ط
مقالات بقلم القراء

الفول بتاع الفراعنة . بقلم / دكتور محمود المحمدى عبدالهادى

الفول بتاع الفراعنة

كتب/ دكتور محمود المحمدى عبدالهادى

دكتوراه الإرشاد السياحى

إن خلص الفول أنا مش مسؤول واللى ياكل الفول يمشى عرض وطول ،عبارات نسمعها يومياً وترتبط فى ذكرتنا ببائع الفول الذى يتجول بشكل يومى شوارع مصرنا الحبيبة  أمام منازلنا فى المناطق الشعبية وخاصة خلال فترة شهر رمضان الكريم لكى يبيع لنا الفول  لنتناوله فى وجبات السحور فعلى رأى جدتى فكانت تقول ( إتسحروا فول فهو مسمار البطن والعقول ) وكانت الجملة بتعدى عابرة أمامى وعندما كبرت فبدأت أفكر فيما كانت تقوله لى جدتى عن الفول وربطه مع الأمثال الشعبية عن الفول فوجدت أن  المصريون يحبون الفول ويقدرونه فأخذت بالبحث عن اصل الفول فى الحضارة المصرية القديمة وعلاقته بالشعب المصرى البسيط .

واتضح لى أن المصريين القدماء عرفوا الفول منذ الأسرة الأولى حيث عثر عليه فى مقابرهم فكانوا يقومون بوضعه بجوار المتوفى ضمن الأطعمة التى سوف يتناولها فى الحياة الأخرى كما كانوا يعتقدون ،ووجد الفول فى مقابر الأسرة الثانية عشر وأيضا فى مقابر مدينة طيبة (الأقصرحالياً) وعثر أيضا على بذور الفول فى مقابر سقارة بالجيزة وكوم أوشيم بمحافظة الفيوم ،وبعضه معروض الآن بالمتحف الزراعى.

ويظهر الفول فى مناظر جدران المقابر وذلك بمقبرة الوزير (رخميرع) وزير الملك تحتمس الثالث حيث يجسد المنظر عمليه تسليم محصول الفول الى المعابد لكى يتم تخزينه .

وورد ذكر الفول فى البرديات الطبيبة باسم (اوريت)  و ( اور) و( اورى) و ( فور ) ولعل اسمعه العالى مشتق من كلمة (فور) بعد ان تحول حرف (الرا) الى حرف (لام) لكى يصبح اسمه فول وهو الإسم المدرج والمعروف به الآن.

و يعد الفول المدمس هو طعام مصرى شعبى لدى المصريين ويعرف فى العالم كله باسم الفول المدمس المصرى ، وإذا تأملنا صناعة الفول ، نشاهد أنه يوضع في قدور بها ماء ، ثم توضع هذه القدرة في رماد الفرن ، وتظل به مدة إلى أن ينضج، ثم يؤكل مدمساً، ويعرف المكان الذى يطهى به الفول بالعامية باسم ( المستوقد ) حيث يتم وضع القدرة ويتم تغطيتها بالوقود مثل خشب الاشجار والحطب والرماد حيث يتم عملية التدميس.

وكلمة المدمس تشير إلى الطريقة التي ينضج بها الفول ، وهی دفنه في الوقود والرماد ، فالفول المدمس ، معناه الفول ( المدفون ) وكلمة ( مدمس ) ليست كلمة عربية فإن أصل كلمة المدمس هى (دمس) والتى تعنى في اللغة القبطية فعل ( تمس ) أو ( ثمس ) أو (تامس) ، بلهجاتها الصعيدية والبحيرية والفيومية ، واللغة القبطية ذات لهجات كأية لغة أخرى ، وجدير بالملاحظة أن (السين) بقيت في الكلمة بجميع لهجاتها ، بينما انقلب الحرف الأول منها وهو ( الثاء ) في اللهجة البحيرية ،و إلى ( تاء ) في اللهجة الصعيدية  ولازلت تستخدم فى جنوب مصر تلك الكلمة ، وهو ما نلاحظه في لغة العامة حتى اليوم ، فيقولون مثلا (كرات ) بدلا من ( كراث )لما بين الحرفين من علاقة صوتية .

ثم أن هذه الكلمة القبطية ( تمس ) بضم التاء بمعنی ( يدفن ) ذات أصل مصری . فهي بالمصرية القديمة – سماتا ، أي ( يتحد بالارض ) أى تعبيرا عن الدفن .

وفى النهاية أدركت حب المصريين للفول وعرفت انه كان أحد أهم المصادر التى إعتمد عليها المصريين القدماء فى غذائهم وأنه كان من أحد الأطعمة التى اعتمد عليها المصريين فى فترات شح الطعام واستخدمه المصريين كطعام رئيسى خلال فترات الاحتلال التى مرت بها.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى