ط
هنا الجزائر

تحتضنه برج بوعريريج كل سنة الملتقى الدولي الـ 16 عبد الحميد بن هدوقة للرواية ديسمبر المقبل


مكتب الجزائر / دليلة بودوح
أعلنت مديرية الثقافة لولاية برج بوعريرج، مؤخرا عن فتح شروط المشاركة في الملتقى الدولي عبد الحميد بن هدوقة للرواية في طبعته الـ 166، المزمع تنظيمه ما بين 11 و 133 ديسمبر المقبل.وحددت مديرية ثقافة ولاية برج بوعريرج آخر أجل لاستقبال الملخصات المحاضرات هو يوم 30 جوان 2017.وجاء في تقديم الملتقى الـ 16 لعبد الحميد بن هدوقة أن الأنساق المضمرة نشأت تحت إيقاعات التاريخ والسياقات الحضارية، وهي أنساق تتوارى خلف تجليات المكونات الفنية، مستعينة بشتى الأساليب في توجيه الجهاز المفهومي للثقافة. وإذا كان أمر الأنساق المضمرة على هذا النحو من إتقان التخفي في فرض حضورها ، فلا يمكن أن يكشف حيلها ويجليها إلا المناهج المعنية، ومنها مقاربات النقد الثقافي. ومن هذا المنطلق بات من الضروري الاهتمام بالظاهرة الثقافية وآفاقها، كأن يقارب الخطاب بأدوات النقد الثقافي حتى تتاح للمتلقي فرصة الكشف عن مخابئه ذات الصلة الوثيقة بالطرائق الثقافية وسبلها في ترسيخ أنساقها داخل المنجز الروائي.
ويطرح النقد الثقافي نفسه، في الوقت الراهن، كخيار من الخيارات الممكنة، لأنه لا ينظر إلى النص الأدبي باعتباره شكلا ورمزا وإيحاء، ولكنه يعتبره تشكيلا من العلامات السياقية، أو نظاما يخبئ في نسيجه سلسلة من السياقات الثقافية والتاريخية والاجتماعية والأخلاقية، وما سوى ذلك مما نسجته تجارب الإنسان المتراكمة من أفكار وأنساق وقيم. وإذا كانت الحياة تتشكل وتتحرك على إيقاعات التنوع والتعارض والحركية الخالدة، فهذا يعني، من جملة ما يعنيه، أنّ ما انسبك من أنساق ثقافية عبر السنين حائز على قابلية التحول من صورة إلى صورة مغايرة أو نقيضة، وعلى خصائص التطور والتنوع والصراع وقابلية الاندثار والانبعاث. إن الفضاء المعاصر، بما انضوى تحته من توجهات ومفاهيم جديدة وأفكار ضاغطة، ينبئ بانكفاء الأنساق العتيقة على نفسها وتقهقرها من حيث إنها لم تلق قابلية الاستمرار، ومن ثمّ التواجد في ضوء المستجدات التي تفرزها مختلف أشكال الوعي الجديد وما ترتب عنها من مقولات وقوانين. كما يعكس ذلك النقاش على المنابر الإعلامية في العالم: حقوق المرأة والأقليات العرقية والدينية وحقوق الملاحدة والشذاذ والمسجونين . ما يؤكد بروز أنساق جديدة وانكماش سلطة أنساق أخرى كانت ضاغطة بمجموعة من الضوابط التي أملتها السياقات.
وغير بعيد عن هذه المسالك والتصورات المنبسطة على هذا النحو، يتدخل عنصر الخلفية الإيديولوجية، بوجه ما ، ليعمل على تدعيم أنساق وتعطيل أنساق أخرى، وظهور نوع من الصراع بين الأنساق المتباينة من حيث الجذور والمآل . وقد حاول الخطاب الروائي استيعاب هذه المتغيرات والمفاضلات بوصفه أكثر الأجناس الأدبية استجابة وتمثلا، وأخصبها للتعبير عن هذه القضايا المتواترة وإشكالاتها الراهنة.
وقد خصص الملتقى محورين اثنين للمنجز الروائي الجزائري ، فأما المحور الأول فكان تحت عنوان : تجليات النسق الكولونيالي في الرواية الجزائرية: لقد تجسد هذا النسق، بحكم التاريخ والبنية الاجتماعية، كحضور محوري في نصوص كثيرة، ومن هنا بات من الترف الذهني العابث، مقاربة نصوص روائية جزائرية، دون الاهتمام بالنسق الكولونيالي كموضوعة ذات قيمة استثنائية.وأمّا المحور الثاني فجاء تحت عنوان: تمثلات الهوية وفضاءات الهجنة في الخطاب الروائي الجزائري، وهو محور ذو أهمية بالغة لكونه يشير إلى ما تفاعل من علاقة بين مفهوم الهوية ومفهوم الهجنة، أي إنّ مفهوم الهجنة لا تكاد تتوضح معالمه وإحداثياته إلا في ضوء الهوية، ذلك أنّ كلّ طرف مرتبط بالآخر، وقد يتجاوز مفهوم الهوية، كونه قاسما مشتركا بين الجماعات، إلى اعتباره ممارسة غير ثابتة على معنى محدد، بل إنّ بُعد الهوية يتحول بتحول سياقها. وإذا كان الاستعمار يخلق فضاء للاحتكاك بينه وبين المهيمن عليهم ، فهذا ينبئ بميلاد أشكال تثاقفية تحمل خصائص الطرفين. وتبقى الضبابية، التي تبلبل الجهاز المفهومي للهوية، من أعقد المشكلات التي ارتبطت بها، من هنا محاولة الكشف عن هذه المسائل والإشكالات وبسطها من خلال مساءلة النصوص واستنطاقها في سياق تقاطع التاريخي بالمتخيل.
وستفتح المحاور الستة، دون أدنى شكّ، على تشعبات وإيقاعات علاقاتية في أبنية الخطاب السردي الذي يشهد، في الوقت الراهن، انفجارا لافتا يدعو إلى تنويع المقاربات من أجل الكشف عن قضاياه وتعقيداته.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى