ط
مقالات وأعمده

السيدة بثينة ..رحلة عشق وكفاح بقلم الكاتب / أحمد خميس

بقلم الكاتب الكبير /أحمد خميس

الست بثينة ضحت بحياتها من اجل المسرح تخيلوا انها كانت بتقدم عروض مسرح كاملة فى منزلها الصغير الفقير لاهالى منطقتها فى الفيوم كتبت عنها مقال نزل النهاردة فى جريدة مسرحنا ياريت تشوفوة وتعرفوا الاخلاص والاجتهاد بجد

الست بثينة
رحلة عشق وكفاح
احمد خميس

بعد متابعتى للفيلم الذى كتبة واخرجة الممثل والمخرج المسرحى الكبير جمال قاسم عن (بثينة) عاشقة المسرح الجسورة فى الفيوم فاجأة راسى الكلمات التى يتلوها المواطن المصرى البسيط ابان العصر الفرعونى وقت حسابة والتى تحوى الاعترافات السلبية ( انا لم الوث ماء النهر , انا لم اتعدى على المسكين , انا لم اسرق شئ , انا لم ادخل المعبد بدون حق ) فالحقيقة ان تلك السيدة التى قدمت خلال مشوارها الفنى مايزيد على 120 مسرحية مابين التمثيل والاخراج تستحق بأمتياز ان تنتمى للتاريخ الفرعونى الذى نعتز بة كثيرا , ولو اننا قارنا بينها وبين اى المطالبين بالمسرح المستقل حتما سترجح كفتها , فهى تقدم المسرح فى بيتها الفقير بحارة (درب الكاشف – الفيوم) للناس دون مقابل وبدعاية بدائية اذ تعلق ورقة كبيرة على باب البيت تكتب فيها اسم المسرحية والممثلين فيها كل بأسمة واسم الدور الذى يقوم بة الى جانب القائمين بالموسيقى والديكور والاضاءة , الى جانب انها تعقد البروفات فى بيتها وتسمح لفريق العمل بالاضافات الجمالية التى تدعم العرض بحيث يبدو فى صورة تجذب البسطاء من اهل الحى الذى تقطن فية , لم تطلب من وزارة الثقافة ان تدعم عروضها بأى شكل من الاشكال , ولا تعرف حتى معنى المسرح المستقل بمفهومة العلمى ولا حتى مصادر دعمة , هى فقط تعتمد على مجهودها الخاص ورصيدها الفنى عبر سنين طويلة مع اهل البلد , وفى ظنى ان الوزارة ايضا تبادلها جهلا بجهل فلم نقابل فى اى وقت اى اهتمام بتلك السيدة أو بعروضها الخاصة , رغم انها عملت تحت لواء الثقافة الجماهيرية لفترات طويلة وتذكر بالاسم العروض التى قدمتها والادوار التى قامت بها والمخرجين اللذين اثروا فى تجربتها واذكر منهم (عبدالرحمن الشافعى , وعباس احمد )
ونظرا لكونها تعلم ان العمل فى المسرح لن يكفيها كى تفتح بيتها فتجدها قد مرت بتجارب عمل كثيرة , فقد عملت كخياطة وكهربائية سيارات وكانت حسب تعبيرها أول امرأة تخرج رخصة قيادة كى تعمل بها سائقة اجرة , فالمسرح بالنسبة لها وسيلة استمتاع وتقديم وجهة نظر جمالية ومرهون بالقضايا التى تفسر اللحظة الراهنة أو التاريخ المختلف علية ,
وقد مرت بتجارب قاسية وكافحت بشتى السبل كى تنعم بحياة كريمة ولا تلجأ لوسائل الاستجداء أو جذب التعاطف مع ظروفها الصعبة , هى فقط تحارب الظروف والامراض بالوعى الفارق لمعنى الفن المسرحى دون أن تقرأ فى نظريات علم الجمال أو علم النفس أو حتى العلوم الاجتماعية
