ط
مقالات بقلم القراء

الكاذب الرسمي ….. قصة بقلم بوفاتح سبڨاڨ

بوفاتح سبقاق

الزعيم منزعج و متشائم بخصوص إستمرارية حكمه ، إشاعات كثيرة هذه الأيام تمس بمصداقية الدولة و أركانها ، لابد من إيجاد حل سريع لكي لا يسقط المعبد على من فيه.
وصل المستشار السياسي بسرعة بناءا على طلب فخامته و هو يفكر في طبيعة هذا الأمر المستعجل ، فقد مضت عليه فترة طويلة عاش فيها البطالة السياسية ، بلد أضحت المعارضة كرتونية و الموالاة مجرد جوق تصفيق و رفع أيادي و أشياء أخرى.

– سيدي انا رهن إشارتك ، أمس أرسلنا برقيات لكل الدول التي تعيش أعيادها الوطنية و أبلغتهم حرص فخامتك على تطوير العلاقات الثنائية و إرساء السلم و التنمية المستدامة و طبعا إستعدادنا لمواجهة الإرهاب بحكم تجربتنا الكبيرة في هذا الميدان .
– دعنا من مهامك الروتينية ، قرأت صحف اليوم و بعض المواقع الإخبارية و شاهدت الكثير من القنوات الفضائية ، هناك إشاعات مختلفة هذه الأيام كلها تحكي عن صراعات داخلية و محاولات إنقلابية ، الأمور تفاقمت لابد من إتخاذ قرارات حاسمة .

– يمكننا أن نوقف بعض الجرائد و نغلق القنوات الفضائية المعارضة .

نهض الزعيم من مكتبه و إقترب من شرفة القصر ثم إستدار لمستشاره السياسي قائلا :
– لا داعي لهذه الأساليب القمعية ، حرية التعبير مكفولة دستوريا و المنظمات الدولية سوف تزعجنا إن قمنا بهذا النوع من الإجراءات .
– أقترح سيدي أن يكون لك ناطقا رسميا يعبر عن آراءك و قراراتك و هكذا لا نعطي أي مجال للإشاعات.

– مع انني أفضل الغموض و التعتيم إلا ان طبيعة المرحلة تتطلب ذالك و لا مفر من واجهة رأي و إن كانت شكلية.

– الناطق الرسمي سيكون مهم جدا في هذه الظروف و هل لديك إسم مقترح لهذا المنصب الجديد سيدي ؟

– ليس لدي شخص بعينه و لكن يجب ان يكون لديه قدرة كبيرة على الكذب و المناورة و المراوغة ، بكل بساطة أريده ان يكون كاذب رسمي بأتم معنى الكلمة .

ظهرت إبتسامة ماكرة على وجه المستشار السياسي و إقترب أكثر من فخامة الزعيم …

– إطمئن سيدي الكذب و المناورة و المراوغة هي صفات متوفرة بكثرة عند كل رجالات الدولة ، بل أجزم أننا سنجد صعوبة في إيجاد صادقا واحدا ، إنهم سيدي عصارة عهدك الذهبي خبراء في الوعود الكاذبة و الأحلام الزائفة و لديهم قدرة كبيرة على الإقناع و التبرير حتى أن بعضهم وجد له وظيفة في هيئة الأمم المتحدة .

– طبعا الأمم المتحدة مجرد أكذوبة كبيرة و مهمة الأمين العام الوحيدة هي الإعراب عن قلقه و إنشغاله الدائم ، زمن أصبحت فيه بؤر التوتر مثل إعلان وظيفة شاغرة لفائدة مبعوث أممي خاص .

شعر المستشار السياسي بنوع من الفخر و الزعيم يوافق على أطروحاته المختلفة و خاصة ان المرحلة السياسية الحالية شائكة و كل الإحتمالات واردة ، تأمل فخامته بكل إعجاب و واصل إنفراده السياسي الكبير …..

– سيدي سيكون هذا الناطق الرسمي أو الكاذب الرسمي كما جادت به فخامتك بمثابة حاجز منيع أمام كل المحاولات الرامية لزعزة إستقرار البلاد ، ستصبح الأكاذيب الرسمية حقائق متداولة يصدقها الجميع .

– إذن سنحارب الإشاعات بالأكاذيب الرسمية و الموثقة و بهذه الطريقة يمكننا ان نحافظ على هذا الوطن و تكون ضربة قاضية لكل الأيادي الأجنبية و عملاءها في الداخل ، يجب ان تكون لهذا الناطق ندوة صحفية أسبوعية أمام وسائل الإعلام الوطنية و الدولية و رسالته الأساسية هي الكذب الدائم لمواجهة الإعلام المضلل لأبناء شعبنا العزيز، يعني يجب ان ينطق كل أسبوع سواءا كانت هناك أحداث مهمة أو غير مهمة أو لم تقع أصلا .

– إطمئن سيدي ، حالا سوف أختار لك بعض الأسماء المناسبة لهذا المنصب الجديد ، و أترك لفخامتك إختيار الأفضل .

– لا أريد أن اسمع أشياء من نوع مصدر مطلع و آخر مأذون و آخر لا يرقى إليه الشك ، يجب ان يكون هذا الناطق مصدرا لكل المعلومات التي نريد للشعب ان يعرفها حسب رؤيتنا الخاصة ، يمكنك المغادرة و أنا بإنتظار الأسماء المرشحة لهذا المنصب .

خرج المستشار السياسي مسرعا للقيام بما هو مطلوب ، في حين كانت تبدو على الزعيم سعادة كبيرة و خاصة ان الكاذب الرسمي سوف يبدأ عمله قريبا .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى