غرفتُهُ -رغم رحابتها الواثقة , تتسعُ حكمةً عريقةً , تنوء بهداياهُ , تضيقُ زواياها
ببطء مهيب , كلّما وبَّخَه الزمنُ العجولُ بِسَنَةٍ نابيةٍ جديدة .
نِسيانُهُ حضورَهُ في مفترقِ السراب اللعوب , أغرى به حوادثَ عشقٍ صادمة
سجّلها قلبُه الرؤوف ضدّ مجهولات عبرهن بوباء العتمة , وعرّضهُ لعصابات
تسرقُ الماء من الظمإ الضال .
-2–
الى منفى ً باردٍ , أبعدَ احلامَهُ المنتفضة َ دائما , نظراتُهُ جمدتْ , تدحْرجتْ من عينيه
كُراتٍ فاشلة , تَكبرُ , ثمّ تكبرُ اتجاه شعور ٍ غامضٍ سحيق , أنّى له بدمعة
ساخنة , تكبّلُ فرسَ التشتّتِ الجامحة ؟!
فَمَن يتلعثم بحياكة ليلةٍ واحدة بنسيج حُزنِهِ , فما نجمةٌ تُشاطرُهُ سهَرَهُ الخاسر ,
سَيُخلّدُه ُ الرمادُ تمثالَ غيابٍ , تؤمّهُ الاشباحُ الكسالى .
هداياه : أسهبَ بأناقتها لجميلاتٍ , مسّتْ اجسادَهُنَ جِنَّةُ الرشاقة بغضارة البرق
وطلاوتِه , وعلى مقربة من خيال سريره : أوراقٌ ملوّنة تُنازعُ قلبَه ألوانَه , دوّنهن
مرايا أميراتٍ , يُسْكرنَ الخمرَ على بعد سنين , يرْتشفنَ نكهته عن كثب مثير ,
-4 –
قلمُهُ احترفَ مزاجَهن الى ما وراء حدود الانفاس , بعيداً وبعيداً ,
وطيّ اعطافهن ابتكر أُخريات , تفقّهت اجسامهن سٍفْرَ الجمال , فبان حتى في
إيماءاتهن اليانعة , وبين – ( واو ) الوهم , و( عين ) العشق , صرخ: اقبلْنَ إليّ
عظيماتٍ كخسائري الشداد , فيخلعهن من أثوابهن , ما انفكّ يسجنهن في جملٍ
ساحرة , ويَحهُ , زاداً من الشِعر يطعمهن , وبحرير من الخيال يستر لهيبهن
حيثُ يغيب في غار قصائده , يتنسّك اللقيا .
-5-
ماتَ عن عمرٍ لمْ يُناهزْ العشق , ولمْ يُحدّثْهُ عطرُ اجسادهن عن اسرار
نظراتهن إليهِ , غرفتهُ شاهدة ٌ بالف قاضٍ على طفولتهِ , تلكَ عنوةً
اصطحبها الى قبره .
الصورتان : بعدستي الاستاذ المخرج التلفزيوني الكبير : عادل طاهر , والاستاذ :
علي النجار , في لحظة واحدة — اقدّم شكري وامتناني وتقديري لهما .