ط
مسابقة القصة القصيرة

باتنة والبحر.مسابقة القصة القصيرة بقلم / حفيظة ميمي الجزائر

الإسم واللقب: حفيظة ميمي
البلد: الجزائر
البريد الإلكتروني:[email protected]
مجال المشاركة: القصة القصيرة بعنوان : “باتنة والبحر”
باتنة(*)والبحر
حدث ذات مرة ان تحدثت المدينة الصامتة فقالت للبحر القادم من بعيد:
ـ لماذا إقتحمت عليّ باتنتي..؟!
فصفعها بأمواج صمته الهادئ:
ـ آه منك فاتنتي .. إستيقظي..!
فتّحت المدينة عيونها الناعسة، فكّت جدائلها ورقصت.. أيعقل أن يمشي هكذا البحر إلى جوارها بخطواته الواثقة..؟ ويحاورها بصمته الملائكي:
ـ كم ضعيف أنا أمامك باتنة..!
قالت :
ـ مخطئ يا بحر .. فمن إذن أغرق الفاتنة ..؟! ووقع على زلزلتها باتنة..؟!
قال :
ـ يا أيتها الراقية كالحضارة ، يا أجمل الهدايا .. هل تعلمين حكاية البحر العاشق الذي أغرقته المدينة اللاهية..؟!
قالت :
ـ أو ذاك الذي قالت الأساطير عنه ؛ من العشق بكى..؟!
قال :
ـ علها دموع الحب ساعة جفاء..قد تغري حبيبته يوما على النزول لتستحم في بحر أمواجه الحانية.
قالت :
ـ أو علها دموع الحب عمر لقاء..فهي لم تكن أبدا جافية؛ لبّت نداءه الصامت وهبّت لصلاة العشق ، شمرت على عواطفها.. وقبل التوضأ قيل؛ في مياهه ذابت.. أصبحت عروسا من عرائس البحر، نصفها سمكة ونصفها مدينة..! نصفها شوق ونصفها حزينة..!
كيف إستطاع البحر كل ذلك..؟! ليكون وحده بلا معارك في هذه الحرب المنتصر الرابح..؟! ألم تشرع المدينة أبوابها وتستقبله كبطل فاتح..؟! أيعقل أن تمشي هكذا إلى جواره تقود خطاه حتى لا يضيع بين دروبها ، في الوقت الذي هي في أعماقه ضاعت..؟! تسلمه مفاتيحها وخرائط كنوزها.. تتوجه ملكا وتغنيه أحلى القصائد.. ثم بعد ذلك تظلمها الحكايا وتقول ؛ وحده كان البحر ذلك المغرم العاشق..؟!
عندها فقط قيل ؛ كفكف البحر دموعه وإبتسم…!
متى إسيقظت النائمة..؟!
لمن فكّت جدائلها ورقصت..؟!
متى نطقت..؟ ولمن غنت :
ـ يا أيها الأزرق المتمادي .. يا صاحب المرور المتميز.. لماذا إقتحمت عليّ موانئي وأرصفتي..؟!
قال :
ـ كيف تسألينني يا نقطة البدء ، يا جاذبية الكون..؟!
قالت :
ـ وكيف لا تريدني أن أفعل ومنك البدء وإليك المنتهى..؟!
قال :
ـ كم أنت يا باتنة ساحرة عندما تسكنك بحجم مدينة شاعرة..!
قالت :
ـ وكم أنت يا بحر ساحر عندما تترجل وتمشي في الشوارع لترسم بخطاك أحلى الروائع؛ قصة بحر ومدينة إلتقيا على حافة الجنون أم الواقع..؟!
متى إلتقيا..؟!
من سمع تحاورهما..؟!
من شهد تعانقهما..؟!
وكيف دون وداع إفترقا..؟!
ثم أيعقل أن المدن ترقص والبحر يبكي ..؟! لا أحد يدري….
وهكذا ظلت المدينة صامتة منذ الأزل.. وظل البحر العاشق يغازلها ويدللها بين مدّه وجزره بكثير من الهدايا والقبل..يجيئها باللآلئ والأصداف والحلوى.. وأوراق للعشق والسلوى.. فتزداد المدينة جمالا وتألقا، تشعل قناديلها، تخلع أثواب الإسمنت وترتدي أحلى فساتينها.. فها هو في أجمل المواكب.. ها هو من بعيد البحر قادم..!
فإستيقظي يا أيتها الفاتنة.. إستيقظي باتنة..!
تفتّح المدينة عيونها الحالمة…
وفي لهف تمد يدا من الشوق راعشة.. تحتضن الميكروفون فيغرد منه صوت دافئ حنون ليقول بلغة حميمة هامسة لكل المستمعين والعاشقين.. بعد عدة فواصل صمت موسيقية.. على أمواج الأثير.. أو على موجات البحر الحزين :
ـ ” هنا إلتقيا.. بحر ومدينة.. هنا باتنة..! “.
هامش:
(*) باتنة : مدينة بالشرق الجزائري وهي مدينة جبلية غير ساحلية(أي أنها مدينة لا بحر فيها).

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى