ط
مسابقة القصة القصيرة

العنوان .مسابقة القصة القصيرة بقلم / وليد المليجى من مصر


العنوان .مسابقة القصة القصيرة بقلم وليد المليجى من مصر
امتد إصبع سعد إلى رقم 5 و ضغط بعصبية بعد أن أغلق الباب فانطلق المصعد بصورة فجأئية رجَّت كل من كان بداخله فى حركة لا إرادية واحدة كأفراد فرقة استعراضية مدربين . لم يكن شغله الشاغل إلا البحث عن طريقة يعاقبه بها . هل يضربه كما اعتاد عندما كان صغيرا أم يعنفه بشدة . لقد تغير الولد كثيرا خاصة بعدما تزوج سعد و انتقل إلى شقة فى شارع مجاور .
يحبه .. لكن يكره فيه عناده و إصراره حتى لو كان على خطأ . لكن الأمر اليوم لا يحتمل التساهل فلابد من عقابه . مرات و مرات ألح عليه بالإبتعاد عن تلك الفتاة و لا جدوى .
التاريخ يعيد نفسه . كم كان حبه لأختها الكبرى عظيما و كم كانت هى مثالية ……يقطع تفكيرَه صوت عامل المصعد .. الدور الخامس .. ينزل بسرعة أمام شقتين . شقة أمه و إخوته … و شقة جارهم المفتوح بابها على مصراعيه . يدخل شقة الجار … يتمتم قائلا .. هاهى أصبحت الآن خاوية منهم …. و منها … هنا كانت تقف .. و من هذه النافذة كانت تتطلع إلى الشارع لحظة قدومى من العمل ثم تغلقها بعدما أمضى . و من ذاك الباب دخلت تجرى باكيةً عندما أخبرونى بأن كل شئ نصيب …
الآن يأتى أخى لتكملة الجزء الثانى من نفس المسلسل بنفس أبطاله و أحداثه .. الأب الرافض للزيجة و البنت الباحثة عن ثمرة الحب العذرى الطاهر و الأم الفاقدة لدورها …لكن اختلفت نهاية الجزء الثانى بقيام الجار بالإنتقال إلى مسكن آخر بعيد ….لا يعلمه إلا قليلٌ من الأصدقاء المقربين إليه بالشارع .. هاهى الشقة خالية من كل شئ إلا الذكريات الموجعة .
يخرج بسرعة غاضباً متجها إلى شقة إخوته …. يدخل غرفة أخيه يجده راقداً متسمرَ العينين فى سقف الغرفة .. يجلس بجوار الفراش .. ينهض أخوه محييا إياه بابتسامة يشع من وراءها بريق حزنٍ و انكسار . يبادر سعد أخاه بصفعةٍ على وجهِه .. هل رأيت ماذا فعل بنا جهلك و غباؤك ؟؟ كنت سببا فى تشريد أسرة بانتقالها من مسكن عاشت فيه عقودا من الزمن بإصرارك على الإرتباط بإبنتهم و أنت تعلم أنك غير مؤهل لذلك الآن ؟؟ أعلم أنها تحبك و لكن أين كان عقلك عندما عشقتها كل هذا العشق ؟؟ لقد تركوا المكان خوفا من ارتباطكما سراً و وضع الأسرتين أمام الأمر الواقع ….. عشتَ قصَّتى كاملة .. من بدايتها و حتى لحظة إسدال الستار.. ولم تتعلم منى شيئا …لأنك لم تدرك كم كنُت مثالياً عندما قنعتُ بما قدِّر لى ….. أما أنت فما زلتَ تبحث عنها فى كل مكان … حتى أصبحت أضحوكة الكل بجنونك بها ……
يبتسم الأخ بدموعٍ تملأ عينيه سائلاً أياه . هل أنت حزينٌ لفراق من أحببت ؟ يرد بشجاعة مصطنعة يملؤها الحرج …. لدىَّ من الشجاعة ما لا يجعلنى أنكر ذلك ..
يقول الصغير … أعلم مدى انهيارك و إن تظاهرت بالقوة و التماسك .. إنها نهايةٌ طبيعية لمن يتخاذل عن القتال من أجل من أحب ..
امّا أنا … لن أيأس . سأبحث عنها فى كل شارع و بيت حتى أجدَها .. فان لم أجدْها .. فلن أحزن .. سأكون راضيا لأنى كنت فارساً خسر الحرب بعدما فلَّ سيفُه و نفِقَ جواده …
يقفز فجأة من فراشه متجها صوب الحمام .. يعود بعدما زالت عن عينيه آثار البكاء … مازال سعد بمكانه .. تبدو علي وجهه علامات الحزن الشديد .. ينتهى من كتابة شيئ ما على قطعة صغيرة من الورق .. يتركها على المنضدة الصغيرة بجوار الفراش .. ينهض للانصراف …. لا يعبأ بطلب أخيه تناولَ العشاء معهم … ينصرف مهموماً صامتا .. يتناول الأخ الورقة الصغيرة ليقرأ ما بها …
19 شارع جلال الدين بالمنيل .. الدور الثالث .. شقة رقم 8 .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى