مكتب الأردن من / منال أحمد
اختتمت يوم الرابع من أكتوبر الروائية خالدة غوشة مشاركتها في التظاهرة الثقافية الأردنية معرض عمان السادس عشر الدولي حيث التقت بالعديد من أدباء المهجر الفلسطيني والعديد من أدباء وكتاب عرب من مختلف الدول العربية، وقدمت مداخلة يوم أمس جاء بها.
(القدس المدينة الوحيدة التي يجتمع فيها التناقض، هي المدينة التي صُنع فيها تاريخ البشرية، حجارتها تروي تاريخا عظيما، فكل حجر فيها قد شهد رواية يرويها اذا ما مررت من جانبه.
أن تعيش في القدس ليس شيئا سهلا فمن سورها وابوابها تستمد القوة … قوة الفكر وقوة العاطفة تمدك بقوة البصيرة فهي التي شهدت قساوة الغزاة. أما أن تكتب من القدس فتلك صعوبة ما بعدها صعوبة، ان تكتب في ظل تلك التناقضات ليس سهلا ففي كيلوا متر مربع أراد الله أن يكون حائط البراق وقبر السيد المسيح وقبلة المسلمين الأولى ….
أن تسير في ازقتها ما بين حارة اليهود وحارة النصارى والحي الإسلامي فا هذا التناقض يفرض نفسه على كتاباتي.
لا يمكن لي أن أمسك قلمي واكتب خارج اسوار القدس، لا يمكن لكلماتي ان تنساب على الورق وأنا لا أنظر الى القبة الصفراء ، فهناك على جبل الزيتون لا بد لكلماتي ان تنساب من حبر قلمي. هناك على جبل القسطلل تنطلق كلماتي في فضاء القدس لتهبط على ورقي
في القدس لا يمكن لك أن تكتب شعرا او نثرا او أدبا دون أن تحاصرك مأساة القدس التي تهودت التي أختطفت من بين أيدينا… أختطفت ليضعوها في صندوق إسمنتي أسموه جدار.
سرقوها بسبب ضعفنا وقلة حيلتنا … تلك السرقة لا بد أن تنعكس في حبر قلمي واوراقي التي كانت متناثرة وتجمعت على اسوار القدس.
تلك هي مدينتي التي أكتب منها ، فلا بد أن تتواجد المرارة في كتاباتي لا بد للقهر أن يفرض نفسه على كلماتي لا بد للقسوة والظلم ان يظهرا بين سطوري، من كتب خلال العشرين سنة الماضية من القدس لا بد أن يكتب بحزن.
لهذا ستجدون في روياتي الأخيرة الخيط الأبيض أستجلب الأمل رغم قسوة المشهد ما بين القدس وبغداد، ففي بغداد يموتون بلا ثمن أما في القدس يطعنون ليموتوا … هناك في القدس تُسجن لأشهر جثامين الشهداء وهناك في بغداد تتناثر بقايا الجثث في الهواء.
من يكتب من القدس لا بد أن تكون عاطفته صادقة أن يكون رومانسيا أن يكون إنسانا أن تكون له قضية لأن الإنسان في القدس قضية.
اعود واقول …. في القدس أم الشهيد تزغرد وبيت العزاء يحول الى بيت استقبال التهاني، هذا كله يفرض نفسه على كتاباتي.
في القدس الحجر مشتبه به والمطر مشتبه به حتى الثلج مشتبه به وضع اليد في الجيب مشتبه به أن تعطس في القدس فأنت مشتبه بك إلى أن تثبت أنك فقط تريد أن تعطس وقد تصبح جثة هامدة على درجات باب العامود قبل أن تثبت انك كنت تريد أن تعطس.)
هي ككاتبة فلسطينية تكتب من القدس الشريف تحاول دوما أن تستنهض ذاتها في كل رواية جديدة تكتبها، إلا أنها كما قالت عاصرت شعبا في الكاتب من القدس رغم الحصار رغم الإحتلال يحاول دوما أن يستنهض ذاته ليغير من حاله، يستنهض ذاته من حين لأخر من أجل مستقبل أفضل، يستنهض نفسه ليس لنفسه بل لأجل اجيال قادمة، وأطردت قائلة (نعم حياتي في القدس تؤثر على كل نهايات روياتي، ورغم النهايات الدرامية لروياتي ألا أن بها أمل دوما نحو مستقبل أفضل.)
ورغم كل ذلك تقول: محظوظ من يكتب من القدس والمرابط هو من يكتب للقدس فلا تجعلو من القدس اندلس ثانيه وقبل ان نشرح للاوروبيين عن القدس علينا ان نشرح ونعيد الأمة العربيه للقدس لأنهم نسوها واستسلموا لأن يجعلوا منها اندلس ثانيه…