طالما تمنى عبدالرحمن شحاتة أن يمتلك أرضه الخاصة، يزرع فيها ما يشاء، ظل الحلم متقدا حتى 3 سنوات مضت؛ إذ قرر زراعة سطح منزله الممتد على مساحة 60 مترا فقط، ملأه بما طابت له نفسه؛ خضروات وفاكهة وزهور ونباتات زينة “بقت كأنها جنينة”، ولما أتقن ما يفعل، أنشأ قناة عبر موقع يوتيوب ليعلم الهواة الزراعة.
اعتاد المهندس الزراعي العمل في شركات مختلفة “لكن الظروف خليتني أشغل بشكل حُر”، أتاح ذلك له الفرصة للعمل على حلمه، بدأ زراعة السطح بعدة شتلات لثمرة الطماطم، وضعها في براميل، اهتم بها حتى طرحت له محصولا عقب أشهر، لم ينتظر المهندس كثيرا “بدأت أزرع بتنجان وفلفل وجرجير وكرنب وأرنبيط”، ثم انتقل للفاكهة رغم صعوبتها، فقام بزراعة الرمان والتفاح والمانجو وغيرهم.
عبر موقع يوتيوب، يبث المهندس مقاطع مصورة عديدة، يشرح للمتابعين طرق الزراعة منذ شراء الشتلة وحتى ظهور المحصول، وذلك ما كان يفتقده هو في المحتوى الشبيه الموجود عبر الإنترنت “إنه الناس بتشرح جزء وبعدين مبنعرفش المحصول حصل له إيه”.
قبل البدء في مشروعه، كانت تكلفة الزراعة تشغل بال شحاتة، لكنه اكتشف أن الأمر أبسط مما يتخيل، إذ اشترى بضعة براميل لوضع التربة داخلها “وكل دا مبيكلفش 2000 جنيه في المتوسط بس بيتدفعوا مرة واحدة”، أما مواد الاعتناء بالزرع كالسماد وغيرها “فممكن إزازة تقعد سنة تكون بـ30 جنيه لأنها بتتخفف بمياه”، لذا يظل يؤكد للسائلين “إنه المردود بعد كدة بيغطي التكلفة الأولية بزيادة كبيرة”.
لم يكن في مخيلة شحاتة أن المشروع سيغطي احتياجه المنزلي ويفيض “ممكن العشرين شتلة طماطم يطلعولي 60 كيلو، غير الخضار والفواكه”، لم يُرد المهندس أن يبيع ما يحصد “كنت بدي للجيران والقرايب وأخزّن في البيت”، ومع الوقت اضطر لبيع جزء من محصول الجرجير.
بالنسبة لشحاتة، فالسطح ليس مجرد مزرعة “دي فسحة ليا ولأسرتي وفرصة لتعليم ولادي”، وخلال شهور العزل الماضية “كنا بنطلع كل يوم نقعد فيها ونرفه عن نفسنا”، كما أن أبنائه يساعدونه في الزراعة والحصاد، فيما تشارك زوجته في المشروع بتصوير الفيديوهات.
حينما أطلق شحاتة القناة “مكانش في بالي ان ناس كتير هيشوفوها”، لكنه فوجئ برسائل تأتيه من جميع انحاء الوطن العربي “وحتى من الجاليات العربية برة”، يسألونه عن أساسيات الزراعة، كيف يمكنهم البدء من الصفر، يناقشونه في أهم الأزمات التي تواجههم “واللي أغلبها بيكون عن موت الزرع رغم إنهم بيرووه”، فيفسر له المهندس طرق الري المنضبطة “وإن كل فصل بيختلف عن التاني وأوقات السقي نفسها غير إنه ناس كتير بتسقي لدرجة إن الجذور بتعفن وتموت”.
في المقابل يتلقى شحاتة أسئلة كثيرة عن المبيدات التي يتم رشها على الزرع “ودي ميزة الزراعة في البيت”، إذ يقوم بعض المزارعين برش المبيدات على الثمرة ثم يقطفونها في اليوم التالي “ودا بيسبب أمراض سرطانية، إنما الصح إنها تتساب على الأقل خمس أيام قبل القطف”، ربما ذلك ما جذب مئات المشاهدين لقناة شحاتة “إنه انت مش لازم تكون مهندس عشان تزرع، بشوية تعليمات بسيطة وتجربة تقدر تضمن الأكل اللي بتدخله بيتك”، حسبما يقول.
رغم أن هدف شحاتة هو تعليم الآخرين، غير أنه صار خبيرا في تنسيق الأسطح والبلكونات، ما فتح له بابا واسعا للعمل “بقت ناس تكلمني كتير عشان أكرر لها التجربة في البيت”.
ما أن يجد شحاتة فرصة لتجربة الجديد في مزرعته الصغيرة حتى يفعل، قرر منذ فترة أن يزرع في مواسير تمتد بطول سطح منزله “هزرع كوسة وخيار”، إذ يوفر له ذلك أضعاف المساحة التي لديه “في حين إن الزراعة في المواسير مش مختلفة عن البراميل او أي زراعة تانية”، ما يفعله شحاتة يُلاقي إعجاب الكثيرين، فإن كان الأمر هواية بالنسبة له “بس ممكن يبقى باب ربح لناس تانية.. سيدة مثلا معيلة تقدر تبيع من السطح او شاب بيبدأ حياته”، فتحت القناة آفاقا لبعض الهواة كما يقول شحاتة، فيما يبحث عن الجديد دائما ليطور حديقة منزله.