ط
مسابقة الخاطرة

الشاعر.. مسابقة الخاطرة ..بقلم / خالد بدوى من مصر

الأسم – خالد بدوي محمد عبد اللطيف
مصر – محافظة الجيزة
م – 01280412661
العمل – خاطرة بأسم الشاعر

الشاعر

الصبر مفتاح الفرج، كان يتغنى بها المدَّاح في مولد سيدي عبد الرحيم القناوي، يروي لي والدي دومًا قصة النخلة التي تتوسط دارنا، التي اخترقت سقف الحجرة لتواصل نموها، لا يعرف والدي شيئًا عن قانون الجاذبية الأرضية، الذي تتحداه النخلة حتى تنمو عكسه، قُلت في نفسي ذات يوم: «دعه من ذلك الهراء، وماذا يعني إن عرفها، ما دام يحب جذب الأمل المتلألئ في عيني >>.
في ليلة لم تنم فيها قريتنا، ابن بلدتنا الشاعر الكبير سيحل ضيفًا في أحد برامج التلفاز، رأيت في عين والدي أمنية وفرحة لا يمكنني وصفها، حين سكن الليل كتبت قصيدة بمشاعر متأججة شوقًا، صارت قصيدتي المنتظرة، نعم هي القصيدة ذاتها التي لا يمكنني أبدًا كتابة أفضل منها، غدًا اللقاء الأول بحبيبتي، خلدت إلى النوم مبكرًا، محمولًا على جناحين من الأمل والأحلام، لكن صورة طير البوم دائمًا تطاردني، يطل عليَّ من نافذة التشاؤم، يمزق قصائدي بمخالبه.
من الصعب أن ينتظر أحدهم القطار وفي حقيبة سفره شوق يحترق، عشرون عامًا استقى كلمات الصبر، أنتظر الوصول إلى حبيبتي الكبرى (القاهرة) حتى تلامس أحلامي أرض الواقع، بدلًا من معانقة النجوم، لكن رغم ذلك الشوق، أحمل في نفسي خشية، من قلمي الجريء لأنني أدرك جيدًا أن أصحاب الأقلام نوعان؛ قلم ذو ألوان هجينة عن القزحية تصل بصاحبها إلى تيجان مزيفة، وقلم أسود المداد أبيض لامع كالمرآة يكشف الخفايا، ربما يقتل صاحبه في تهمة مزيفة.
صدحت حنجرتي أوراق قصائدي الصادقة التي تحمل صورة أبي، الشجرة الباسقة، الهرم، النيل، الحب، الصدق، العدل، الحرية، صفق الجميع، بعد أن حملوني على الأكتاف، صرت مطاردًا، يخيل لي أنه تم تغيير نظرية الحجر الصحي التي تحوي الجنون والكذب، حتى أمست محجرًا للصدق والإبداع.
خلال الفجر الجديد ونسمة الصبح تشفي الصدور، انزاحت الغمة في الثمانية عشر يومًا وليالي الشتاء الباردة التي تحمل في صريرها أجنحة الموت، نسيت آلامها ليلة الحادي عشر من فبراير، مرت الأيام، نتفاخر، نتشدق، اختلفنا، ما زالت صورة الخفافيش تطاردني، تناساني الجميع، هاتفي كف عن الضجيج، مَن كانوا معي متشابكي الأيدي، نحتمي ببعضنا البعض من برد الشتاء، اليوم صاروا نجومًا.
مرت ليالي سمجة ثقيلة، حبات المطر تصعق جسدي العاري ألمًا، المشهد ينذر برءوس البوم تطل خلف الظلام الحالك، بعد أن أصبحت قصيدتي الجديدة تطرق كل الأبواب المقفلة، كل شطر هو سهم يصيب الهدف، زائر الفجر قالوا عنه إنه انتهى، نم مغمض العينين، لكن هذه المرة عاد مشتاقًا لرائحة الموت، الدماء والعذاب الآخريين متعته، عُصبت عيناي بخرقة سوداء، ألقوا بي خلف القضبان، كالوا لي تهمة الخيانة والتآمر، خط الكاتب اسمي الثلاثي بجوار صفحته المكتوبة سابقًا بالتهم التي اقترفتها.
اليأس رابض على صدري، وقصاقيص أشعاري متناثرة، تطفو على سطح المياه الآسنة، مَن صفق لقصائدي أمس، اليوم استخدمها دليل إدانة عظمى.
كأني رأيت النخلة الباسقة سقطت لتهدم الدار وكل ما فيه تلاشوا، نهضت من تلك الرؤيا على ركلة الجلاد المؤلمة، أخيرًا ابتسمت رغم ألم مزاح الجلاد عندما استفقت من نومي على الأرضية الصلبة، لاح في حلمي شيء من الأمل، ما زالت حلاوته في عيني، رأيت هبوب رياح الفجر العليلة تلملم قصاقيص أشعاري من كل مكان يتغنى بها الأحرار.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى