ط
الشعر والأدب

بعيداً عن السياسة.. بقلم الشاعر / جمال مرسى

بعيداً عن السياسة
ـــــــ

كَثِيرُونَ هُم فِي بِلادِيَ10273557_747630765294826_2556858436249454142_n
لا يَأْبَهُونَ
بِأَمرِ السِّيَاسَةْ .
و لا مَا يَدُورُ بِأَروِقَةِ الحُكمِ
أو فِي الكَوَالِيسِ
أو مَن يَزُورُ قُصُورَ الرِّئَاسَةْ .
و لا كَانَ يَشغَلُهُم
مَا تَفَتَّقَ عَنهُ كَلامُ الوَزِيرِ الفُلانِيِّ
عَن خُطَّةٍ لَم تَزَلْ فِي المَكَاتِبِ
قَيدَ الدِّرَاسَةْ .
و لا أَنْ يُغيَّرَ هَذَا المُدِيرُ العَبُوسُ
بِآخَرَ
يَبدُو بَشُوشاً
و يَعرِفُ كَيفَ تَكُونُ الَّلبَاقَةُ ،
كَيفَ تَكُونُ الكَيَاسَةْ .
و لا يَعرِفُونَ عَنِ النُّخَبِ المُستَفِزَّةِ شَيْئاً
سِوَى أَنَّهُم كَالتَّمَاثِيلِ فِي قَنَوَاتِ الضَّجِيجِ
أَمَامَ مُذِيعٍ سَخِيفٍ
يَعِيثُ بِأُمِّ الُّلغَاتِ فَسَاداً
فَيَرفَعُ مَفعُولَهَا ،
أَو يُجَرجِرُ فَاعِلَهَا فِي التُّرَابْ .
و يَفرِضُ رَأياً
يَرَاهُ صَوَابَ الصَّوَابْ .
و يَحسَبُ أَنَّ لَدَيْهِ الفَرَاسَةْ.
و أَكثَرُ مَن فِي بِلادِيَ
لا يَعرِفُونَ طَرِيقَ البُنُوكِ
و لا بُورصَةُ النَّقدِ تَعنِي لَهُم أَيَّ شَيءٍ
فَهُم أَبعدُ النَّاسِ عَنهَا
و عَن أَسهُمٍ مَرَّةً فِي اْرتِفَاعٍ
و أُخرَى .. كَحَالَتِهِم .. فِي هُبُوطٍ
و لا يَعرِفُونَ طَرِيقاً
إِلَى أَيِّ مُنتَجَعٍ سَاحِلِيٍّ شَمَالِ البِلادِ
عَلَى بَابِهِ الضَّخمِ يَستَعرِضُ ” البُودِي جَاردُ ”
كِلابَ الحِرَاسَةْ .
و لا يَعرِفُونَ مَرَاقِصَ
يَقضِي بِهَا المَاجِنُونَ الَّليَالِيْ .
عَلى وَقعِ خُلخَالِ رَاقِصَةٍ
يَنثُرُونَ عَلَى خَصرِهَا الَّلولَبِيِّ اللَّآلِيْ .
لِكَي مَا تَحِنُّ العَرُوبُ عَلَيهِم
بِلَيْلَةِ أُنسٍ
تُدَارُ بِهَا الكَأْسُ
تُلقِي بِهِم خَامِدِينَ مِنَ السُّكْرِ و المُوبِقَاتِ
بِدَربِ التَّعَاسَةْ .
و أَكثَرُ مَن فِي بِلادِيَ
لا يَطمَحُونَ بِقَصرٍ مَشِيدٍ
و لَكِنْ بِبَيتٍ
يَلُمُّ شَتَاتَ العِيَالِ بِكُلِّ الإِشَارَاتِ
أَو فِي الشَّوَارِعِ
أو فِي المَقَابِرِ
أو حَاوِيَاتِ الكُنَاسَةْ .
و كُلُّ الَّذِينَ جَرَى فِي عُرُوقِهِمُ النِّيلُ حُرَّاً أَبِيّاً
و هُم يَستَقِلُونَ أَقدَامَهُمْ لِلحُقُولِ ،
و يَمشُونَ فِي شَمَمٍ لِلمَصَانِعِ
مِن أَجلِ لُقَمَةِ عَيْشٍ تُقِيمُ الحَيَاةَ
هُمُ الفُقَرَاءُ
هُمُ البُسَطَاءُ
هُمُ الحًالِمُونَ بِأَمنٍ
و رَايَةِ عَدلٍ تُرَفرِفُ فَوقَ الرُّؤُوسِ
هُمُ الآمِلُونَ بِأَلَّا تُبَاعَ أَمَانِيُّهُمْ بَعدَ يُونْيُو
بِسُوقِ النِّخَاسَةْ .
فَهَلْ يَحمِلُ الغَدُ أَحلَامَهُمْ للِّسَمَاءْ ؟!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى