ط
مسابقة الخاطرة

النسيان.مسابقة الخاطرة بقلم / حسناء الحساني – المغرب

حسناء الحساني – المغرب

[email protected]
خاطرة : النسيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا التي طالما تمنيت النسيان، أنا التي عانيت من جراء ذاكرة قوية لا تحمل بين طياتها سوى الآلام والأحزان، سعيت إلى النسيان كحبة دواء شافية، تداويني من آلام ذكريات بائسة، لكني نسيت كل الشيء ماعداها، حتى صار النسيان الذي رأيت فيه خلاصا حملا آخر ينضاف إلى أعبائي هكذا طمحت إلى أن ألملم أجزائي عن طريق النسيان.
اليوم وجدتني أتحدى النسيان، و أكتب بالدماء على الجدران، لن أنسى، لن أنسى لأنني وجدتكم، كان النسيان خلاصا فيما مضى قبلكم، لكن الآن كل شيء تبدل، وجدت دوائي في أن أتذكر، فقد أنسيتموني ذلك الماضي المتحجر، بل رسمتم لي ماضيا أجمل، فما عدت بحاجة إلى أن أنسى بل لأن أتذكر، أتذكر أياما بلون البستان الأخضر أتذكر عيونا كسيل الماء المنهمر، ووجوها كصفاء الجو والغيم فيه قد اندثر، فما عدت بحاجة إلى أن أنسى، بل لأن اتذكر. .
في رصيدي اليوم ذكريات حلوة كثيرة، غيرت طعم المرارة قبلها، في عيوني أشكال ابتسامات عديدة، محت ملامح دموع منسكبة، في رصيدي كلمات و أمنيات و حكايات و أسماء لا تنسى..
سأحمل على كتفي عهدا، سأبقى وفية للذكرى، وفية لقلب وجدت لي فيه متسعا، أغدق علي حبا حنانا و كرما، قلبا عطوفا لم يقفل أبوابه يوما، إلى من “تعجز الخيانة عن إسكات صوت نبضه، ليس قديسا لكنه إلاه فوق أرضه”.”
إليك أتعهد:
لـن أنســــى
سماءا تمطر حبا، عطاءا و كرما
عيونـا تفـيض عـشقـا، تشع فخـرا
دومـا كـانـت للـعـزة عنـوانـا

أجل لن أنسى، أنا اليوم أتحدى، أتحدى ذاكرة قد تخونني يوما ما، أتحدى زمنا قد يجعل أيامي الحاضرة زمنا غابرا، لكن أأنسى؟
أأنسى أسماء رسمت في ذاكرتي خطا، أعطت لحياتي معنا، جددتها بعد أن كانت عدما؟ أأنسى؟ كلا لن أنسى
كتابيِ الأسود الصفحات، المليء بالتفاهات، بين دفتيه كتبتم سطورا ذهبية، محت كل الافكار الوهمية، أسست لعهد جديد بين الجلاد و الضحية، بيني وبين الماضي بيني و بين الذكرى، بيني و بين الزمن..
أأنسى من حرر أيادي المكبلة، من علمني تحطيم قيود الرجعية، والتخلص من عنتهيات الجاهلية.
إليك أتعهد:
لـن أنســـى
أسماء نبشت في أعماق الذاكرة
حروفا كتبت بأقلام ذهبيـة
مجدا و خلودا لشمس شرقت من الجهة الغربية
دائما و أبدا محفورة هي في ذاكرة حديدية

و آسفي على من عاش أحلاما وردية، واكتشف عالم الحرية، لامس بيده قوة حقيقية فما استطاع أن يدرك أن هنا تكمن السعادة الأبدية، في أن تبكي و أنت تمسح دموع الغير، وتعاني لتنشر بذور الخير، في أن تصرخ بكلمة لا، في وجه أعتى القوى، لا تطيع الجبروت ولا تهاب الموت، فتكون و أنت الضعيف الأقوى
حتى حين تموت و أنت في مواجهة بؤر الشر، يكون لك و أنت الميت البقاء، ويكون له وهو الحي الفناء.
إلى هؤلاء أقول:
خرجت من رحم العالم الأمثل
دحرت صخرة الحلم الأول
يا من رضيت العيش كالمحارب الأعزل
جميل أن تحيى كما تريد، لكنك
تهت فابتعدت عن القضية الأعدل

لن أنسى لأن الهروب من صفة الجبناء، سأواجه و أتحدى مادام من حولي أصدقاء، أنا من سأحدد من أكون، لن أنسى الذكرى مهما تكون، حلوة أو مرة هي ذكرياتي هي الماضي الذي به سأبني المستقبل هي القوة و الدافع و الأمل، سأقول شكرا لكل من دعمني، ولو قولا، سأقول شكرا، لكل من سمع كلماتي و آثارته إبداعاتي.
إلى أولئك أقول:
عامان مضيا كلمحة البصر
يمضي العمر ليشكل في الذاكرة صور
دعما لمسيرة الحياة الكبرى
تمضي الأيام وتبقى الذكرى

لن أنسى من شاركوني ما أحب ومن أحب، من مشوا معي جنبا إلى جنب، من شهدت فيهم الإخلاص والوفاء، فكنت عليهم شاهدة، وكانوا علي شهداء.
إلى هؤلاء أقول:
محفورة ذكراكِ في الوجدان
روضة تفوح منها رائحة الورد والريحان
ينبوع إخلاص ووفاء
معا نشيد صروح الحرية والكرامة والعنفوان

لن أنسى ليس مجرد عنوان مقالة، ولا كلمة مفرغة بدون إحالة، لن أنسى هدف ومبدأ وعقيدة، ووفاء لعلاقات مجيدة، لن أنسى لأن النسيان بات اليوم خيانة، خيانة للنبل، خيانة للحب، خيانة للحظات أجمل من أن توصف بالجمال.
كل يوم تفتح لي أبواب جديدة، ونوافد عديدة، أطل من خلالها على الأمل، على المستقبل ، على الممكن الذي كنت أراه بالأمس القريب من المحال.
قد ينفذ الحبر، وتنفذ الأوراق، ولا تنفذ الكلمات ولا لوائح الأسماء.
مهلا أيها الوقت لا تجري، مهلا أيها الزمن لا تتحرك، تمهل قليلا فكل ثانية تمضي تشعرني بالقلق، آه كم أكره النهاية حين تكون مرسومة على طريق مفروش بالسعادة، بالورد، بالمتعة، بالفرح، بالسرور، باللذة، بكل الصفات والكلمات والعبارات، في كل الألسن واللهجات واللغات.
نستجدي الزمن أن يتــــــــــوقف
صبرا فلا زلنا في طور التعرف
يا أيها الزمان لا تتـــــــــقــشف
رضوان الله عليك لا تتوقـــــــــف
ترى في أعيننا الشوق أعلاما ترفرف

رد الزمان علي يا للعجب! كلما هممت بالانصراف دعوتموني للتوقف، ما أطمعكم! كم لحظة سعادة وهبتكم ولازلتم على وصفكم لي بالتقشف..

منــــــــابر حب وود فتحــــــــــت
نسير لنــــرى الأرواح اتحـــدت
يدوب بين ثناياها كل شعور متزمت
روعة الحيــــــــاة الآن اكتمـــــــلت
أ أدركت الآن أيها الزمان لما نرجوك أن تتريث؟

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى