بقلم الدكتورة لنجه صالح حمه طاهر
مدرس المالية العامة والقانون المالي
كلية الطب-جامعة كركوك
لقد كانت للتعينات الأخيرة التي قام بها مجلس الخدمة الاتحادي والتي بلغت حوالي 800 ألف درجة من الخريجين الأوائل وحملة الشهادات العليا، فضلاً عن تثبيت العقود والأجراء اليوميين الدور الأبرز في زيادة حجم النفقات العامة في مشروع قانون الموازنة العامة للسنوات 2023-2024-2025، ولا يخفى ما لهذه التعيينات من انعكاسات على الواقع المالي والاقتصادي والاجتماعي للبلد التي قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية وهي تعتمد على كيفية استخدام الدولة لهذه التعيينات وتوظيفها لتحسين الخدمات والنهوض بالأداء الحكومي، ففي حال لو استخدمت الاستخدام الأمثل فهي ستؤدي حتمًا الى زيادة قدرة الحكومة على تقديم الخدمات العامة ورفع المستوى المعاشي للمواطن وتخفيف حدة ازمات السكن والبطالة والفقر وخلق دخول جديدة للأفراد وارتفاع مستوى المعيشة ؛بالتالي تنشيط حركة السوق وزيادة الطلب مما يخلق منها وعاءً للضريبة وتحقيق التنمية علاوةً على تحقيق الرضا الاجتماعي؛ ذاك أنَّ هذه التعيينات كانت احدى اهم مطالب ثورة تشرين بالتالي هي خطوة جيدة جداً لكسب الرضا الاجتماعي وامتصاص غضب المواطن العراقي المستاء من سياسة الحكومات المتعاقبة وعدم انصافها لحقوق هذه الفئة التي دفعتهم بالتالي الى مقاطعة الانتخابات العامة حيث بلغت نسبة مقاطعي الانتخابات الأخيرة نحو 60% وهي نسبة كبيرة جدًا.
أما في حال لو لم تستخدم بالشكل الأمثل فستعكس انعكاسات سلبية حتمًا تتمثل بحدوث تخمة في جسم الحكومة والحد من قدرتها في تقديم الخدمات العامة وبذلك يمتد الاثر السلبي على مجمل الاقتصاد منها تدني مستوى اداء العمل ومستوى الخدمات المقدمة وهدر في وقت العمل الحكومي فضلا عن تنامي الفساد في مرافق الدولة وتنامي حالة الاثراء من العمل الحكومي واضطرار الحكومة للجوء الى الاقتراض لتسديد رواتبهم. فصحيح أن الموازنة العامة قد عينت ووظفت عدد هائل من الموظفين لكنها لم تخلق فرصا للعمل، ولعل سياسة الحكومة في الانفتاح الاقتصادي والسماح بإغراق السوق العراقية بالمنتجات المستوردة الذي ادى الى تعطل الصناعة والزراعة وساهم بشكل كبير في خفض المعروض من فرص العمل لدى القطاع الخاص وتحول الطلب على العمل الى الفرص التي تتيحها الحكومة للتوظيف، الامر الذي جعل قيمة الوظيفة الحكومية مرتفعة الثمن وتحتاج الى وساطة احياناً للحصول عليها ،بنفس الوقت الطلب على الوظيفة الحكومية قد لا يعني وجود حاجة فعلية لدى الحكومة بقدر ما يعني انعدام فرص العمل خارج الحكومة.
وعليه وتفاديًا للآثار السلبية المذكورة في أعلاه ندعو الحكومة العراقية الى حسن استخدام هذه التعيينات وتوظيفها بالشكل الذي ينهض بواقع البلد من جميع النواحي المالية والادارية والاقتصادية، وإن كانت هذه التعيينات تزيد من حجم النفقات العامة سنويًا وبالشكل الذي لا تقوى الدولة على تسديدها في حال انخفاض اسعار النفط أو أية تقلبات اقتصادية لا سامح الله واضطرارها للجوء الى الاقتراض لتغطية نفقاتها ندعو المشرع العراقي الى تفعيل نظام الإعارة الى الكليات الأهلية سدًا للنقص الحاصل في ملاك هذه الكليات وتخفيفًا لعبء الحكومة، لكن بالشكل الذي يجعل الموظف المعارة خدماته محمي قانونًا بحيث يتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها أقرانه في القطاع الحكومي.