دكتور هشام عوكل استاذ ادارة الازمات والعلاقات الدولية
انتهاء اسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر أصبح حقيقة واضحة عقب انتصار المقاومة الفلسطينينة بغزة وما تحققه من انتصارات. فشل القبة الحديدية في إيقاف الصواريخ الفلسطينية، وفشل إسرائيل في تحرير الرهائن وتفاوضها بشروط المقاومة، وعدم قدرتها على تنفيذ تهديداتها بالقاء قنبلة نووية على غزة، إضافة إلى ارتكابها جرائم إرهابية ضد الشعب الفلسطيني، كلها أدلة على أن الجيش الإسرائيلي لم يعد الجيش المرعب الذي كان عليه سابقاً. ارتفاع راية المقاومة الفلسطينية داخل وخارج غزة أصبح سابق لأوانه لتذكير العالم بأن القوة الحقيقية لا تكمن في القوة العسكرية الجبرية، وإنما تكمن في الإرادة الثابتة والصمود المستدام للشعوب التي تسعى لتحقيق حريتها وكرامتها.
يعتبر انتصار غزة من أروع الانتصارات في التاريخ الحديث، من قال بأن تحقيق النصر والتحرر الوطني لا يحتاج الى شهداء وتضحيات اخواننا بدرب الحرية والاستقلال الجزائر الشقيق دفع مليون شهيد لنيل الحرية نحن كباقي الشعوب التي دفعت ثمن حريتها تمكنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من تحقيق انتصارات استراتيجية فرضت الحقائق على الأرض وكسرت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي كان يُعتبر لا يقهر. ومع هذا الانتصار تحطمت أحلام إسرائيل بتهويد فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً. وكلما اشتدت آلام الشعب الفلسطيني ، تعانقت الآمال والتحدّيات في زاوية واحدة الصمود والمقاومة التي أظهرها الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وقدرتهم على الابتكار والتفكير خارج الصندوق لتحقيق النصر بمواجهة كل التحديات والمصاعب، والعزيمة المتجددة لتحقيق الحرية والعدالة رغما تتامر الغرب وعلى راسهم الولايات المتحدة الامريكية كذبون بانهم دعوات حرية وحقوق الانسان لقد كان صراعًا بين الأيديولوجيات واختبارًا للقدرة على التحمل
فالحرية والعدالة لن تبقى خيالًا، بل ستصبح حقيقة صامدة ومتينة بقوة الشعب الفلسطيني الذي يتحول من أحجية في الأذهان إلى قوة تصنع التاريخ. وإلى ذلك الحين، تجد الأمة العربية والعالم بأسره أنها تؤمن وتُشجع هذا النضال العادل، وتنتظر استكمال الحكاية الملحمية لنهاية الحلم الإسرائيلي ونصر شعبنا الفلسطيني العظيم!
فشل القبة الحديدية:
على مر السنوات، طوال فترة الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حاولت إسرائيل الترويج لفعالية نظام الدفاع الصاروخي الذي أطلقت عليه اسم “القبة الحديدية“. وقد أُعلن أن هذا النظام يستطيع اعتراض وتدمير الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية بدقة عالية. ومع ذلك، فإن تلك المزاعم تحطمت مع استمرار سقوط الصواريخ الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع حساسة داخل إسرائيل. هذا الفشل الذريع أكد أن الجيش الإسرائيلي ليس كما كان يُصور وأن قوته مبالغ فيها. فقد بات لزامًا على العالم أن يدرك تحوّل هذه الأساطير العسكرية لدى الجيش الإسرائيلي. إنها أساطير مزيفة وهشة لا تقوم على أساس قوي. ومع هشاشتها، نكتشف أن الجيش الذي لا يقهر ليس أكثر من سلاح للقمع والظلم، بعيدًا عن أنه قوة حاكمة حقيقية.
تحرير الرهائن:
ذهبت إسرائيل وراء هدف آخر يعتبر هو القمة الأولى في مفهوم الاستسلام، وهو استعادة الجنود الإسرائيليين الذين احتجزهم من المقاومة الفلسطينية. ومع مرور الوقت وضغط المقاومة ورد الفعل الفلسطيني، استشعرت إسرائيل بأن الجنود الذين يعتقد أنهم الأغلى عندها ليسوا سوى أدوات تستخدم لتحقيق هدف آخر. وسط رغبتها المفرطة في استعادة الرهائن، فشلت إسرائيل في إحراز التقدم المرجو واضطرت إلى التفاوض بشروط المقاومة الفلسطينية. وهذا أثبت أن قدرة إسرائيل على حماية جنودها وتحريرهم ضعيفة وأنها لم تعد الدولة القوية التي تدعي أنها عليها.
القاء قنبلة نووية على غزة:
في خضم الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على غزة، كان هناك تلميحات وتهديدات من قبل المسؤولين الإسرائيليين منهم وزير التراث” عميحاي إلياهو” بعد أن أعرب عن انفتاحه لفكرة إلقاء إسرائيل قنبلة نووية على غزة. كان هذا التهديد محاولة بائسة من إسرائيل لكسب الرهان وإرهاب الفلسطينيين. ولكن مع تصاعد الضغوط الدولية والتنديد العالمي بتلك التهديدات، اضطرت إسرائيل للابتعاد عن هذا السيناريو المرعب. تأكد العالم بأسره أن إسرائيل لا تحظى بقدرة تنفيذية لقاء قنبلة نووية وأن مثل هذا التهديد كان مجرد استعراض قوة فارغ. فمن استعراضها البشع للقوة إلى استهدافها السافر للمدنيين، كشف العدوان الإسرائيلي عن مستوى من الغطرسة التي مهدت الطريق لسقوطها في نهاية المطاف
لقد كشفت حرب غزة “طوفان الاقصى ” عن مغالطة تصور إسرائيل لنفسها باعتبارها المحتل الشرعي الوحيد لفلسطين. إن وابل الصواريخ التي تنهمر على المدن الإسرائيلية لم يبث الخوف في قلوب مواطنيها فحسب، بل حطم أيضا وهم الهيمنة الإسرائيلية. ومع كل يوم يمر من المقاومة، وقف الفلسطينيون شامخين، وقاموا بتفكيك رؤية إسرائيل للقهر، رغم ارتفاع عدد الضحايا حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى أكثر من 9878 شخصانصفهم اطفال وثلث نساء عزل ، بالإضافة إلى أكثر من 12500 ألف جريح
تهجير الفلسطينيي إلى صحراء مصر:
تهجير الفلسطينيين إلى صحراء مصر هو مشروع قديم تم طرحه من قبل بعض السياسيين الإسرائيليين والمصريين، والذي يهدف إلى نقل سكان قطاع غزة إلى صحراء سيناء المصرية. يُزعم أن هذا المشروع سيحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وسيساعد على استقرار الوضع الأمني في المنطقة.
تعود جذور هذا المشروع إلى فترة ما بعد حرب 1967، عندما اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، أبا إيبان، إنشاء دولة فلسطينية في سيناء. ومع ذلك، رفضت مصر هذا الاقتراح، واقترحت بدلاً من ذلك إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في عام 2005، طرح الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، فكرة تهجير الفلسطينيين إلى صحراء سيناء. واقترح مبارك إنشاء مدينة جديدة في سيناء لتستوعب سكان قطاع غزة. ومع ذلك، رفض الفلسطينيون هذا الاقتراح، واعتبروه محاولة لطمس هويتهم الوطنية.
في عام 2023، أعاد الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، طرح فكرة تهجير الفلسطينيين إلى صحراء سيناء. واقترح السيسي إنشاء منطقة اقتصادية خاصة في سيناء لتستوعب سكان قطاع غزة. ومع ذلك، رفض الفلسطينيون هذا الاقتراح أيضاً، واعتبروه محاولة لفصلهم عن أرضهم.
هناك العديد من المعارضين لمشروع تهجير الفلسطينيين إلى صحراء مصر. يُعارض الفلسطينيون هذا المشروع لأنه يُعتبر انتهاكاً لحقوقهم الوطنية، وسيؤدي إلى تشتيت الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم. كما يُعارض المشروع العديد من الدول العربية، لأنها تعتبره محاولة إسرائيلية لفرض حل نهائي للقضية الفلسطينية دون موافقة الفلسطينيين.
هناك العديد من التحديات التي تواجه مشروع تهجير الفلسطينيين إلى صحراء مصر. أولاً، يُعتبر هذا المشروع غير واقعي، حيث أن عدد سكان قطاع غزة يبلغ حوالي 2 مليون نسمة، وهو عدد كبير جداً بالنسبة لصحراء سيناء. ثانياً، يُعارض هذا المشروع من قبل العديد من الأطراف، بما في ذلك الفلسطينيين والدول العربية. ثالثاً، يُعتبر هذا المشروع غير أخلاقي، حيث أنه يُعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان.
إرهاب دولة إسرائيل:
على مر التاريخ،قامت إسرائيل بارتكاب أعمال إرهابية ضد الشعب الفلسطيني وأهل المنطقة العربية. من قتل الأبرياء وتهجير الشعب الفلسطيني من ديارهم، إلى ارتكاب جرائم حرب واستعمار الأراضي الفلسطينية، قد سجلت تلك الجرائم على مر السنوات. تاريخ إسرائيل مليء بالعدوان والاعتداءات الوحشية التي تستهدف الأبرياء، وهي لا تخجل من انتهاك حقوق الإنسان الأساسية. هذا يبرهن أن إسرائيل بعيدة كل البعد عن دعوى أنها دولة مدنية تتعايش ضمن منظومة امن والسلم الدوليين
بينما يفكر العالم في العواقب التي تخلفها حرب غزة، فإن زوال حلم إسرائيل يبدو أمراً لا مفر منه أكثر من أي وقت مضى. إن الحصار المفروض على غزة، والغارات الجوية المتواصلة، والعقاب الجماعي المفروض على الشعب الفلسطيني، لم يؤد إلا إلى زيادة تصميمهم على النضال من أجل العدالة. لقد أدى عدوان إسرائيل الوحشي إلى تلطيخ صورتها التي كانت راسخة ذات يوم، مما جعلها عرضة للانتقادات من جميع أنحاء العالم. ورغم أن الطريق إلى العدالة قد يكون طويلاً وشاقاً، فقد أثبتت حرب غزة بوضوح أن أي حلم بالهيمنة لا يمكن قهره. لذلك دعونا نستمر في فضح الظلم والوقوف وراء المضطهدين، لأنه من خلال الوحدة والتصميم الذي لا يتزعزع يمكننا ضمان مستقبل تبنى فيه الواقعية بالتحرر والاستقلال على التعاطف والرحمة والمساواة
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضوروة يعبر عن سياسة الموقع