حوار/ د. وسيلة محمود الحلبي
تعتبر مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعمل الخيري من أجمل المناسبات ،التي تبهج القلب وتسر الخاطر، إذ أنها تلامس الشعور الإنساني ،وتدغدغ القلب وتنعش الروح ، فالعمل الخيري يعمل على تقوية الروابط الاجتماعية، وتعزيز التواصل بين كافة طبقات المجتمع ، ويهدف لخلق مجتمعات متحابة بعيدة كل البعد عن التعصب والمشاكل. ويتم من خلال العمل الخيري تقديم الدعم بكافة أشكاله للأسر والأشخاص المحتاجين، ويمكن أن يكون هذا الدعم على شكل مبالغ مادية، أو ملابس، أو مسكن، أو طعام، أو غيرها من أشكال الدعم التي تحتاجها الأسر الفقيرة. ويساهم العمل الخيري في تعزيز الثقافة ورفع مستوى الشعوب. ويسعى الكثير من الأشخاص والجمعيات إلى تقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي للأسر والأشخاص المحتاجين، وقد قامت الأمم المتحدة بتخصيص يوم عالمي للقيام بالأعمال الخيرية.
وضمن هذه المناسبة الغالية على قلوبنا كان لنا أكثر من لقاء في “جمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة ” مع رئيسة مجلس الإدارة وعددا من عضوات المجلس وعرضت عليهن عددا من المحاور للحديث عنها :
“اليوم العالمي للعمل الخيري”
نحتاج إلقاء الضوء على الأعمال التي تقدمها جمعية كيان لأبنائها الأيتام ومستفيديها؟
ما هي خصائص العمل الخيري برأيك؟
فقالت الأستاذة سمها بنت سعيد الغامدي رئيس مجلس الإدارة بجمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة :
” اليوم العالمي للعمل الخيري مناسبة مهمة لنؤكد فيها دور الأعمال الخيرية في المساهمة في التنمية المستدامة للمجتمعات وتحويلها من الرعاية إلى التنموية وبفضل الله حصلت مملكتنا الغالية على المرتبة الأولى عربياً ، والثالثة عالميًا وهذا مؤشر كبير لما يمثله فعل الخير من أهميه كبيرة لدى السعوديين ، انطلاقا من قيمهم الإسلامية التي تبني في نفوسهم معنى الاحسان والتكافل .كما أن التنامي في أعداد الجمعيات يدل على دعم الدولة وتشجيعها للمواطنين ، لتقديم أعمال الخير في ظل تنظيمات محكمة ، وبإشراف المركز الوطني للقطاع غير الربحي ، حتى بلغ عدد الجمعيات أكثر من ٣٠٠٠ جمعية في فترة وجيزة . ولو نظرنا لما يمثله عمل الخير من قيم عديدة أهمها : قيمة العطاء والبذل في أوجهه المختلفة في محيطنا الأسري ، والمجتمعي ، لرأينا أنها قيمة تربوية مهمة ، وأسلوب حياة تبني في النفوس حس المسؤولية ، وتربي الأجيال على منهج سليم ، يشعر الفرد بدوره في مجتمعه بدءا من أسرته ليكون بعيدا عن الأنانية وحاصلا على أحد أبواب السعادة التي تحقق لها الرضا والقناعة ، أيا كان هذا البذل وعمل الخير ماديا أو معنويا .
وأفضل مجال لتوجيه هذه الرغبة التوجه للجمعيات الخيرية ، والمساهمة الفاعلة فيها ومنها جمعية “كيان للأيتام” المسجلة في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برقم 787 التي تعد أحد منافذ العمل الخيري ، لاحتوائها الأيتام ذوي الظروف الخاصة، بهدف تنميتهم وبناء قدراتهم وتمكينهم ،وتشجيع فرص الاندماج المجتمعي من خلال العديد من البرامج والمشاريع التي تصب في صلب احتياجاتهم ،مثل: التعليم والتأهيل لسوق العمل ودعم تمليك المساكن وبرامج تطوير الذات ، واكتشاف المواهب والقدرات ، وبرامج الكفالة والأسر الصديقة وغيرها . إن مجالات التطوع وعمل الخير متاحة للجميع ، فلا تبخل على نفسك أو أسرتك من العطاء في هذا المجال ، وخاصة أن ديننا حث على عمل الخير ،بالصدقات والزكوات وإعانة المحتاج ، ونبينا محمد صل الله عليه وسلم كان قدوتنا في عمل الخير ، وحض على كفالة الأيتام والإحسان إليهم ، كما اهتم بكل محتاج لتحقيق التكافل الاجتماعي الصحيح .
كما شاركت في الحوار من خلال هذه المحاور بالأستاذة منى الغامدي عضو مجلس الإدارة بجمعية كيان للأيتام ، قلت لها :
أستاذة منى الغامدي ماذا يعني لك العمل الخيري؟
حدثينا عن بعض مساهماتك في هذا المجال ؟
ما هي خصائص العمل الخيري برأيك؟
فقالت أستاذة منى الغامدي:
حث الإسلام على فعل الخير للناس، وتقديمه ابتغاء وجهه سبحانه وتعالى، ووعد الله سبحانه فاعليه بعظم الأجر والثواب، وجني ثماره في الدنيا والآخرة (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا) وقد دعانا ديننا الاسلامي على فعل الخير، وتكافل الناس فيما بينهم؛ انطلاقًا من كونهم جسدًا واحدًا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وكل مؤمن لأخيه كالبنيان، يشد بعضه بعضًا، ولا يعقل أن يكون في البنيان لبنة معطوبة فاسدة، فإنها تفسد الجميع، والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، وتعاون بعضهم مع بعض، وتقاربهم، وهذا يقتضي التكافل، وفعل الخير، ودفع الشر.
كما دعا الإسلام إلى تكافل البشر جميعًا فيما بينهم، وتدعيم أواصر الصلة والتواصل بغض النظر عن اختلاف الدين، وهو ما نجده في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) والتعارف يقتضي التعاون والتساند والتكافل، كما يفهم ذلك من دعوة الإسلام لفعل الخير مطلقًا، دون تقييد بكون الخير لهذا الجنس أم ذاك؛ كما في قوله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )..
وبفضلٍ من الله أكرمني الله بخدمة فئة مهمة في المجتمع وتكاد تكون الأهم ( الأيتام وذوي الظروف الخاصة ) وذلك لما لرعايتهم مكانة عالية وعظيمة عند الله ورسوله . وكذلك عضوة في جمعية الفصام حيث تسعى هذه الجمعية على نشر المعرفة والتوعية بمرض الفصام من خلال التعريف بحجم المشكلة، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة وتحسين حياة هذه الفئة ودمجها في المجتمع. كما أنني عضوة في ملتقى الأسرة الخليجية وعلى مستوى الخليج العربي حيث تسعى هذه الجمعية لتكاتف دول الخليج في معالجة كل المشكلات النفسية والاجتماعية التي تطرأ على مجتمعاتنا ، ونعمل على تحسينها وتبادل الخبرات . فالعمل الخيري والعطاء دون حدود يشعرني بالسعادة اللامتناهية ويعزز ثقتي بنفسي وقدرتي على تقديم كل ما أستطيع لخدمة ديني ووطني ومجتمعي .
كما التقيت بالأستاذة هدى سيلان عضو مجلس الإدارة بجمعية كيان للأيتام التي قالت أيضا :
يتمتع العمل الخيري بمفهومه الواضح والصريح بمجموعة من الخصائص، وهذه الخصائص موضحة في عدة نقاط منها: إن العمل الخيري يعتمد على القيام به بشكل تطوعي ودون إكراه أو إجبار. إن الشخص الذي يقوم بالعمل الخيري لا يتنظر مقابل أو مردود مادي أو معنوي لقاء قيامه بهذا العمل الخيري. ويمكن القيام بالعمل الخيري بشكل إفرادي أو من خلال المنظمات التي تعمل على تقديم كافة أشكال الدعم والأعمال الخيري للمحتاجين. والقيام بالعمل الخيري يزيد من شعور الرضا والطمأنينة لدى الشخص الذي يقدم المساعدة للمحتاجين.
كذلك كان مسك الختام مع الأستاذة خيرية العلي عضو مجلس الإدارة بجمعية كيان أيضا والتي قالت: يهدف اليوم العالمي للعمل الخيري تشجيع ودفع الناس والشركات ومنظمات المجتمع المدني على القيام بالأعمال الخيرية التي تساعد في الحد من الفقر، والوصول إلى مجتمع خال من الفقر والفقراء ويهدف العمل الخيري إلى رفع مستوى الثقة بين المجتمعات المتنوعة ، وتعزيز التواصل فيما بينهم، وتجاوز الحواجز الموجودة بين مختلف طبقات المجتمع. والتشجيع على العمل الجماعي ورفع مستوى الشعوب، ورفع مستوى الشعور والإحساس بالمسؤولية المجتمعية، وإيصال فكرة عن مدى صعوبة التحديات ، وضرورة تكافل الجهود للقيام بالأعمال الخيرية، ومساعدة الفئات المحتاجة. وإن القيام بالعمل الخيري له فوائد كثيرة، ويعمل على رفع مستوى الشعوب، ومن فوائده: تعزيز التواصل بين مختلف فئات وطبقات المجتمع، وبناء العلاقات فيما بينهم. رفع مستوى المسؤولية من خلال التفكير بالآخرين ، والاحتياجات التي تلزمهم والقضاء على الأنانية. وتقوية مبدأ التشاركية من خلال القيام بالأعمال الخيرية. وحفظ كرامة الشخص المحتاج من خلال تقديم الدعم الذي يحتاجه دون أن يقوم بطلب هذا الدعم من أحد.
وبعد….أعزائي القراء الكرام
إن اليوم العالمي للعمل الخيري هو في الخامس من سبتمبر من كل عام، حسب ما أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في اجتماعها المنعقد في عام 2015 ميلادي، حيث تم إقرار اليوم الدولي للعمل الخيري بهدف تشجيع ودفع الناس والمنظمات المختلفة لدعم الفقراء والأيتام وغيرهم من المتضررين ليعيشوا حياة كريمة في مجتمعاتهم