المسرح بالنسبة لها شفاء من كل داء فهى مريضة بالضغط والسكر ولكنها تنسى تلك الامراض حال تحضيرها لعرض ما أو حتى اثناء الشروع فى البروفات , وتقول فى ذلك عن نفسها ( فى المسرح ببقى كويسة , بنسى انى عيانة بالضغط والسكر , وببقى ولا بنت عندها 17 سنة ) لم ترزق غير بولد وحيد معاق استطاعت ان تزوجة من احدى قريباتها وهو الابن الذى عمل معها فى عروضها المسرحية حينما كبر فاصبح مسئولا عن الالات الايقاعية بالعرض , كما اصبح مسئولا عن الاضاءة حيث يقوم بعمل خطة اضاءة مناسبة للعمل المقدم وعندة خشبة لاتزيد مساحتها عن 40 سم متر عليها بعض المفاتيح التى يتحكم بها فى اضاءات العرض وعادة ما يقوم بتلوين مصادر تلك الاضاءة بما يناسب اللحظة الدرامية المقدمة وباوراق السلوفان التى يعتمد عليها فى تلوين المشهد المسرحى , كما انة وحسب رؤية المخرجة قد يستعين بلمبات الجاز القديمة كى يعطى جوا شاعريا لبعض المواقف ويدعم بعض الاداءات برتم الدف الذى لايفارقة
وعن الفيلم الذى صنعة المبدع جمال قاسم عنها تجد المخرج الواعى الذى يتتبع اكثر من طريقة لعرض حالة الست (بثينة) فالفيلم معنون بأسمها وفية نجد صوت المخرج كحكاء يتناول حياة تلك المرأة الاسطورة وهو هنا ينوع بين الراوى وبين التناول التسجيلى والدرامى , فلن تجد معلومات تلغرافية وانما مراوحة بين تلك الطرق فى تقديم الفيلم فالبروفة كانت الملهم الاساسى لتطوير الحدث فى الفيلم , ومنها يتحرك الحدث فى اكثر من اتجاة بين الحياة الخاصة وطرق تحضير العرض المسرحى سواء ببروفات الترابيزة , وهى هنا بالمناسبة طبلية صغيرة فى فناء المنزل أو حتى التفكير فى الديكور المناسب للحدث الدرامى وزاوية الرؤية بالنسبة لمشاهدو العرض المسرحى وهم هنا لسوا جمهورا عريضا فالمكان يسع لعشرون فرد أو ما يزيد قليلا , يتناول الفيلم حياة الست بثينة من خلال تحضيرها لعملها المسرحى الجديد والمعنون ب (اغنية الموت) مسرحية توفيق الحكيم المعروفة والتى تناول فيها قضية – الطار – من خلال فهمين مختلفين (عساكر) الام التى اخفت ابنها عن الانظار لفترة طويلة وارسلتة لكى يتعلم بعيد عنها وعن اهل البلد وتنتظر منة ان يقتل سوليم الطحاوى الذى قتل زوجها و (علوان) ابنها المتعلم العائد لتوة بعد غياب طويل عن المنزل الفقير والذى تغيرت نظرتة للحياة واصبح انسانا متسامحا لايرضى بالعادات والتقاليد القديمة التى عفا عليها الزمن , والعرض هنا يقدم الصراع بين طريقتى الفهم وينتهى بقتل علوان , وقد طعمت المخرجة الحدث بغناء شعبى حى لكى تلهب حماس مشاهدو العرض وتقدم لهم وجبة منوعة من فنون الاداء كونها تعرف الاذواق التى تحيط بها والتيمات والقضايا التى تعنيهم
بعد نهاية المسرحية يعود المخرج لبثينة مرة اخرى ويحصل منها على الكلمة المفتاح فى حياتها فهى مقتنعة تماما بنصيبها وماقسمة اللة لها وغلفت تلك القناعة بكلمة دالة يمكن ان تكون عنوانا لقصة كفاحها اذ قالت فى لهجة ملؤها الرض (القنع حلو) هكذا عاشت الست بثينة التى تعانى الان من امراض عديدة فهل تجد اهماما من القائمين على الثقافة الجماهيرية أو المسئولين بوزارة الثقافة ؟

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى