ما كان مجهولا طوال عشرات السنين من أكبر كارثة مدنية عرفتها بحار القرن العشرين، بغرق السفينة “تايتنك” ومقتل 1517 من بين من كانت مبحرة بهم في 1912 إلى نيويورك، عثروا عليه منذ يومين، وتعرفوا عمن تم دفنه فيه بالسر، وهو قبر في مدينة Aberdeen بالشمال الاسكتلندي، اتضح أنه لمن كان يقود السفينة ويقف خلف دفتها لحظة ارتطمت بجبل جليدي أحدث بهيكلها تشققات، فانجرفت إلى مثواها المائي الأخير في الأعماق.
دفنوه بالسر، وبلا شاهد يعلو القبر يدل على صاحبه، سوى من صليب خشبي وضعوه فوقه، ولم يكن يعلم بمكانه إلا أفراد عائلته التي أخفته حتى عن ابنيه وأحفادهما، لكن حفيدة منهم علمت بمساعدة خارجية بالقبر، فقررت الكشف عنه، ووضعت الأربعاء شاهداً عليه يشير إلى أنه لجدها الأكبر قائد الدفة، وفق ما ألمت به “العربية.نت” من الإعلام البريطاني، المشيرة طريقة عرضه للخبر، إلى أن العائلة كانت تخشى أن يعلم بمكانه الغاضبون، فينبشون القبر انتقاماً ويعبثون فيه، لأن قائد الدفة Robert Hichens كان نوعاً من وصمة عار.
كان أول المغادرين للسفينة بقارب نجاة، مع أن ربانها عيّنه لحظة الكارثة عن وضع 28 امرأة وطفلاً في القارب رقم 6 ليلحقوا على متنه بقارب آخر كان أمامهم، إلا أنه تسلل إليه واندس بين من كان فيه، ورفض العودة حين صرخ به ربان السفينة بمكبر الصوت، وأمره مراراً بأن يعود، وهذه من اللقطات المؤثرة في فيلم شهير، أنتجوه باسم Titanic في 1997 عن الكارثة، وفيه مثل البريطاني Paul Brightwell دور قائد الدفة الذي نراه في لقطة من الفيلم يغادرها بالقارب مع نساء، طلبت منه إحداهن أن يمتثل لأمر القبطان ويعود، فرفض.
تلك الراكبة، كانت الأميركية Margaret Brown التي نال منها سرطان الدماغ، فتوفيت في 1932 بعمر 65 سنة، وقبل وفاتها شهدت في كل مناسبة على ما فعله قائد الدفة، وفقاً لما قرأت “العربية.نت” بسيرتها الواردة “أونلاين” بعدد من اللغات، وفيها نجد ما ذكره غيرها من الناجين أيضا، من أن قائد الدفة تخلى عن زملائه من أفراد الطاقم وتركهم يجهدون ويضحون بحياتهم واحداً بعد الآخر، من دون أن ينجو منهم أحد، وقبل غرقهم وضعوا في القوارب أكبر عدد من النساء والأطفال، وأنقذوا أكثر من 700 راكب من موت حاسم. أما قائد الدفة، فكانت حياته التي أنقذها أسوأ ما كان يتصور.
وحاول قتل أحدهم فسجنوه 4 سنوات
في الأخبار المؤرشفة والمتوافرة عن “روبرت هيتشنز” في مواقع عدة أتت على سيرته، أنه عاش بعد الكارثة كئيباً يعاني من مشاكل صحية وعقلية، فأدمن على الكحول وتشرد، وعمل أحيانا كخادم في سفن للشحن ببداية الحرب العالمية الثانية، حتى عثروا عليه في 1940 ميتاً بعمر 58 سنة داخل حاوية خشبية، على متن سفينة شحن باسكتلندا، داهمته فيها نوبة قلبية.
نجد عنه أيضا في موقع مجلة The Maritime Executive الأميركية، أنه خضع في الولايات المتحدة للمساءلة عن نجاته من “تايتنك” ومثلها ثانية في بريطانيا، وأن حياته كانت بحثا بلا طائل تقريبا عن عمل، واشترى في إحدى المرات مسدسا، دفع ثمنه 5 إسترليني ليقتل به أحدهم اسمه Harry Henley من دون أن يذكر الموقع سبب رغبته بقتله، إلا أن تهمة محاولة أدت إلى اعتقاله وسجنه في 1933 مدة 4 سنوات، وسبق لزوجته وابنيه أن انفصلوا عنه في 1931 للعيش في مدينة Southampton بالجنوب البريطاني. كما أتى الموقع على إدمانه على الكحول وعلى اضطراب حالته المادية، وعيشه الكئيب.