ط
السيناريو والحوار

الوريث والعاشقة . مسابقة السيناريو المسرحى . بقلم/ بدرى مخنوق .العراق


الاسم: بدري مخنوق

البلد: السويد ـ سودرتاليا

نوع المشاركة: سيناريو وحوار

مسرحية

الوريث والعاشقة

تأليف بدري مخنوق

النص المسرحي مسجل الملكية الفكرية  ـ  المركز الثقافي  الكلداني ـ سودرتاليا ـ السويد

Kaldiska Kultur Centrum / Södertälje / Sweden

الفكرة:

الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذه المسرحية: هي أنّ الإنسان الخاطئ يتوهَّم أنَّه إذا استسلم إلى الرذيلة وجد السعادة التي يتوق إليها، وقد أساء استعمال حُريَّته الشخصيَّة إساءةً كبيرة، ولكنَّه لا يلبث أنْ يذوق مرارة الرذيلة والفجور التي أبعدته عن مصدر سعادته، فإذا ندم على سوء تصرُّفه وعاد تائِباً الى عائلته مهما اشتدَّت شناعة تصرفاته، هل سيرفض أم يقبلوه ويتعاملوا معه بحنانٍ وتفهُّمٍ ومحبَّة. ورحمة الله عز وجل واسعة

 

الشخصيات:

خالد: الشاب الضائع يتجاهل وجهة نظر الآخرين ولا يرغب في الاستماع إليها، يرفض الحقائق الثابتة ليظهر درجة عناده، كبريائه، صلب، وغروره، قاسِ في تعامله، يدل على أنه من الراغبين في حبّ الأمور الأرضية، في العقد الثاني من العمر.

هاله: (صاحبة الحانة) هادئة مبتسمة ذات نية صافية تحب الصدق، في العقد الرابع من العمر

هدى: بائعة الورد تبدو حزينة لا تعرف الابتسامة، تائهة في مشاكلها.

سحر: إحدى شابات الحانة المتسكعات في الشوارع والحانات، مستهترة لا تعرف غير اللهو والمرح، في العقد الثاني من العمر.

عدنان: احد شباب الحانة متسكع في الشوارع والحانات، مستهتر لا يعرف غير اللهو والمرح. في العقد الثاني من العمر.

بسام: احد شباب الحانة متسكع في الشوارع والحانات، مستهتر لا يعرف غير اللهو والمرح. في العقد الثاني من العمر.

تماره: إحدى شابات الحانة المتسكعات في الشوارع والحانات، مستهترة لا تعرف غير اللهو والمرح في العقد الثاني من العمر.

الأب: هادئ وبشوش وتتميز أعصابه بالاسترخاء طيب القلب ورحيم. 

 

مسرحية الوريث والعاشقة

المشهد: حانة أو توحي بأن المشهد (بار لشرب الخمور ولعب القمار).

(تفتح الستارة على أنغام موسيقى راقصة، وإنارة فوق هاله (النادلة) الواقفة فوق المسرح تلبس المريلة، ملابسها طويلة وتشد رأسها (إيشارب جميل) تحمل صينية كأنها عاملة بار، تضرب على ظهر الصينية تمتم مع نفسها  (مم) مع مقدمة الموسيقى تؤدي بعض الحركات الراقصة مع نفسها على أنغام الموسيقى، لحظات وتلمح خالد يدخل تتقدم نحوه بخطوات غنج ودلع بطيئة وتستمر بحركات رجلها على نغمة المقطوعة الموسيقية لحظات ينخفض صوت الموسيقى).

هاله: اهلا وسهلا خالد، ما هذه الغيبة الطويلة؟ مضى أكثر من شهر ولم تجيء للحانة.

خالد: اهلا هاله. كنت اشتغل، بعيدا عن هذه المدينة.

هاله: (بتعجب واستغراب) أتعجب أنتَ تشتغل!

خالد: (ببرود) نعم اشتغل.

هاله: ما هذه الملابس الرثة الممزقة عليك؟

خالد: عملي يتطلب ألبس هكذا ملابس، (مستفسرا) أين بقية الأصدقاء ؟

هاله: الأصدقاء في الطريق قادمون، ما هو طلبك اليوم؟ تشرب الويسكي أم الخمر المعتق.

خالد: هاله من فضلكِ فنجان قهوة، لأني تعبان، وعندي صداع، رأسي سينفجر من الألم.

هاله: (باستغراب) فقط أسال لأتأكد، أنتَ تريد قهوة أم قنينة ويسكي.

خالد: (بإزعاج) هاله، قلتُ لكِ فنجان قهوة.

هاله🙁مبتسمة وباستهزاء)، لا اصدق مجيئك بهذا الليل لشرب القهوة، لا، لا، يا سيد خالد، معقولة فنجان قهوة يكفي لِـ خالد المليونير.

خالد: (ينظر مليا إلى هاله) في رأيكِ هل الأصدقاء يدفعون لكِ ثمن فنجان القهوة الذي طلبته.

هاله: (بتعجب وتضحك) أنت الذي كنت تصرفُ عليهم، تسأل يدفعون ثمن فنجان قهوة، لا اعتقد سيدفعون.

خالد: لماذا لا يدفعون وهم أصدقائي.

هاله: لأنهم مفلسون، وبدون عمل وكلهم عاطلون متسكعون في الشوارع والحانات، لا يملكون شيئا.

خالد:( غاضبا) ومن طلب منك إلقاء محاضرة عن أصدقائي، حضري القهوة لي بسرعة وإلا شكوتكِ لصاحبة

الحانة.

هاله: خالد تعرف جيدا انني صاحبة هذه الحانة الخاصة للشرب والقمار، اسمعني جيدا ولا تقاطعني (يقاطعها).

خالد: تفضلي ماذا تردين أن تقولين.

هاله: جئت غريبا الى هذا المجتمع، وبين عيوبه قضيتَ رحلة طويلة، بحثتَ عن كل المفارقات القبيحة وانغمست في

الرذيلة.

خالد: (بعصبية) لا اسمح لك باتهامي تهم باطلة، وكل ما فعلته يفعله الآخرون.

هالة: وقفتَ بكبرياء امام الكل تبيع وتشتري من الناس كما تشاء، ولم تنظر بما يكفي من عيوبكَ، والبحث عن حلول لها.

خالد: (بانفعال) من قال لكِ عندي عيوب؟ أنا أعيش بحرية تامة وجرأة، وأتحدث بصوت واثق و بنبرة مسموعة للجميع، لا اهتم ولا أفكر مطلقا برأي الآخرين.

هاله: (بانفعال) بين ضلالات روحكَ ومواضع نقصكَ، أعمت بصيرتكَ عن عيوبكَ، بعبارات المديح التي تتلقاها من هنا وهناك،

خالد: أنتِ تَغُورِي مني، هذا الكلام الذي يقولونه عني الأصدقاء ليس مديحا بل انه وصف لي.

 هالة: يا خالد، هل يعود ضميركَ الى رشده؟ متى تصحا قليلا؟ وتحكي لـِ لله أوجاعكَ وماذا حل بكَ؟

خالد: منذ البدء،  ضميري وهو الذي أميز به الخير والشر، وضميري صالح، فهو ضمير واسع يتسع لكل شيء.

هاله: ضميرك سائرًا في اتجاه خاطئ وأنتَ غير قادر على إيقافه، وإرادتك شريرة.

خالد: كلا وآلف كلا، إذن سأوضح لكِ الأمر، عند كل فرصة تتاح لي، أفكر بهذه الدنيا التي أخذتُ منها الكثير ولن يكفيني.

هاله: (بانفعال) طمع وجشع وغرور .

خالد: لأني بشر لم اشبع من أحلامي ولم ارتوى من ظمأ حَرَمْتُ منه.

هاله: ولكن بأموالك القذرة أخذتُ حقوق الآخرين وتعتدي عليهم، أنتَ واقف بين ظلالهم وزرعت كل أنواع الرذيلة بينهم.

خالد: أنتِ واحدة منهم، كلكم مهرجين. ومستفادين وتبحثون عن مصلحتكم.

هاله: أنا صاحبة الحانة كل دولار دفعته، كان ثمن شيء اخذته من الحانة.

خالد: مهرجون، أنتم مهرجون.

 هالة: تعتبر الآخرون مهرجون، فهم يحملون كثير من الصفات الجيدة، ولكن أنت من غيرت حياتهم، ماذا توصلتَ بعد كل هذه السنين؟

خالد: تعرفين، كلما أجلس بفرح وسكون، أحاور كرامتي، وأقول لها ستظلين كما أنتَ فوق في الأعالي، وليس تحت الأقدام لينعم الآخرين.

هالة: أليس هذا الغرور؟ كل المفاسد التي تقوم بها هي من مرض الغرور الذي تمتاز به شخصيتك.

خالد: لن ألوم نفسي، ولن ابكي وأئن لأني اعرف ماذا اعمل، ولا اخدع نفسي بكلمات كاذبة.

هاله: أنتَ تعيش في أوهام وأحلام وتبدو لي أنك لا تفرق بين الشر والخير.

خالد:(بجدية) بعد سنوات من التعب والإرهاق، أقر أني بكامل قواي العقلية وبمحض إرادتي، أعْلنَ دماغي أن

صاحبه لا اعتراض على طريقته في الحياة.

هاله:( بجدية وثقة)، حان الوقت لتهدأ، خذ قليل من الصمت، وقليل من الهدوء والعزلة وأعيد ترتيب كيانك وأوراقك، أنت فقدت ثروة طائلة على كل أصناف الرذيلة.

خالد: للمرة الثانية أقول لكِ، أنتِ واحدة صرفتُ عليكِ مئات الدولارات، واليوم ترفضين تقدمين لي القهوة.

هاله: كل شيء في هذه الحياة بثمن، مَن أجبرك على تبذير أموالك؟ عاشرت شبابا طائشا عاطلا ووزعت

عليهم أموالك ونشرت كل أنواع الفساد والرذيلة.

خالد: هؤلاء الشباب مهرجين، كنت أنا الكل في هذه المكان، ولا قرار بدوني، وكيف لا أتدخل في حياة الآخرين؟ (بعصبية) كلكم فاسدون مهرجون.

هاله: ما مصير هؤلاء الشخصيات الذين أسميتهم مهرجين، بعدما أدخلت في حياتهم الفسق والرذيلة، وأنتَ بهذا الحال الذي يرثى له، بهذه الملابس القذرة، لا تملك سنتا واحدا.

خالد:(بانفعال) كيف سمحتُ لنفسي أن أدخل معكَ في سؤال وجواب؟ هم أحرار، من وقَفَ امام طريقهم؟ وهم يعرفون انهم لاشيء بدوني، وليس شرطاً أن يقتنعون بما أقتنع به.

هاله: متى تعود الى رشدك؟ ملئت المكان رذيلة وفساد وفجور، وكنت تقدر أن يكون جميع من تسميهم مهرجين يعيشون بسلام وأمان،ويعملون بعمل جيد.

خالد: تتهميني أني افترستُ كل أحلامهم الجميلة، وأشعلت النار في مدينتهم الفاضلة، لقد كانوا مستعدين لكل عمل طلبته منهم، ودفعت لهم ثمنه.

هاله: علمتهم تعاطي الممنوعات، والسكر والفساد والفكر الخاطئ، (يقاطعها).

خالد: كنت أقول لهم أرقصوا، ارقصوا كما تشاءون، ارقصوا أيها المهرجين، ارقصوا أي رقصة ترغبونها. (تقاطعه).

هاله: ولكنهم يرقصون من الهستريا التي أصابتهم جراء أفعالك القذرة.

خالد: لستُ كما تقولين أني قاسي حتى أنهم رقصوا من الآلام والأوجاع، كنتُ سعيد معهم لدرجة الرقص الهستيري على صوت نحيبهم، لأنهم عبيد مطاعين.

هاله:(بعصبية) كنتَ متوحشا ومجنونا، كاذب شامخا، وعاشق الفساد لدرجة حرقت الورد الأبيض.

 خالد: أنتِ…. أنتِ يا…. تطلقين عليه هذه الصفات القبيحة. (تقاطعه).

هاله: أنتَ واهم مخدوع ومذنب وأخذتَ الكبرياء طريقا، لأنكَ تلذذ بالضمير الفاسد وهبط الكثيرين خلفكَ.

خالد: أنتِ تعرفين أنني لست مذنب، وإذا اتهمتُ بالذنب سوف ارتدي ألف ثوب فوق ثوبي حتى استر أخطائي، ولا اخفي رأسي في التراب ولن تقدرين أن تثبتين أنني مذنب.

هاله: ما هذا الكبرياء؟ أنتَ أساس المشكلة بكل جرأة أبوح لكَ (يقاطعها سريعا).

خالد: انتظري لا تكملين الحديث، من أشهر صفاتي الحب والتسامح والكل يدرك والجميع يعرف، (يسألها بهدوء)، ما

هي المشكلة ؟

هاله: المشكلة انكَ في وهم وخيال تعيش، من قال انك تعرف الحب؟ لقد مات الحب في زمانك.

خالد: راجعي المديح الذي كانوا يمدحوني به أصدقائي.

هاله: وزعت أموالك حتى تتلذذ بالفجور والاعتداء الجنسي، وكثيرة هي الصفات القبيحة التي جلبتها معكَ.

خالد: لقد أحببتُ الكل، لكن لا أجد صدى لهذا الحب في قلوب المهرجين.

هاله: (باستهزاء) من عندكَ يأتي الحب ممزوجا بالخوف، وبعد كل ضحكة نسمع نبأ سيئا، وأصبح الحب الذي

تحمله مقدمة لنوبات من الحزن الأسود.

خالد: اضحك على الغبي منهم عندما ينفذ أمرا لي ولن ينجح.

هاله: وأصبحنا بالتقسيط نفرح لأنكَ أخفيت الحب عن الجميع، وكل يوم يقع شاب في مشكلة أو في قبضة العدالة وأنت السبب.

خالد: لا اسمح لكِ بالحديث معي بهذا الأسلوب أنا الكل، أنتِ صاحبة حانة تبيعين الرذيلة لهؤلاء المهرجين.

هاله🙁متعجبة) لست مسئولة عن تصرفاتهم، أنا هنا اكسب قوتي بعرق جبيني.

خالد🙁يضحك) عظيم، هالة تكسب قوتها بعرق جبينها، لقد صرفتُ عليكِ أموال لا تحصى واليوم تعامليني بهذه الطريقة.

هاله: كم مرة نصحتكُ، كم مرة قلت لك ارجع الى ضميرك، لأنك لا تشبه بقية الزبائن، خالد أنت اليوم لا تشبه خالد قبل شهر وأكثر، أنتَ فقدت كل شيء ولهذا مهموم وحزين.

خالد: من قال لك أنني حزين، طلبت القهوة قدمتِ لي محاضرة بالأخلاق.

 هاله: الكل كان مستفيد من غبائكِ، قبل أشهر كنت كل يوم ترمي النقود بوجهي، واليوم لا تملك نصف دولار.

خالد: هاله اريد القهوة، وسأدفع لكِ .

هاله: الدفع مقدما، ادفع لأقدم لك فنجان القهوة.(تضحك).

يقف خالد محاولا ضربها فيما تستمر هاله في قهقهة متواصلة، وهي تتطلع إليه بنظرات ساخرة.

خالد:( بدهشته تتحول تدريجياً إلى خوف، يحملق في وجهة هاله) لست محتاجاً للقهوة سأنتظر أصدقائي وسأرقص معهم وسيدفعون ثمن القهوة والعشاء.

هاله:( تكاد تطير من الفرح تضرب بإصبعها على ظهر الصينية مع بدء الموسيقى، تبدأ بالرقص مرة ثانية، وهي تردد) تعال ارقص أنتَ معجب بهذه الرقصة، وأنت بهذه الملابس الرثة البالية تعجبني وأشفق عليك.

خالد: (يدور حول نفسه وحول النادلة يصرخ) من أنتِ حتى تعامليني بهذا الأسلوب وتشفقين عليّ؟ ولماذا تضحكين من ملابسي ؟

تتوقف عن الرقص.

هاله: (ببرود وسخرية) تأخرت نادلة الحانة ولهذا اخدم محلها حتى مجيئها، خالد أنا هاله كم مرة لعبنا القمار وشربنا ورقصنا فوق هذا المسرح، تعال ارقص وأنسى ما جرى لكَ.

(تعاود الرقص)، تصفف شعرها بيدها، لا يرد عليها.

هاله: ترقص أم لا ترقص، لن تفلت من قبضة الأصدقاء ستدفع ثمن عشائهم وشرابهم، تعال ارقص.

خالد: سأرقص، أنا أحب الرقص، لكن لن ادفع أي مبلغ.

هاله: ومن يقول لك ادفع ثمن الرقص.

خالد: كنتُ كل يوم ادفع أجرة الراقصين والمغني.

هاله: أنتَ غنيا وكنتَ تدفع أجرة المسرح نيابة عن الأصدقاء.

خالد: انتهت تلك الأيام وأصبحت بدون ثروة.

هاله: كفى كبرياء وغرور، لماذا كلما حدثتُكَ عن الأمانة يرتعش صوتكَ برعب؟  تعرف لماذا! لأنك لم تكن تعرف معنى الأمانة.

خالد:من قال لك أني لا اعرف الأمانة علاقتي مع أصدقائي شاهد على ذلك وكنت أميناً معهم.

هاله: هذه العلاقة لا تسمى أمانة، الأمانة هي أسمى المشاعر الإنسانية وأنت بعيد عنها، لأنك لم تكن أمينا معهم وكم مرة أنكرتهم وأوقعتهم في مصائب.

خالد: كنتِ سعيدة بوجودي في هذه الحانة.

هاله: يا غشيم الكل كان هنا مستفاد من جهلك، وأنا صاحبة هذا المكان كم جاهل مثلك تخرج من هذا المكان.

خالد: أنا لست جاهل وهذه حياتي وحريتها، شكرا لك على اعترافك أنك كنت مستفيدة من ما أنفقته.

هاله: هذه الحقيقة، عندما أحصي سنوات عمركَ التي قضيتها في هذا المكان اكتشفت أنكَ لم تكن صادقا ليوم واحد. العمر لن يتكرر.

خالد: قلت لك سابقا أن دماغي أعْلنَ أن صاحبه لا اعتراض على طريقته في الحياة.

هاله: في نفسك هناك محكمة عادلة ضميركَ هو صوت الحق.

خالد:(باستهزاء) صاحبة حانة أصبحت مرشدة اجتماعية، حياتي عادلة وضميرها صادق، هؤلاء المهرجين هم من أصحاب الفكر الخاطئ.

هاله: أنتَ تخاف من ظلالهم، هل تقدر مواجهتهم؟ وماذا تقول لهم؟ رد عليهم عندما يرفضون طلبك، بعدما أصبحت بدون مال.

خالد: هم ظلال، أين هم لا أراهم حتى أرد على أسئلتهم؟ أنا اعرف الخير والشر والموت والحياة، واخترت طريقي في الحياة المؤدي الى سعادتي.

هاله: وهل تعتقد ان أصدقائك يصدقون انك أصبحت مفلساً.

خالد: عليهم أن يساعدوني مثل ما قدمت لهم كل ما املك.

هاله : لابد أن تعرف أن كل أصدقائك كذابون منافقون ومصلحتهم فوق الكل ولن تحصل منهم سنتا واحدا.

خالد: ارقصي، وسترين أصدقائي كم من الوفاء يملكون.

يبدأ خالد بالرقص مع هاله على نغمة الموسيقى فترة زمنية.

هالة: لا يا خالد، الكل مستفيد وأنت الخاسر.

يدخل الى المسرح الأصدقاء(سحر، عدنان، بسام، تماره):  يؤدون حركات صبيانية تدل على التحية ومباشرة ويشاركونه بالرقص .

الجميع: هاي خالد، هاي هاله.

عدنان: مضى اكثر من شهر وأنتَ غائب.

خالد لا يرد عليه.

تماره: لا اصدق خالد معنا، هل وجدت أصدقاء جدد؟

خالد لا يرد عليه.

بسام: ولماذا أنت بهذا الشكل القذر.

خالد: هذه ملابس العمل، هل عيب ان أكون بملابس العمل؟

سحر: أنت صاحب الثروة والجاه تلبس ملابس عمل، لا اصدق.

خالد: الحاجة جعلتني اشتغل.

تماره: (أثناء الرقص بغنج) خالد أنا جوعانة.

خالد: ليس وقت الجوع ارقصي يا تماره.

سحر: ماذا ستقدم لنا من العشاء.

(يتوقفون عن الرقص).

خالد: تفضلي يا هاله وقدمي لهم العشاء.

هاله: قبل مجيئكم كان على وشك يولول ويبكي ويسأل من يدفع ثمن قهوته.

بسام: هل استيقظت فجأةً وأصبحتَ بلا ثروة.

خالد: لا، بدّدتُ خيراتي، وأصبحتُ أضحوكة لدى معارفي.

هاله: مسكينا لقد انتقل من الغنى إلى الفقر.

سحر: بهذا الحال فلا داعي للحديث عن من يدفع ومن يشتري.

تماره: تفوح منك رائحة حظائر الأغنام.

خالد: (بنبرة حزينة) لا عيب من العمل في حظائر الأغنام.

عدنان: ولكنك كنت تفتخر بنسب عائلتك وشهرتهم وسمعتهم الطيبة، وأنتَ بهذا الحال يا كاذب.

خالد: أنا أبن أكرم الكرماء، واليوم أرعى الأغنام، طعامي، أقلّ من طعام البهائم التي أرعاها، وقوتُ حياتي أقلّ من قوت المواشي، إنها الأيام السيئة في حياتي.

بسام: أنتَ من كان يرفس كل طعام لم يعجبك وتلعن من طبخه وقدمه لك، وملاين البشر بدون طعام.

تماره: كنتَ تلعن كل نعمة قدمت على الطاولة.

خالد: اليوم أكلُ الأكلَ الحقير حتى أشبع واكتشفت أن البهائم كانت أفضل مني.

هاله: (بانفعال) كفى خداعاً وكذباً، انكشفت على حقيقتك، من تكون أنت أيها الغريب عن هذه الديار.

بسام: (بعصبية) أنتَ جاسوس أنتَ كاذب، أنتَ مخادع، ومهرب ممنوعات.

عدنان:(بسخرية) أنت صديق الزانيات وقلبك ملئ بالشهوات والملذات.

خالد: (باستهزاء) وماذا كنت يا مهرج أليس صديق لهم، وكنت عبد عندي.

بسام: لا نسمح لكَ بتسميتنا مهرجين.

خالد: ( باستهزاء) ماذا تريد أن أناديكم؟جلالة الملك أم سعادة الأمير!

تماره: بدون استهزاء يا خالد، نحن لا نستحق هذه المعاملة السيئة منكَ.

سحر: نحن المذنبين لأننا لحقنا خلفك وضعينا سنين عمرنا معك وأنا نادمة على ذلك.

خالد: أنتِ نادمة على ماذا؟ كنتم تعيشون مثل ملوك الأرض، ولكن بعد ما وقعت تندمين، وتطلبون ديوني.

عدنان: جعلتنا نلحق ضميركَ الفاسد؟ وجعلت ضميرنا الخاطئ يقودنا إلى الخطأ.

خالد: أنتَم تشعرون أن ضميركم خاطئ، أنا أعيش بضميري الصالح، الذي يزن الأمور بميزان حساس، فإن زاد شيئا يضر وإن قل شيئا يضر.

سحر: كفى كبرياء، أنتَ وأمثالكَ تُعذّبون وتُحقّرون الضعفاء، وتقولون لا حياة إلاّ للأقوياء والأغنياء وذوي السلطة والبأس، تفضل ماذا تعمل الآن بعدما أصبحت بهذه الملابس الرثة؟

بسام: الضمير الفاسد الذي تحمله أقنعنا وجعلنا عبيد تحت أمرتك، فأنت السبب لأننا ضعفاء وبدون حصانة أدبية وثقافية وجامعية، ولهذا نحن عليه اليوم.

هاله: بمعرفتي أن الثقافة لها اهتمام كبير، من منطلقات أخلاقية واقتصادية واجتماعية، ولهذا انتم اليوم ضائعين، تلحقون سراب، لقد خسر صاحبكم كل ما يملك وسوف تخسرون عمركم إذا بقيتم معه.

تماره: أقول إذا الضمير مات ستموت معه الأمانة، وإذا مات الأمانة، ذهب الحياء وإذا ذهب الحياء فلن تبقى الأخلاق الحسنة ومنها، الصدق ينعدم.

عدنان: أقول لكَ سلامٌ على الدنيا إِذا لم يكنْ بها، صدقٌ موثوق.

بسام: تعرضنا للخداع منك ووثقنا بك أكثر من اللازم، وغدرت مع الأصدقاء وطعنهم أصعب شيء في حياتهم.

خالد: (بعصبية ) كفى، لقد أصبح أبن الأحرار يعمل عملَ العبيد ويتحمل الإهانات.

سحر: أنسى من تكون يا ابن الأحرار او غيرهم ، أنتَ اليوم لاشيء. كيف تغير الحال لا نعلم.

خالد: أنا حزين على انحطاطي الحقير الدنيء لأني جاهل، أين أنتَ يا موت ؟ يا من مُتّ في الإثم، لا أعرف إن كنتُ بين الأحياء أو بين الأموات، وانتم أصدقائي تركتموني، أنا لن أترككم.

بسام: نستحق ما جرى لنا من مصائب ومشاكل، تركنا الأهل والأصدقاء ولحقنا الكذاب والمخادع المهم عرفنا

الحقيقة، وعلينا ان نعود لرشدنا.

هاله: تعالوا معي أتركوه سيعود الى حظائر الأغنام.

(تخرج هاله، بسام، عدنان، تماره، سحر) من المسرح

إطفاء انارة المسرح ويبقى نقطة ضوء فوق خالد بعد خروج جميع الممثلين من المسرح

يعزف خالد على الناي الذي يخرجه من جيبه ( يمكن الاستعانة بعازف خلف الكواليس).

ثم يبدأ بالغناء: (تحتاج  هذه الكلمات الى ملحن).

اشتقت لحياة فهرولت لها، أمنيتي لم تكتمل فسلاما عليها، أمست حياتي سرابا

فتحت قلبا لحب الطعام والمغريات، أضعت سنين عمري بالملذات، وكنت صديقا الغانيات.

هل يجدي النحيب على حالي، من يأخذ بيدي في قمة غرقي، من يرمي لي طوق النجاة لنجدتي

من يعيد الذكرى لأيامي، أشواقي بعد فراق وحنين لأحبتي، أصدقائي تركوني وخاب ظني

عمري ضيعته بالأوهام تبا لسذاجتي، يا حزن اكتفيت من عذاب ودع يزول همي

أثناء الموسيقى تتسلل(تدخل) الشابة هدى بائعة الورد الى المسرح وتكمل الغناء وهي تحمل سلة الورد.

ابتعد عني يا حزن فآلامي تكفيني، ماذا جنيت من الحب غير أحزاني، تمنيت وغير العذاب لا اجني

الاثنان خالد وهدى يغنيان القرار معا

اشتقت لحياة فهرولت لها، أمنيتي لم تكتمل فسلاما عليها، أمست حياتي سرابا

تقترب منه هدى وتدور حوله باستغراب من ملابسه الرثة.

هدى: لماذا تلبس هذه الملابس وأنت كنت من الذين معجبون بهندامهم.

خالد: الظروف جعلتني بهذا الحال.

هدى: تشتري الورد.

خالد: لا حاجة لي بالورد.

هدى: أين أصدقاؤك.؟

خالد: رحلوا جميعا، وارحلي أنتِ أيضا.

هدى: دخلتُ الحانة أبيع الورد، سمعتكَ تشكي حالكْ، تحتاج لمساعدة.

خالد: لا أحتاج للمساعدة، لأني إنسان ضائع مع أفكاري، كيف تقدرين مساعدتي؟

هدى: لماذا أنت ضائع؟

خالد: تعرفين هدى أنا أحببت الحياة المليئة بالفساد، واهتمّتْ نفسُي بالشراهة والفجور والضلال.

هدى: اعرف ما كنت تعمل وكنت احزن كثيرا كلما شاهدتك مع أصدقاء السوء.

خالد: أنا سيد أصدقاء السوء، فلا تحزين عليّ.

هدى: أنت عزيز على قلبي واحترمكُ كثيرا، أرجوك خالد كم مرة سألتك من أنت؟ أجيب على سؤالي.

خالد: أنا من لزم الشرّ، وملئت أفكاري بالشهوة البغيضة، ودنيء أمام الشهوات، نسيت حكمة أبي، واحتقرت اسمه وكرامته، فلا أتذكر من أنا، وابن من أنا، وما هو نسلي.

هدى: ولماذا هذا الحزن الفجائي ظهر عليك، كنت سعيداً قبل أشهر، تشتري الورد مني وتوزعها على أصدقائك.

خالد: تعرفين هدى، أكلت طعام الشراهة مع الشرهين، وشربت شراب الشرّ مع الفاجرين، وأسرعت عيناي بلا حياء

وراء رغباتي وبشهوات الجسد والنفس.

هدى: خالد، لماذا كنت صرفت أموالك بسخاء على ملذاتكِ وملذات أصدقائك.

خالد: أنا في جهلي بدّدت غناي، وصرف أموالي لدى الشباب، وضاع فهمي، ولم يُشبع شرهي،  فصرت في الضيق، ورهنت نفسي لقاء الأكل اليوميّ.

هدى: هل أنتَ من عائلة غنية؟

خالد: أنا هنا أهلك من الجوع، آه كم من الناس يأكلون من مائدة أبي، وكم من الأجراء يعيشون مجاناً في بيت أبي، وأنا أُحرَمُ من القوتْ، وما مَن أحد يسقني فنجان قهوة.

هدى: تشاركني بما احصل من بيع الورد ونتشارك في قطعة الخبز، لكَ في قلبي مكان لا يعرفه احد.

خالد: أشكرك هدى، ما تحصلين عليه لا يكفي قوتكِ اليومي.

هدى: عندما تكون المحبة يوجد الفرح.

خالد: كلماتكِ تنشر الروح في جسدي، تعيد الحياة إلى قلبي.

هدى: تزداد دقات قلبي كلما كنت تشتري الورد مني.(تغازله).

خالد: كنت أتعجب عندما يخفق قلبي كلما قابلتكِ.

هدى: وأنا اشعر بقوة تجذبني نحوكَ.

خالد: لا تتخلي عني وأنا بهذا الحال.

هدى🙁تغازله) كنتَ تائه مع أصدقائك الذين تركوك، ولن تنتبه لي.

خالد: صحيح كنت أقول مع نفسي هذه البنت أميرة الأميرات، تبيع الورد بشرف واحترام.

هدى: علمتني الحياة أن احترم ذاتي بعد خطأ وقعت به.

خالد: كما تشائين، خذي قلبي وتصرفي به .

هدى: أعجبت بنظراتكُ وبسمتكُ، وأنت كنت مثل الصخرة معي.

خالد: لا كنت مشغول بالفسق والرذيلة.

هدى: وهذه نتيجتها بحالة يرثى له.

خالد: لا أريد شفقة منكِ إذا قلت لك تبقين معي وأنا بهذا الحال.

هدى: كل هذه الفترة التي عرفتكَ أحببتكَ بصمت، وثق إذا بقيت معك لن تكون شفقة ولا احتياجي لها.

خالد: كنت اعرف أنك تحبني اعرفها من نظراتكِ وبعض كلمات المجاملة عند شرائي الورد. لماذا أنتِ بنتٌ متسكعة

في الحانات؟ بائعة للورد.

هدى: بعت الورد حتى أعيش، لو كنت تعلم ان أبي صاحب سلطان وشأنٌ، وبنت الشرفاء تبيع الورد.

خالد: كنت أقول مع نفسي ان هذه البنت بنت عائلة والبنت الوحيدة في هذه الحانة كان يميل قلبي إليها.

هدى: تذكر كم مرة قلت لك لا تشتري كل الورد وتوزعها على أصدقائك، كنت اخفي حبي لك في قلبي وأقول ما هذا السخاء وتبذير النقود، وأنتَ مشغولا معهم طول الوقت ولا تدري بما يجري حولك.

خالد: هدى، هل تحبني؟

هدى: نعم، حبي ليس شفقة بكِ، وإنما إحساس، احكي لي قصتكَ ربما اقدر أساعدك.

خالد: كيف تقدرين مساعدتي بعد ما ضاع كل شيء مني، وأنتِ ماذا فعلتِ حتى صرتِ بائعة ورود؟

هدى: اسمع قصتي أولا ثم احكم.

خالد: أنا لست حاكما، حاليا أنا أجير أرعى الأغنام.

هدى: أقول لك من أنا على شرط أن تقول لي من أنتَ.

خالد: حدثيني أنتِ أولا.

هدى: خالد، في احد الأيام اتّفق الشره مع الجبان الخائن ليعمل مجانا، هكذا تفعل الرذيلة كل ساعة تجاه الجهلة، فهي تحرّك القلب للتأمّل بما لا يليق به شابة أضاعت مناجاة أبيها، كنت اسمع كلام حبيب القلب لأنه جعلني أرى ما لا استطيع رؤيته، وجعلني أرى الحياة بدونه محالة، هربت مع شروق نور الشمس، وهربت سعادتي معه، قال لي: القمر يسألني عنكِ يا أميرة الليالي، والبحر يسألني عن حوريته، وقلبي يبحث عن جمال كلماته، ستحملين صفة الحبيبة الهاربة. هكذا صدقت كلامه وهربت من بيت أبي، بعدما جئنا الى هنا تركني وحيدة، دمر حياتي برحيله، أصبحت تائهةً متسكعة الشوارع، وعلمت انه خائن كذاب وشاب مراهق، تركتُ أبي وحيدا مع زوجته ولحقت خلف حبيبٌ خائن، (توجه كلامها للجمهور) أيّتها العاشقات الساذّجات، الطيّبات، الغبيّات، ضعن هذا القول نصب أعينكن(ادخلي الحب كبيرة واخرجي منه أميرة لأنك كما تدخلينه ستبقي).

خالد: هل كنت تحبينه الى درجة قررت الهروب معه .

هدى: كان حب مراهقة اختلطت فيها العواطف.

خالد: بكل بساطة وسهولة صَدقتُ كلام الحبيب الخائن، وماذا حصل معه.

هدى: بعدما ما وصلنا الى هنا ونحن ما زلنا في الشارع نبحث عن مكان للإقامة، لحق خلفنا أبوه وأمه واسمعوني كلام لا يتحمل إي شخص سماعه، واتهموني أنني السبب، أعادوه الى منزله وتركوني وحيده في الشارع، ابكي على حالي في صباح ضاعت فيها أفكاري ولحقتُ خلفه وتركت أبي .

خالد: وماذا بعد.

هدى: كنت أخاف العودة الى بيت أبي، أخاف من كلام زوجته، أخاف الفضيحة وأنا بريئة، ساعدتني امرأة صاحبة محل لبيع الورد وبقيت معها الى يومنا هذا.

خالد: آه، آه ما أعمى الجهالة، لو نزل الجاهل والمتعلم الى البحر سينجو من الغرق من يعرف السباحة، وأنا لا اعرف

السباحة ولذا غرقت في بحر الملذات والفجور.

هدى: هذه قصتي وحكايتي. وأنتَ ما هي حكايتك.

 خالد: كنت احد أفراد عائلة محترمة تعيش بأمان انفصلتُ عن حبّ والدي، ورحلت بعيدا بما اقتنيته من ثروة، ورغبت وأحبّبت الإقامة مع الغرباء، نسيَت عنايةَ البيت الأبويّ وما فيها من جمال، وشرعت أتيه في ما لا يليق ببيوت الشرفاء، خرجت بالنفس والجسد، وتنكّرت لبني جنسي.

هدى: خالد أرجوك لا تحكي لي بالألغاز، ماذا جرى لك حتى تصبح مفلساً؟

خالد:أصبحت مفلسا بعد ما أنفقت كل ما املك على الرذيلة والتهريب والممنوعات وكل شيء محرم جربته.

هدى: ما هي قصتك؟ اقصد من أنتَ.

خالد: اسمعي قصتي يا هدى أولا.بعدما رسمت طريق حياتي وفي احد الأيام تحدثت مع أبي.  قلت له حقُّ أبناء الأحرار أن يكونوا أسياداً. قال لي: كلُّ إنسان في هذه المدينة يعرفُ أنكَ من نسل يملك السيادة. قلت له: أرجو يا أبي أن تلبي لي رغبة في نفسي، فهبني أن أمتلك أسمي.

أجاب والدي: ما هذه الرغبة التي في نفسك، هل تريد الزواج؟ اشر بإصبعك، حتى لو كانت بنت السلطان.

قلت له: لا اريد بنت السلطان، ولا أنا ولهان، ولا أحب النسوان. طلبي عدم وضع أي قيود في تصرفاتي أو حركاتي، فلن أكون صغيرا. أعطني حصّتي من الميراث فأكون مسلّطاً على نشاطي، ولأكون سيّد أموالي وأدبّر مالي.

رد عليه والدي بعصبية لك حقّ في الميراث، اسأل نفسك كيف تطلب الميراث، فما زالت على قيد الحياة، ولكني تمسكت برأي وأخذت حصتي من الميراث. وقبل أن أغادر منزل أبي قالت لي أمي: لقد كبرت في أحضان أبوان محافظان واليوم لا تسيطر على رغباتك بعدما ظهرت عليك ملامح الشباب. ابني لا تقدر أن تقاوم رغبات الإنسان وأفكار الشيطان، فما زلت صغيرا أخاف عليك من الضلال، وتتجاوز الخطوط الحمراء وتخترقها جهلاً أو رغبةً في تجربة كل ما هو محظور. أخذت حصتي من المال  وكان يسيطر على نفسي شعوراً بالاستقلالية

قالت لي أمي: بعدما تأخذ حصتك من بيت أبيك، ستكون منفصلا عن حبّ العائلة، ستبتعد عنا وتقيم في موضع لن تجد فيه، سمعت قصتي وعرفت لماذا أنا بهذا الحال، تعرفين لماذا، لأني كنت جاهل والشيطان علمني الرذيلة ؟

هدى: وماذا تريد أن تعمل، هل تبقى ترعى الأغنام وتأكل من علفهم.

خالد: لا أعلم ولا يوجد من يرشدني على الطريق الصحيح.

هدى: وأنا كذلك هل سأبقى أبيع الورد في الشوارع والحانات أم أجد حلا لمشكلتي.

خالد: أرى نفسي مهاناً في ألاثم. وجعلني الجهل مسلوباً من الرحمة.

هدى: أنا أيضا الجهل أهلكني، لا اعرف ماذا اعمل.

هدى: خسرنا كل شيء لأننا لن نسمع كلام العاقل.

خالد:  لم اسمع كلام أمي عندما كانت تعاتبني وأنا تركت الصلاة.

هدى: (باستغراب تسأل) كنت تصلي ؟

خالد: كنت أصلي وأصوم، وملتزما بما علمني أبي لحين دخول الشيطان في حياتي.

هدى: نحن الاثنان خسرنا نفسنا، ماذا تفكر؟

خالد: لا اعلم، أفكر بالعودة الى بيت أهلي، لكن سيطردني أبي، وأفكر بالتوبة ولكن من يقبل توبتي بعد كل

هذه الخطايا، وأنتِ تشتاقين لأبيكِ، ارجعي لوالدكِ واعتذري منه.

هدى: هروبي خيانة للعائلة التي ربتني، لا لن ارجع الى بيت أبي لقد سمعت أن مصاب بشلل بعد بهروبي وضياعي في الشوارع.ولا استطيع مقابلو زوجة أبي سأكون أضحوكة أمامها .

خالد: فكري بالرجعة ومهما كانت ردة فعل أبيكِ زوجته أحسن من التسكع بالشوارع وبيع الورد ربما تنتهي مشكلتك.

هدى:  بأي وجه ارجع، بهذا الوجه الأسود، بعدما حمل والدي العار، بنته الوحيدة هربت مع مراهق وتركها في الشارع، بنته التي ضحك عليها صبي بكلام جميل، ونكرت كل الأعراف.

خالد: أنتِ عقدت الأمور كثيرا

هدى: (بتملق وتوسل) خالد شكرا للظروف التي قربتنا مع بعض (تتغزل) أنت النّعيم لقلبي والعذاب له، أنت

القلب العطوف والحنون، ألا تستطيع تقديم لي خدمة ؟

خالد: عن أي خدمة تتحدثين.

هدى: تعرف خالد، سأرجع الى بيت أبي وأقول لهما أنني هربت معك لأن أبي لا يعرف مع من هربتُ ورجعنا نطلبُ العفو منك.

خالد: هل انت مجنونة، يكفي أنني في ورطة ولا اعرف كيف ستكون رد فعل أبي إذا فكرت بالرجعة تردين اكذب على أبيكِ وزوجته مستحيل.

هدى: أرجوك خالد اعتبرها كذبة بيضاء قول لوالدي أنا هربتها واليوم نحن بين يديك.

خالد: هدى ماذا تقولين مستحيل اخدع والدكِ، ولن أكن خالد الأمس بعدما اقتربت من التوبة.

هدى: (بتملق) تعال نبني سوى عش المحبة وبالحب نكون عائلة.

خالد: يا محلا الدنيا، ويا محلا الاحلام، اثنان خطئا وأبيكِ الذي لا يقبلك في بيته، وأبي الذي بددت ثروته.

نحن ضياع، تعرفين ما معنى ضياع، ضياع من يرحمنا؟

هدى: تباً لذاك الصباح الذي خرجت من بيت أبي وتباً للحب المغشوش الكاذب.

خالد: كنت في نعيم أعيش في بيت أبي، ولكن الشيطان جعلني أتمرد وألحق الرذيلة.

هدى: تعال خالد نرجع للمكان الذي جئنا منه، ربما نجد من يرحمنا.

يدخل الاب والد خالد ويفاجئ بوجود خالد وهدى

الاب : خالد

خالد يفاجئ ويرتبك ويخاف  ويحاول أن يختفي خلف هدى بعيدا عن وجه أبيه

الاب: خالد … أنا أبوك لا تخفي وجهك عني لقد عرفت ماذا فعلت والى أين وصلت.

خالد: أرجوك ابتعد عني لا أريد أن أراك

الاب : تقرب لعندي .. أنا جئت لأجلك بعدما عرفت ما فعلت من سوء وفساد، قلت لك ابتعد عن الشيطان الذي يأتيك بمُغريات وأشياء كثيرة لا تشعر بها حتى تقع تحت سيطرته. ولن تسمع كلامي.

خالد يحاول الهروب من المسرح لكن الاب يقف أمامه ويمنعه من الخروج.

الأب: أيام ابحث عنك بعدما علمت أنك ترعى الأغنام ابني خالد تعال لحضن أبيك.

خالد: (بخوف) يا أبي، أثمتُ جداً، وخطئت بلا حساب، لا أستحقّ أن أكون ابنك.

الاب: أراك تعباً، مرهقاً، مسحوقاً بملابس بالية.

خالد: أبي خطئت إلى السماء وأمام وجهك خطئتُ كثيراً، لا قليلاً، وأنا أعترف.

الاب: الحمد الله على أنني وجدتك .

خالد: ظلمتُ حبّك وبدّدتُ غناك، خطئتُ وأنا لا أستحقّ أن أدعى ابنك.ولا يليق ان أناديك أبي لأني خاطئ، ولا يحقّ لي دخول بيتك

الاب: تعذّبنا وتنهّدنا على آلامك.

خالد: هب لي أن أعمل كغريب، من أجل خبزي اليوميّ، فآخذ القوت مع الأجراء الذين في بيتك.

الاب: توقّف ولا تبكِ على ما أضعتَ في الأيام القديمة، ففي بيت أبيك غنى عظيم لا قياس له.

خالد: فأنا أعلم أني خطئتُ كثيراً وخرجتُ من حدّي.

هدى: لا أشكّ أنّ جهالتنا أعظم من أن تُغفَرا لنا، وأن البحر أصغر من أن يُغسل نجاساتِ نفسنا البغيضة.

الاب: توقّفا ولا تبكيا جرائم جهلكما، فإن كان جرمكما عظيماً، فأنا أحسبه لا شيء وأنسياه.واجعل علامة التوبة أمامكما حتى نهاية الطريق.

الاب: من هذه الحسناء التي معك.

هدى: سأقول لك من أنا، الهاربة من بيت أبي والذي أصيب بالشلل ولن يتحمل الصدمة، وزوجته أخذت كل شيء، أتريدني أن أخطّ أحزان قلبي، ولا أبكي فؤادي المجروح.

الاب: لا تحزن لأن رحمة الله تحنّنت على الإنسان مجاناً، بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) لهذه المحبة شكل مميز هو الرحمة، ورحمة الله هي محبته للتوابين.

خالد: هل ستقبلني في بيتك

الاب :بسم الله الرحمن الرحيم( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) صدق الله العظيم

خالد: وهدى ستبقى معنا.

الاب: وهدى معنا طالما أنتما بمحبة ، تعالي يا بنتي فأنا أبيك. سنرجع الى بيتنا فوالدتكُ تنتظركَ.

ينحني ليقبل رجليه لكن الاب يأخذه بحضنه .

تغلق الستارة

انتهت

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى