ط
الشعر والأدب

تراجيديا الموت وشخصنته في قصة الكاتبة السعودية حليم الفرجي ( ذاكرة الموت )

 

قراءة نقدية
القاص والناقد العراقي
اسماعيل آل رجب.

*إن محاكاة فكرة الموت تثير الانفعال و الألم حتما،،وهي نتيجة مؤسفة ،،وتثير الشفقة والخوف في النهاية
* وهو وصف يتناسب مع المعقول والمنقول من فكرة الموت قال الله تعالى ( فأصابتكم مصيبة الموت ) الآية 106 سورة المائدة
وهنا يشخصن الباري عز وجل الموت على انّه مصيبة وكيان قائم بذاته يصيب الانسان، لكنّ آثاره تظهر على الأقرباء والأصدقاء
وهي التي تتشكّل عنها التعاسة والمأساة ( التراجيديا )غالبا، في سردية رائعة لغتها مشحونة بالشجن، ودلالاتها واضحة، ومؤثراتها تولد الانطباع، وتصوّر “تراجيدية فعل الموت” وهشاشة الإنسان في مواجهته.

تستهل الكاتبة سرديتها بشخصنة الموت بوصفه (وأظنه الظل الأسود الذي يحل ضيفا غير مرغوب به فيخطف الأرواح الجميلة وينخر الأجساد ويجوفها من الداخل )- ولوحذفت الكاتبة لفظ ( الظل الاسود ) بذكر اللفظ الحقيقي (الموت ) فيصبح المقطع السردي (واظنّه الذي يحل ضيفا ) لكان افضل كما فعلت بالمقطع السردي التالي له (أن الموت يحضر باكرا جدا قبل استيقاظنا من النوم فهو لا يخشى الظلام ولا يندس تحت لحافه خشية البرد مثلنا.. يأتي دائما بوجه قاتم لا يضحك ويحمل معه سلاسل كثيرة ليقيد بها الأرواح الفارة من الآخرة). وهنا شخصنة للموت بوصفه وكأنّه شخصا ما.
*المهم ان فكرة القصّة هي ان الصبي السّارد مات ابوه فصار يتيم الأب كمناسبة جمعته مع صبي آخر يتيم الأب هو بائع البسكويت . وتطورت العلاقة بينهما حتى صار احدهما ظلا للآخر
*مرضت ام الصبي السارد وكانت علاقته بصديقه بائع البسكويت لاتزال مستمرّة (حتى عند مرض أمي وارتفاع حرارتها كنت أفضل الجلوس على عتبة الباب وانتظار مرور صديقي عن أن أظل بجوارها لأسمع أنينها وشكواها المتكررة ) ثم ماتت وراح يبحث عن صديقه سامر فوجده قد مات منذ عام في حادثة اليمة وتبرز هنا اشكالية نصيغها بتساؤلين:
الاول:- هل ان مرض الام استمر لمدة سنة؟
والثاني: ماهو سر انقطاع علاقتهما لتلك المدة الى درجة انّه لايعلم بموته ؟ لم يتم ذكر ذلك.
*ثمّ ان السرد في هذه القصّة هو على مستوى عال من الحرفية وليس من المعقول ان تكون الافكار المطروحة والاسلوبية الراقية هي صادرة عن صبي وكان الاولى بالكاتبة ان تحيل السرد اليها بدلا من ان تجعله على لسان بطل قصتها .

*هناك بعض الاخطاء الاملائية واللغوية(اللاشيء) (قرب المساء) (لم اجد) لكنّها لاتكاد تذكر امام هذا العمل الرائع وتكمن روعته في الوصفية الجميلة للحالات الانسانية واللقطات التصويرية شديدة التأثير.
( هناك شيخ كبير يرتدي البياض خطف النعش من بين أيدينا واختفى بين القبور مستبشرا ليوقظ الأموات لاستقبالها، بينما كان يقف صديقي سامر هناك على حافة القبر المعد لأمي وهو يحمل علب البسكويت وعلى وجهه ابتسامة (
*الدلالات والاستنتاجات:-
1- إن المحاكاة في التراجيديا ينبغي أن تؤدي إلي التطهير عن طريق إثارة انفعالين في نفس المتلقّي و هما ” الشفقة و الخوف ” . ويتحقق مغزى التطهير في أن يقع القارئ فريسة لعدد من الانفعالات المتباينة التي تدور في نفسه ، كي يتخلص من نزعاته الشريرة ، و رغباته الجامحة و فرديته العمياء و تهوره الأحمق و غطرسته الزائفة ، حينما يشاهد بعينيه مصارع الآخرين و دمارهم،
2- مهما يكن نوع الموت فإن وقعه مع ذلك يبقى مثيرًا للشّجن والحزن، فهو الفقد بامتياز، وهو النّهاية، وطريق اللاعودة، والوداع.
3- إن أنماط التحكم والقمع المنتجة لأشكال القسوة والفظاعة والخوف والتهميش والإقصاء والتعذيب التي ترزح تحتها كائنات بشرية كلها اوجه تنذر بالموت

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى