ط
هنا السعودية

الكتابة تجرفنا للوعي عبر بوابة الألم ..بقلم / د.عبدالله البطيّان

بقلم / د.عبدالله البطيّان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نحن على جرف يقودنا لنهايات مختلفة، مع أن الأحداث تسلم نفسها لنا غالبًا؛ فنعيشها كما تكون كما يقول سمو الأمير خالد الفيصل في قصيدته النبطية: هذي حياتي عشتها كيف ما جات.. وبدوري أمر على نواحي دوافع الكتابة نتيجة انقداح تواصل حدث بيني وبين شاعر فصيح يمني أراد استشارتي في نص أخبرته أنه لا يخفى عليك أن الشعر تفعيلة، وزن، أن الشعر قِوام…قلت له أنك مسكت قِوام وسعيت لأن تلتزم به، ولكن القوام يحتاج لدربة واستمرارية والأفضل في الشعر النبطي أن تعمل على وزن معروف أو قافية معروفة لكي يستقيم قوامك.

هنا يقودني أثر يرتبط بدافعية الكتابة حيث قرأت أن التساؤل! والرغبة في الفهم دافعان يقودان للكتابة في وجهة نظر الكاتب الروسي فلاديمير سوروكين.

وهذان الدافعان سبيلان للوعي في وجهة نظري وحيث أن الوعي عند المفكر والناقد السعودي محمد الحرز هو الجسد، كما ذكر في كتاب القصيدة..وتحولات مفهوم الكتابة ص 100 تحت عنوان النصوص الكبرى تُعاش لا تُكتب فقط: مسترجعًا بيت (أبي العلاء) الذي أوصئ به على قبره:
هذا جَنَاهُ أَبي عَلَيَّ
وما جَنَيْتُ عَلَى أَحَدْ.

يشعر بالألم ذاته الذي اعتصر قلب (المعري) بسبب وعيه العميق بالحياة والموت والوجود.

يقول أبي فراس- أ.محمد الحرز-: الوعي عندي هو الجسد، والجسد هو الإيقاع، وما بينهما تقول الكتابة وعيها الخاص.

وكما لا يمكن أن نتفتح على وعينا إلا بمنشطات تحرك جريان التفكير في العروق بوصفها منشطات تتصل بالمخيلة والحواس ضمن حدود الواقع اليومي، كذلك لا يمكن التخلي عن الوعي الكتابي بوصفه تجربة حضارية إنسانية.. أي أن التاريخ من جهة، والمخيلة والحواس من جهة أخرى، والمسافة بينهما هي الكتابة بامتياز.

بهذه الصورة الفنية من التداعيات والمجازات أرى الكتابة بوصفها انشغالاً داخليًا في تهذيب ما لا يمكن أن تهذبه الطبيعة في نفوسنا.

دعوني أقطف نصًا من كتاب” أخفّ من الريش أعمق من الألم” لعل الدافعية نحو الكتابة وخصوصًا في الوعي والإيقاع يسوقنا ناحية الشعور بالحدث للتساؤل، والرغبة في الفهم للوصول لذلك الوعي..

قرب نافذتي ص 141
لا أعلم تمامًا ..
أين هو ذاك الجسر المفضي إلى ذاتي..؟
هل يكفي العبور …محرد العبور؟!
لأقول للشعر: يا أخي يا سليل الأقدمين
إن مياهك غادرت النبع،
ولم تزل إلى الآن
تتّبع الآثار المتراكمة على الجسر،
آثار تلك الحفرة
التي كان المارة يسمونها
روحي
هل يكفي ذلك؟! هل يكفي التورط مع كلمات
كنت أقف معها على حافة الشعر
كي أكون أنا الرغبة، وتكون الرغبة أنا؟!
ربما كان يجب على الشعر أن يدفعني
إلى أقصى الهاوية
حنى تصبح رغباتي متألقة، وأنفاسي بريئة من الآثام.
آثامك أيها الحجر قرب نافذتي تنمو..

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى