ط
هنا العراق

القانون لا يحمي المغفلين / بقلم د. لنجه صالح حمه طاهر..العراق

العراق / بقلم د. لنجه صالح حمه طاهر

غالبًا ما نسمع الأفراد من مختلف شرائح المجتمع يرددون عبارة “القانون لا يحمي المغفلين” قاصدين بها أنَّ القانون لا يحمي من ليس له إلمام بالقواعد القانونية والأنظمة العامة، لكن الحقيقة هي أنَّ القانون يضفي حمايته على الجميع وهو وجِد أساسًا لحماية الأفراد وحقوقهم وإنصافهم دون تمييز، وإذا ما جئنا الى كلمة المغفل وجدنا أنَّها تحمل معانٍ مختلفة؛ ففي اللغة تعني الشخص قليل الخبرة؛ لا فطنة له والذي يسهل خداعه، أي لا يحسن التصرف لسذاجته وبساطة تفكيره، وانطلاقًا من هذا المعنى عرفه القانون على أنَّه شخص غير كامل الأهلية لوجود عارض اعترض أهليته القانونية فانتقصها، وهذا يعني أنه محمي قانونًا بل القانون وجد لحمايته لأن القانون قد جعل وبنص صريح تصرفات ذوي الغفلة القانونية متوقفة على إرادة القيّم بالتالي لا يمكن له أن يبرم أي عقد أو تصرف وأنَّ كل من يتعامل معه مستغلاً فيه هذه الحالة دون الرجوع الى القيّم عليه وترتب عليه الحاق الضرر به، يكون محاسبًا ومسؤولاً أمام القانون تجاهه، ويكون تصرفه باطلاً أي لا يترتب عليه أي أثر قانوني.

ولكن المغفل في وجهة نظر البعض شخصٌ يتعامل بحسن نية مع الغير مما يجعله عرضةً للنصب والخداع والتغرير، وعندما يكتشف خداعهم له ويطالب بحقوقه أو يلتجأ الى القضاء دون أن يكون له دليل يدينهم، ينصحه البعض بعدم المباشرة بالإجراء القانوني بحجة أنّ القانون لا يحمي المغفلين خاصةً وأن ليس له دليل قانوني يقدمه للقضاء، هنا نقول بأنَّ القانون قد أخذ بالاعتبار أنَّ الثقة وحسن النية هي الأساس في التعامل والمصالح، وأنَّ من يستغفل الأفراد ويخدعهم يدخل ضمن طائلة جرائم النصب والاحتيال وهي واقعة كفيلة بايقاع العقاب على مرتكبها ولا يمكن أن يكون مغفلاً كل من استُغلت طيبته وحسن نيته في التعامل .

وقد يحتج البعض بأن السند القانوني لعبارة القانون لا يحمي المغفلين هي القاعدة القانونية التي تقول “الجهل بالقانون لا يعد عذرًا” نقول أن القاعدة بعيدة كل البعد ولا علاقة لها بهذه العبارة، وأنَّ الجهل بالقانون يختلف عن النصب والاحتيال واستغلال الثقة وحسن النية، فالقاعدة هذه قررت لحسن سلامة وسير تنفيذ القانون بشكل متساوي، وعليه يمكننا القول ان القانون يحمي الجميع بدون استثناء؛ شخصًا سليمًا كامل الأهلية كان أم دون ذلك، لأن الثقة وحسن النية هي أساس التعامل بين الأفراد، فضلاً عن أنَّ هذه العبارة لا وجود لها في أي دستور أو قانون من قوانين العراق الحالية والملغية ولا في أية دولة أخرى، وأن ترديدها المستمر ينم عن عدم الفهم بحقيقة المسؤولية الجزائية والمدنية المترتبة عن الأفعال والتصرفات.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى