ط
مسابقة القصة القصيرة

الرقص على الأحزان.مسابقة القصة القصيرة بقلم/ وردة جعطيطة من الجزائر

الإسم واللقب: وردة جعطيطة
العنوان : بلدية زغاية ولاية ميلة البلد : الجزائر
الهاتف:00213660467716
البريد الإلكتروني :[email protected]
نوع المشاركة : قصة قصيرة
عنوان العمل المشارك به : الرقص على الأحزان
الرقص على الأحزان
ترددت في فتح عينيها لأن حلمها كان احلى من العسل ،لماذا تفتح عينيها وبأي قلب تستقبل يوما جديدا ، هو ليس بجديد عليها ،وبأي نفس ستواجه زوابع أخرى من الألم ، وبأي صبر ستتجلد أمام مصائبها
لماذا تفتح عينيها والنوم صار السبيل الوحيد الذي يخدر ألمها، وينسيها أن تعاقب الليل والنهار يقربها للنهاية أكثر ، ربما من شدة معاناتها صارت ترى في هذه النهاية خلاصا من عذابها الذي لا يحتمل ،فقد تسلل اليأس الى نفسها وأستحوذت عليها أفكار السوداء التي أبت إلا أن تلون ما بقي من أيامها بالعتمة التي تحرق كل ذرة أمل قد تدق بابها . لم يعد أحد من زوارها يدعو لها بالشفاء بقدر ما يواسيها ويدعوها للصبر لأن المؤمن مبتلى ،وعند مغادرتهم كانوا يشيعونها بنظرات حسرة وشفقة وكأنهم يسلمونها لدار الحق بايادي من حرير ،فأنى لها الصبر وأنى لها أن تقاوم هذا المرض الذي أخذ من جسدها ما أخذ في وقت قصير حتى طبيبها قلت شروحاته وإقتصرت على بعض الكلمات التي تنذر بقرب الأجل ،كالأعمار بيد الله ، إنه أيضا ينتظر أن يختم شهادة الوفاة لم يبق لها سوى زوجها الذي بدأت تقل زياراته مذ سمع كلمة ” سرطان ” وكلما سألته عن سبب تاخره إختلق لها ألف حجة وحجة ، ومع الوقت لم تعد تسأل ، ليس لأنها إقتنعت بحججه بل لأنها ملت من التظاهر بتصديقه ،في كل زيارة له كانت تنظر في عينيه تبحث عن ذاك الحب العظيم الذي كان يكنه لها أيام كانت إمراة فاتنة فلا تعثر في عينيه على شيء سوى نظرات منكسرة تزيدها إنكسارا ،هو الأن لا يرى فيها المرأة الجميلة التي تنعش حياته ، إنها فقط شبح إمراة يسكن سرير المرض.
اليوم إنتظرت زيارته بفارغ الصبر لأنها طلبت منه إن يحضر إبنتها الرضيعة “فرح” حتى تراها وتروي شوقها الذي إحترق في صدرها فكيف تغادر الدنيا دون أن تودعها بقبلة تشفي هذه اللوعة التي إستقرت بقلبها ،دون أن تضمها إليها وتزودها بحنان يكفيها لعمر كامل من اليتم ،حرصت على ان ترتب نفسها اليوم وان تبدو على ما يرام لتترك لإبنتها ذكرى جميلة عنها حتى لو كانت الصغيرة لا تعي بعد ما يدور حولها،تسارعت أنفاسها وتسابقت دموعها حينما رأته يدخل القاعة فارغ اليدين لكن بصحبته إمرأة ولا أجمل تحمل “فرح الصغيرة” بين يديها المرأة لم تكن غريبة إنها جارتها فاطمة ،إستقبلتهما بإبتسامة محترقة إمتزجت بدموع الفرح والحزن معا ، ضمت إبنتها الى صدرها وقبلتها كثيرا ثم قالت لزوجها بصوت إختنق برائحة البكاء :لم يتسنى لها الفرح ستفقد أمها باكرا ،أرجوك إمنحها حنان الأم والأب معا .أشاح بنظره عنها وقد تدفقت دموعه كيف له أن يخبرها أنه قد تزوج من فاطمة منذ شهرين ، كيف يزيد وجعها وجعا أخر ،ثم قال لها :لا تحزني لقد منحها الله أما أخرى تمنحها كل الحب والحنان ونظر الى فاطمة ، نظرت إليه وحبست دموعها لم تدر ماذا تفعل هل تحزن وتندب حظها لأنها خسرت كل شيء ، لا لابد لها أن ترقص فرحا لأن إبنتها ستحضى بأسرة تمنحها الحب والرعاية حتى لو كان فرحا مغلفا بالحزن ، تماسكت ،تجلدت وأختارت الصمت ،فالصمت أحيانا يكون أبلغ الكلام ،ودعتهما بإبتسامة وودعت معهما كل أمل لها في الحياة ،وجهت نظرها نحو النافذة وأخذت تراقب قطرات المطر التي تنزل من السماء ،فالسماء تنزف مطرا ، الأقلام تنزف حبرا والقلوب تنزف حزنا ،لكل نزيفه الخاص التي لاتراه إلا عين إحترفت الرقص على الاحزان .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى