ط
مسابقة القصة القصيرة

الشاطئ الآخر..مسابقة القصة القصيرة بقلم / سعد أحمد عبدالله علي من مصر

القصة القصيرة
الشاطئ الآخر
تناثرت الدموع في الهواء لترطب ذرات التراب الهائجة لتسقط علي سطح الوجوه الشاحبة ….
لم تستطع الدموع أن توقف التيارات العاصفة للرياح التي تسبق رمشة العين إذا سقطت عليها ذرة من التراب ….
دوامات عاتية من الرياح المتربة تتطاير معها جلابيب الأشباح التي تتلاطم و كأنها أمواج البحر الهائج في يوم عاصف …
تختلط الملامح ، تتوه الوجوه …
لا تعرف من ينوح من الذي يصرخ من التي تلطم أو تندب .
الكل تدمع عيناه حزنا وحرقة .
التراب غطي الوجنات ، الدموع ترطب الوجنات الشاحبة فتصير الأشكال أشباحا تحمل هم الدنيا كلها .
تدوي الآهات ، تتمايل الأشباح حول ظل هامد ، ساكن لا يتحرك ..
أعتقد أنه لكائن كان ، قدماه .. أطرافه …وجهه ..
لا أستطع تمييز شيئ منه سوي ذلك .
إنها مجرد خواطر و خيالات تهفو في وجهي …
قطعة من الخيش البالي و بعضا من ورق الجرائد المبلل ، الأشباح تحول عن رؤيتها
وتحاول الأشباح النيل من تلك الكومة الهامدة و لو إختلاس نظرة واحدة منها ؟
تتمايل الأشباح هنا و هناك في مشهد جنائزي يلتمسون العفو من هذا الشيئ الذي لا أتبينه و الذي لم أستطع الإقتراب منه .. لماذا ؟! لا أعرف ؟! .
شيئ مخيف حقا ، إنك لا تري شيئ سوي الوجوه و قد شاحت …
لقد خيم الحزن و الأسي …
الشمس في منتصف السماء ، لا أصدق ما آراه و أحس به ، فلا أحد يبالي بحرقة الشمس و قسوة أشعتها في صيف قد لا يمر علينا إلا كل عدة سنوات ..
الدماء تجري في العروق ، القلوب تخفق أكاد أسمعها تعلو و تنخفض في الصدور ، الأفواه تفتح وتغلق ، الأبصار ذائغة ، الأيدي لا تكف عن التلويح و كأنها في وداع عزيزعلينا …
إختلط فكري ، و شرد عقلي و إختل توازني ماذا دهاني ؟!
إنني أري مياه هائجة ….
لا .. إنني أري نيراع و هلع ..
لا لا .. إنها عربة طائشة ..
لم أهتم فكلها علي قدر ما تعطي فإنها تسلب و تنهب الإبتسامة من الشفاة ……….
لا أدرك ما أنا فيه ..
حاولت جاهدا لأدرك الواقع ولم أصل لحقيقة واضحة ..
حملقت وفركت عيني وأنا أقف علي جانب الطريق فلم اتبين شيئ ..
حملقت مرة آخري و أنا أترنح حتي حافة الشاطئ …
لا لا .. بل منتصف الطريق و عيناي تسيل منها الدموع .
أمسح دموعي بإصبعي الإبهام ..
لا أدري لماذا أنا أدمع ..
لا لا .. بل أبكي بحرقة ..
حاولت الهدوء و الدوران للخلف ..
لا أري شيئ سوي الأشباح و قد إمتدت في حشود هائلة ، تبعد علي مرمي البصر و كلها تقترب من الكومة الهامدة .
رباه .. ماذا أري ؟!
لا أصدق فكأنه يوم تحتفل به القرية لوداع شخص ما .
إستدرت مرة آخري للشاطئ الآخر ..
الوجوه حملقت بعيدا ، الأصوات إرتفعت ، ذاد الضجيج و الهلع ..
ملت بطرف عيني اليسري بعيدا ..
لأجد سيارة تشق الطريق بسرعة رهيبة تخرج صوتا يشبه الموسيقي الكلاسيكية الصاخبة ..
لا أظن أن الصوت غريبا عني ، فطالما سمعت ذلك الصوت أكثر من مرة كل فترة من الزمن !!
أحنيت رأسي في حزن و أسي لتمر سيارة الأسعاف لتحمل غريق القرية .

باحث قانوني / سعد أحمد عبدالله علي
01003872707
سوهاج – أخميم – آبارالوقف – بحري البلد

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى