ط
مقالات بقلم القراء

المقامات البدراوية . المقامة النصبية الوظيفية . بقلم / د. رقية محسن

عن الراتب وسنينه .. المقامة النصبية .. مقامة وظيفية .. في زمن شيش بيش . مسخ الراتب بقشيش.

حدثنا كنعان بن سمعان. أن موظفَ استقبالٍ زمان. يدعى الأستاذ مرجان. عاد من عمله مزقططاً فرحان. في يومٍ غير عادي. أول شهر ميلادي. ومعه المرتب الاعتيادي. إذ دخل إلى بيته لا أحد قده. فقلَّبَ مرتبه وعدَّه. وكرمشه وفَرَدَه. ثم شكر المولى وحمدَه. وبدأ يستعرض مع زوجته الالتزامات. والديون والغرامات. والمؤجلات والأولويات. حتى صعدت من صدره الآهات. ومن عينيه العبرات. وصمت طويلاً كأنه قد مات. ثم قال مثل أرشميدس وجدتها وجدتها . يا اهل العقول والنهىَ. فعوجت له زوجته بقها. وقالت له بلهجة ناهية. قل لي ما هيه؟

فقال مرجان بانسجام. حسام حسام حسام. مفيش غير خطة حسام. سألبس جورباً من الجبس في إحدى قدميَّ يا مدام. وأستهبل وأفترش الرصيف في الزحام. ساعتين او أكثر بعد الدوام. وأمد يداً ليضع فيها كل همام. ما تيسر له من الجنيهات التمام. فهذه هي نصف خطة زميلي حسام. فلأطبقها بلا خجل ولا ازبهلال. حتى لا نموت من الجوع انا وانت والعيال. فعوجت زوجته تارة أخرى بقها إذ لم يسرها المقال. ولا المقام ولا الحال.

ودشن مرجان التجربة بعد يومين. مستعطفاً الماشين والواقفين والراكبين. وهم لشفاههم ممصمصين. وبدموعهم باكين. وبقلوبهم المتفطرة مشفقين. وبأموالهم السخية حاتميين. حتى امطرت السموات، في كف مرجان الجنيهات. والخمسات والعشرات.

وعاد بعد ساعتين ومعه من النقود كومة. فظل يغني لسومة. لأنه وجد أن غلة يومه، أكثر مما يتقاضاه في شهر الحكومة. واستمر على هذا لشهر واحد. فشكر الله الواحد. وقرر أوام ان يطبق النصف الثاني من خطة حسام.

فاشترى بدلة آخر شياكة. وذهب بكل تناكة وفكاكة. واستأجر عربية الاجة. وعين لديه اثنين من البلطجية. وقال لهما لكما مني شهرية .. والمطلوب منكما أن تفتحا لي العربية. وتنحنيا لي عند أداء التحية. وكأنني من باشوات الملكية. وتشيعان في المنطقة. انني باشا ثقة. وأن عندي شركة استثمارية. تمنح مودعيها فائدة ٣٠ في المية. وهاتوا لي الضحايا ضحية ضحية. بالسلم أو بالقوة الجبرية . فاهمين يا عينيا ؟ ومن ترونه يتطاول عليا، تعاملوا معه بالروسية والبونية. وعقبت على كلامه زوجته المبتلية ، وأنَّبته ووبخته بسخرية : ” يعني انت ضحكت على الناس بالمسكنة والسهوكة بلا كسوف. وبقية الخطة انك تضحك عليهم بالبلطجة والنصب والخوف؟”.

وانتهت المقامة على هذا الحال. ولم يعرف شيءٌ من أمر موظف الاستقبال. ولا من أمرِ عواقبِ الاحتيالِ والاختلالِ والاستغلال. لكن المؤكد أنها حدوتةٌ وخيمةُ المآلْ، وانها وأمثالها لم ولا ولن تنتهىَ مادام على الأرضِ استهبال. وطالما كان الضحايا كالأقفال، فالمرتبات إن قلت فالصياعة ستستفحل كالجبال. فسبحان العليِّ المتعال. الدايم وعباده إلى زوال😣 وصلوا على النبي العدنان.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى