ط
هنا الأردن

السحر والشعوذة مرض العصر..

مكتب الأردن
د.منال احمد الحسبان

بقلم : جميلة عويصي السرحان

كثر المشعوذون في الآونة الأخيرة ممن يدعون الطب ويعالجون عن طريق السحر، أو الكهانة، وانتشروا في بعض البلاد فاستغلوا البسطاء من الناس ممن يغلب عليهم الجهل، وإن في ذلك لخطر عظيم على الإسلام والمسلمين؛ لما فيه من التعلق بغير الله تعالى ، ومخالفة أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
إذ حذر منها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال:

“اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَات”ِ.متفق عليه.

والسحرُ عالم عجيب تختلط فيه الحقيقة بالخرافة، والعلم بالشعوذة، كما تختلط الدوافعُ والبواعث بالغايات والأهداف، وهو عالم ظاهرهُ جميلُ خلاب يفتن قلوب البسطاء ، ويخدعُ السذج والرعاع، وباطنه قذر عفن ، يتجافى عنه أولو الألباب ، وينأى عنه أصحابُ القلوب المستنيرة ، والفطر السليمة، وتاريخ السحر تاريخٌ أسود قاتم ، فهو خدعة شيطانية يضلُّ بها شياطين الإنس والجن عبادَ الله ، فيوقعونهم بالسحر في أعظم جريمة ، هي الكفرِ والشرك والضلال ، وهي من الكبائر.

وبالرغم من منع الأديان والقوانين للسحر والشعوذة ، فإن السحرة يشكلون مرجعية راسخة في حياة كثير من الناس لتدبير شؤونهم وحل مشاكلهم وشفاء أمراضهم ، فالخداع أكيد في هذا العالم ، وكذلك الأوهام وحجم الاستغلال والدجل كبير جدا.

فلقد عملت الحياة المادية الجافة على قساوة القلوب ، فجفت ينابيع الخير في أرواح الكثيرين ، فكثرت المشكلات النفسية التي أفقدت كثير من الناس الراحة ، فلجأوا يبحثون عن الحلول عند السحرة والمشعوذين فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار.

إن المشعوذين يبيعون اﻷحلام واﻷوهام التي يعلق عليها الضحايا سعادتهم ،فيقومون بطرق باب اﻷول فالثاني فالثالث ليبيعوهم الوهم من جديد.”أنت مسحور وبحاجة إلى فك السحر”هذا الجواب الذي تسمعه حين زيارتك ﻷي مشعوذ وبعدها تدخل في دوامة لا تستطيع الخروج منها.

يقول الله عز وجل :”وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى”، آية كريمة يقرأها ويعلمها القاصي والداني ، ولكن بالرغم من ذلك فإن السحرة والدجالين لا يزالون يفلحون في جذب الناس المتوهمين في قدرتهم على حل المشاكل وشفاء الأمراض .

والقضية اﻷخطر على مجتمعاتنا من السحر والشعوذة هي قضية هوسنا بهذا السحر فنعلق عليه أخطائنا وفشلنا وأمراضنا النفسية ، وهذا يبعدنا عن اﻷسباب الحقيقية فإن فشل ابن بالدراسة قيل:أصابته عين، وإن فشل زواج قيل : أصابتهم عين.
فكثير من الناس يسقطون مشكلاتهم على شيء آخر حتى يبرأوا أنفسهم أمام الناس .
وإننا لا ننكر السحر بحد ذاته ولكن ننكر بأن يكون السحر تلك الشماعة التي نعلق عليها أخطائنا .
ومما هو خطير أيضا هو ما يتم وصفه للضحية من مواد يشربها أو مواد يضعها في الطعام وعادة ما تحدث مشكلات وضررا بصحة الجسم.

فالمشعوذون لهم قدرة على اﻹقناع فتجد الضحية تدفع المال دون إرادتها وتنفيذ ما يطلب منها ،حتى أن كثير منهم أصبح يستخدم التكنولوجيا فأنشأوا المواقع اﻹلكترونية ومدارس لتعليم السحر عن بعد وهنا تكمن الخطورة على مجتمعاتنا ، وذلك بسبب سهولة وصولها لجميع الناس وخصوصا اﻷطفال الذين لديهم شغف لمعرفة كل شيء.
إضافة إلى إضاعة بعضهم لحياته عند إعتقاده بأنه مسحور فيقضي عمره بمحاولة فك السحر فيؤرق عيشه فلا يحيا حياة طبيعية.
حتى أن بعض المهووسين بعالم التنجيم يبدأون يومهم بقراءة طالعهم ويسألون المنجم عن أي قرار في حياتهم .

ولابد لنا في ذلك من اللجوء للعلم والثقافة والدين لا للسحر والخرافة.
إذ يؤكد اﻷطباء ضرورة مراجعة عيادات الطب النفسي إن حدثت مع أحدهم مشكلة، والبعد عن ذاك اﻹعتقاد الخاطيء بأن اللجوء للطب النفسي تهمة في العقل .
ويقع على عاتق أسرنا مهام جليلة في التربية الاسلامية الحق وجلسات الذكر وقراءة اﻷذكار صباح مساء ، لا زرع أن اﻹبن أو اﻹبنه إن حدثت لديهم مشكلات بأن لديهم مس أو أصابتهم عين أو حسد ، حتى أننا أصبحنا نسمع ابن الثماني سنوات يتحدث في الحسد والعين وغيره…

نسأله سبحانه أن يقي المسلمين هذا الخطر،أما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه ، فأهم ذلك وأنفعه هو التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والمعوذات المأثورة ، وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليه ، وهي أيضاً من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه، مع الإكثار من الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس.
ولما كان الله هو خالقنا ومربينا ومسيرنا فلنتحصن به،فهو الذي يعلم ضعفنا وعجزنا.

والحمد الله رب العالمين..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى