ط
الشعر والأدب

اللفافة..قصة قصيرة بقلم / سمر احمد الشحات

10428517_331797336975609_1308632177706621187_n
اللفافة :))

البخار المتصاعد من الماء المغلى تكفى حرارته لسلق بقرة ،تناولت زجاجة المطهر الملقى بركن الحمام واضفت بعضه للماء ولو كان بالامكان لاستعملت حمض الكبريتيك، بيدا مرتجفة تناولت بعض الماء بالكوز المثقوب وصببته على رأسى التى اوشكت على الانصهار، لابأس بالقليل من بعض المعاناه كى تنظف بشرتى الكالحة التى التصق بمرفقيها الطين كما نصحتنى زوجة خالى ، غدا هو العيد وسوف احاول التظاهر به حتى اخر قطرة ، نقعت شعرى بزيت الزيتون وقشور الموز وسأحاول فرد اشواكه بقدر المستطاع ، بالطبع لن اذهب الى مصفف وسوف اكتفى بلفه عدة طبقات حول رأسى مع محاو………. درنننج (صوت ارتطام شئ بالبلاط)

نهضت من مكانى كالملدوغة وفتحت عيناى على مصراعيهما لتحترقان بالصابون ، لثوان شعرت بالتصاق لسانى بحنجرتى وبحثت عن صوتى للصراخ فلم اجده ، الصقت ظهرى بالحائط تطلعت حولى برعب باحثة عن الجنى صاحب الذوق المريع و الذى حتما جاء ليلتبسنى ، وجدته هناك بزاوية حمامنا البدائى منقلبا على ظهره وقد تحطمت بعض اطرافه ، اتحدث طبعا عن قالب البلاط التى سقط من الحائط ليرتطم بالارض كزلزال كاد يتشقق له منزلنا مترا اضافيا كى يصل لمرحلة الانشطار النهائى، لابأس فهذا شئ اعتدناه وليس عجيبا لمنزل تتسند حوائطه على العناية الالهية ودعاء الوالدين ،تجاهلتها وعدت الى فرك كعوبى بالحجر الخفاف وحانت منى التفاتة نحو موضع سقوط قالب البلاط ، ماهذا الشى البارز من الاسمنت …

نهضت من مكانى واقتربت للفجوة مدققة ، تبدو كسيجارة مدفونه تبرز قمتها من قلب المونة الكاسية للجدار، حاولت جذبها فوجدتها لفافة ورقية رقيقة مجوفة كادت ان تتفتت منى فعدلت عن الفكرة ، ترى ماذا يوجد بتلك اللفافة ولماذا عجنها احدهم بالمونة لتختبئ للابد خلف الجدار ، فكرت باخبار اخى ولكنى عدلت عن الامر فقد تكون خريطة لكنز مدفون ويستولى عليه وحده ، بعد وفاة والداى قام بتجريدى من كل ميراثى ولو كان بامكانه التهامى لكنت الان احصل على حمام بحلة ضغط مع البصل والحبهان

 

خرجت من الحمام مسرعة واحضرت سكين المطبخ ويد الهاون الثقيلة،لحسن الحظ فان اخى وزوجته بالخارج ولن يعودا قبل منتصف الليل ، لساعتين حفرت ببطئ حول اللفافة حتى استطعت انتشالها باعجوبة ، فنى التجريدى ترك فجوة قبيحة بالجدار سوف امارس لاحقا وبكل براعة دور عبده العبيط اذا سألت عنها ،باطراف اصابعى المرتجفة فضضت اللفافة حتى كادت تسقط على الارض المبللة وتتعجن ، تبدو اكبر قليلا من ورق نتيجة الحائط ونسيجها رقيق بشدة كبفرة السجائر ، تطلعت لمحتواها فوجدت بضعة رموز وطلاسم عجيبة منثورة على صفحتها بحبر احمر قانى ، ترى اهى سحر اسود كتب بالزعفران دسته لى احدى جاراتى الشمطاوات كى لا اتزوج ، لا اعتقد ذلك فانا كالمرأة الشفافة لا ينتبه لوجودى احد كما اننى لست بحاجة لهذا المجهود كى اصاب بالعنوسة ،خطر ببالى انها قد تكون بردية فرعونية قديمة فهذه الاشياء وجد منها الكثير بقريتنا الصعيدية ، ليلة طويلة قضيتها بالتفكير حتى غلبنى النوم.

باليوم التالى اهتديت الى فكرة ان اعرضها على معلمى استاذ التاريخ ، نظر اليها باهتمام وقربها الى الضوء محاولا فك طلاسمها ، عرفت فيما بعد ان معلوماته عن التاريخ لا تتجاوز سعد زغلول ومينا موحد القطرين وثورة عرابى وانا لسذاجتى كنت اعتقد انه يجيد الهيروغليفية ،عرض علي ان يأخذها ليعرضها على شخص ما فانتزعتها من يده وهربت فورا .

بعدما انقضى العيد قمت بزيارة صديقتى نوال ، طالبة بدبلوم التجارة وتصغرنى بعام ، نظرت اليها كنظرة يوسف شعبان لرأفت الهجان وطلبت منها ان تقسم على مصحف الا تخبر احد ، ظلت محدقة في ببلاهة عندما اخرجت لها الورقة وظنت للوهلة الاولى اننى انحرفت اخيرا وتزوجت عرفيا .

بعد ساعتين من محاولات افهامها الامر استوعبت اخيرا واستطاعت النطق ، اخبرتنى اننا من الممكن ان نعرض اللفافة على احد تجار الاثار وهو يقوم بعمليه بيعها خارج البلاد ، ،ولكن كان هناك مشكلة صغيرة اننا لا نعلم احد فهم لا يباعو بالسوبر ماركت ان كنت تفهم قصدى ، قلت لها اننى رأيت بالتلفاز فيلما يدور بكلية الاثار ولربما نجد هناك شخصا يقرأ لنا محتويات الورقة ، اقلقتنى نوال من فكرة ان يأخذو منا اللفافة ويسلمونها لقسم الشرطة ونخرج من المولد بدون حمص ، لساعتين من التفكير استقرينا على الذهاب للكلية وان نعرض على احد العاملين مساعدتنا ببيعها مقابل نسبة من الربح ، بقيت المشكلة هى كيفية الخروج من منازلنا وكيف يمكننا السفر للقاهرة وهو الامر الذى لن يسر له اخى كثيرا ، بالماضى تعلقت من ساقى لساعتين حتى كدت انفق كالدجاج بسبب زيارتى لخالتى بالشارع المجاور ، لا يوجد حل اخر لفهم محتوىاللفافة فلا يوجد بقريتى كورسات لتعلم الهيروغليفية للاسف ……

 

عند الفجر نهضت ببطئ وتسللت من المنزل بخفة الابراص ،اخى لن يستيقظ قبل العصر واذا لمحنى احد فسأدعى الذهاب للسوق، لاقتنى نوال عند ساقية الماء المعطلة بعد ان وعدتها ان بالاموال التى سنربحها من بيع اللفافة سنشترى شقة بجاردن سيتى ونحيا بها سويا ، سيناريو فيلم احلام هند وكاميليا لم يكن ليفارق مخيلتى ، حلم الحصول على غرفة انام بها وحدى بعيدا عن جوارب اخى القادرة على افاقة الموتى انسانى مخاوفى ، بالكيس الاسود الذى بيدى حشرت بضعة ملابس مع بعض النقود وورقتى الثمينة ، كان قلب نوال يدق كالطبل ووجهها شاحب كجثة ملفوفة بالاسمال ، بدأ قلقها يتسرب لى فاذا علم اخى بفعلتى فلن يكتفى بتحويلى لحساء ملوخية خالى من الدسم ، تطلعت الى الورقة لصرف مخاطرى السوداء واغلقت عيناى حتى وصلنا الى القاهرة

احتجنا الى ساعتين للوصول الى مكان الكلية وساعة اضافية حتى استطعنا الوصول لمكتب احد الاساتذة ، رجل بالخمسين اشيب عاقد الحاجبين فى عداء مسبق ، شرحت له ماحدث بكلمات مقتضبه مع التاكيد على ان صحت اثرية المخطوطة فسوف اسلمها بنفسى للشرطة كى احصل على مكافأتى ، امسك بالورقة وقلبها بيديه واستأذن لفحصها بالمجهر ، نهض من مكانه وتابعته بعيناى وهو يدخل الى غرفة قريبة وشردت قليلا بالباب ، تعجبنى تلك المنطقة اعتقد انها اكثر جمالا من جاردن سيتى التى رأيتها بالمسلسل يمكننى تعديل الخطة وشراء الشقة هنا ، بباقى النقود سوف افتتح مركز تجميل كبير او ربما مصنعا للملابس ، اعتقد ان ظريفة بمسلسل ترويض الشرسة قد فعلت ذلك وصارت سيدة اعمال شهيرة، فكرت بالزواج بالفتى محمود جارنا ذو الشعر الاملس والذى اصابنى بلوثة منذ قدومه ولكنى تراجعت عندما تذكرت قفاه العريض الموحى بالغباء ، لابد من اختيار زوج يليق بمستواى الجديد ربما سفيرا او ممثل تركى وسيم ،ترى هل لا يزال ايزيل اعزبا ….

_اتفضلى ورقتك

قطع شرودى الاستاذ الاشيب وهو يلقى بالمخطوطة بحجرى باهمال كادت له الغالية ان تتمزق، نظرت له بعينان جاحظتان غلا وكدت انفجر فيه، قبل ان انطق اوقفنى باشارة واستطرد

_الورقة الى جايباهالى ايصال نور والطلاسم الى بتقولى عليها دى لا هى طلاسم ولا حاجة دى الكتابة ساحت من رطوبة حيطان بيتكو ، الظاهرة الرطوبة لحستلك مخك خدى ياشاطرة ورقتك وارجعى بلدكو

ظللت للحظات انظر له بفم فاغر قادر على التقاط الذباب ، حانت منى التفاتة نحو نوال فوجدت على وجهها تعبير عبد الحليم حافظ عندما اخبره عماد حمدى انه لقيط ، فجأة اظلم المكان وايقنت للحظات اننى مت او احلم بكابوس شنيع بعد التهامى محشو كرنب بالعشاء ، قطع افكارى صوت ساخط يشق الظلام

_وادى ياستى النور كمان قطع ، ارتاحتو !!!!

 

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى