ط
مسابقة القصة القصيرة

حبل يبحث عن رقبة ..مسابقة لقصة القصيرة بقلم / حسام حميدو ، سوريا

” حبل يبحث عن رقبة ” قصة قصيرة ، ل ، حسام حميدو ، سوريا . [email protected]

في الساحة العامة و في الصباح ، ليس الصباح الباكر بل قبل خروج الناس إلى أعمالهم نرى العمال يعملون بدأب كبير مستغلين الوقت القصير الذي يستطيعون أثناءه إنجاز العمل دون مضايقات الازدحام الذي يخلقه وقت الذروة الصباحي و يبدو عليهم أنهم قد بدؤوا منذ بضعة ساعات ، أحد العمال يطلب من زميله أن يساعده في إحضار ما يعادل اليد ، أو القلب للإنسان بالنسبة لهذه المنصة الخشبية التي يمر الآن من قربها بعض الرجال الذاهبون إلى عملهم و ينظرون نحوها دون أن يعرفوا ما هذا الذي يصنعه أو يركبه العمال في وسط الساحة العامة أما نحن فنعرف أنهم يركبون منصة الإعدام ، توقف أحد الرجال الذين يمكن أن يطلق عليهم الناس و بشكل نمطي بأنه فضولي و سأل أحد العمال عما سينتج عما يقومون به من عمل و كان العامل الذي لم يجبه مركزاً بتحضير نفسه لمساعدة زملائه الذين عادوا و هم يحملون قطعة خشبية كبيرة و عند نهايتها ربط حبل سميك ، يبدو الحبل المعقود عند نهايته تقريباً إن نظرت إليه بالمقلوب و كأنه إنسان برأس كبيرة فارغة و جسد نحيف و ليس له أطراف ، و إن نظرت إليه و هو على حاله فإنه أشبه بإنسان ذو رأس كبيرة فارغة و ليس له أطراف و معلق بالمقلوب ، هذه التشبيهات و أفضل منها خطرت في بالهم لأنهم لا يعرفون أما نحن فنعرف أن هذا حبل مشنقة ، و أن هذا الفراغ وجد لتملأه رقبة بشرية .
أتم العمال عملهم على أكمل وجه كما يعتقدون و سيتاح لهم التأكد من حقيقة اعتقادهم قريباً جداً كما سيتاح للناس و بخاصة الفضوليون منهم أن يتعرفوا على منصة الإعدام و حبل المشنقة .

جميلة جداً هذه المنصة و يزيدها الغموض جمالاً و تشويقاً ، و لكن ، ما الذي سيعلق بهذا الحبل ، يتساءلون ، هل هذا الشيء الجميل جزء من احتفال ما ، هل خصصت هذه المنصة لتشهد الحدث الرئيسي للاحتفال ، و استمرت التساؤلات و كثرت الإشاعات حول حقيقة هذا الشيء المجهول الذي يشغل الساحة العامة هذا الشيء الذي سماه البعض بالأرجوحة و البعض الأخر سماه بالرأس الفارغة و البعض الأخر سماه باسم أخر ، و ازداد التشويق بعد أن أعلن عن مسابقة سيكون الفائز بها أول من يجرب هذا الاختراع الجديد .
المسابقة بسيطة جداً عبارة عن مجموعة من الأسئلة كل سؤال هو مرحلة من مراحلها و يتم تجاوز المرحلة الأولى بإعطاء الجواب الصحيح أما في المراحل النهائية فالتأهل يكون لصاحب الإجابة الأفضل . المرحلة الأولى من المسابقة أو السؤال الأول سيطرح على جميع أهل البلاد و سيتأهل أصحاب الإجابة الصحيحة إلى المرحلة التالية ليواجهوا سؤالاً جديداً ليتأهل من يعرف جوابه إلى المرحلة التي تلي ، و تستمر الأسئلة التي تزداد في صعوبتها في تصفية المشاركين و صولاً إلى المرحلة الأخيرة ، و بالنسبة للإجابات المناسبة و التي تمكن أصحابها من التأهل للمراحل المتقدمة فسيتم إذاعتها لجميع الناس مع الإعلان عن أسماء المتأهلين ، و من يعطي أفضل إجابة على السؤال الأخير يكون هو الفائز .

انتهت المسابقة و شاب في العشرين سيكون أول من يجرب . أما كيف استطاع أن يجيب على كل الأسئلة بكل الأجوبة التي جعلت أذكى الرجال ، و أكثرهم حكمة و أكثرهم خبثاً ينظرون إليه بعين الحسد ، و بعين الشك إلى منظمي المسابقة ، كيف لشاب في مقتبل العمر أن تكون لديه كل الإجابات الصحيحة . فهو ما لا نعرفه لأن الجواب الأخير الذي مكنه من الفوز لم يعلن عنه على أي حال النتيجة حسمت . و لا مراجعة في ذلك .

صعد الشاب المنصة تحمله قدميه و تشيعه عيون الحاسدين و الحاقدين و المعجبين . وقف فخوراً ، ينظر إلى الحشد الكبير من أعلى المنصة . الجميع هنا ، لم يتخلف أحد عن الحضور الرجال و النساء و الأولاد .
لماذا الكرسي ؟ ألا نبدو صغاراً بما فيه الكفاية ، صرخ أحدهم . وقف الفائز على ال كرسي الذي وضعه أمامه رجل ضخم ، و اقترب منه رجل أخر و زين له رقبته بحبل المشنقة ، و ضيق الحبل ، و ضاق نفس الشاب و أختلطت الألوان في وجهه كما أختلطت ردود أفعال الحاضرين ، أراد أن يرخي الحبل قليلاً و لكنه تمالك تللك الرغبة ، دفِّعَ من على الكرسي لكنه لم يقع على الأرض الحبل أمسك برقبته ، و أخذ الشاب يئن وامتدت يده التي منعها الخجل و ربما الجهل أو الغرور إلى الحبل دون جدوى الحبل ظل ممسكاً بالرقبة بثقة كبيرة ، إنها أول مرة يمارس فيها هذا الحبل و لا زال قوياً جداً ، بدا ، كأنه شاب في قوة شبابه يتوق إلى فتاة و ها هي رقبة الشاب ، فتاة عذراء ، فهل يفصل عنها قبل أن يتمكن منها ؟
تعالت الآهات ، و ذرفت الدموع من عيون البعض ، و تجمد البعض الأخر ممن كانوا يفكرون و يتذكرون إجاباتهم ، كم كان ذلك الحبل قريباً من رقبتهم لولا أنهم أجابوا إجابة مختلفة ؟
أعلن عن موعد جديد لنفس المسابقة و أجمع الناس على أنهم ، إذا لم يغيروا أجوبتهم التي جعلتهم يخسرون ظلَّ الحبل بعيداً عن رقابهم ، فهل كان اعتقادهم هذا في محله ، ربما .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى