تشغيل الحاسبات الشخصية والإنترنت وقد فعلت .
وقد حاول رفعت حفني وأخرون إخراجي من صخر في منتصف ١٩٩٧ ولم أخرج فقد كان تنفيذ حلم التعريب لم يصل لنهايته، ولم أترك صخر إلا حين تيقنت أن ميكروسوفت قررت تدعيم اللغة العربية بالكامل في كافة منتجاتها في عام ١٩٩٨.
ولم يكن هدفي المال، ولا أن أتحكم في النظم العربية أو المحتوى العربي، كما كانت تريد صخر، فقط أردت أن أزيل الحاجز التقني الذي يمنع العرب من إستخدام الكمبيوتر والأنترنت وقد فعلت .
وكل عربي يستعمل العربية اليوم على نوافذ ميكروسوفت وعلى الأنترنت عليه أن يتذكر أن دعم اللغة جاء بعد عمل شاق وتنافس حاد ومهمة كانت أشبة بالمستحيلة .
وأرجو أن تفخروا بما قدمته لأمتي ووطني في ذلك الحين، وأرجو أن تتذكروا أن الأحلام المستحيلة عند الكثيرين تصبح مهمات لازمة التنفيذ عند آخرين .
ولم أحاول يوما أن أبيع حلمي أو أتاجر فيه أو أقايض عليه، ولم أطمع بشهرة ولا بثروة، فقد كان الحلم أثمن وأكبر من أن تحده شهوة أو شهرة دنيوية .
وأرجو من الشباب أن يعلم أنه يستطيع بناء أي شيء يريده طالما إمتلك العقل والإرادة والعلم وقبلهم الإيمان .
وكنت أقول لنفسي حينها لو أردت الهبوط على القمر لفعلت ، ولو أردت الطيران فوق الأرض لفعلت .
وقد سخر مني الكثيرون ، وحاول أخرون تحطيمي ، وسعى البعض بأن يؤذيني ويطعني في ذاتي وفي علمي وفي عقلي . ولكني لم أهتم ، وصبرت وصبرت وصبرت ، فقط كنت أنظر لحلمي وأجد هذا يكفي لدفعي وثباتي .
أيها الشباب لا تستمعوا لمن حولكم ولا تهتموا بمن يعطلكم وأتبعوا أحلامكم وأرفعوا هممكم وتمسكوا بإيمانكم وابنوا أوطانكم .
أيها الشباب لا تحترموا القيود المصطنعة ولا تتبعوا الأفكار البالية ولا تنهزموا ولا تنكسروا وأصمدوا خلف أهدافكم وأستعملوا عقولكم واستشيروا الخبراء وتعلموا ممن كان قبلكم .
وذاك فضل الله على عبده في الأول وفي الآخر أن سخرني لما ينفع الناس ولما ينفع أهلي ووطني وبني جلدتي .