ط
مسابقة القصة القصيرة

حكايتى مع بنت البواب.مسابقة القصة القصيرة بقلم / غريب السيد من مصر

خاص بالمسابقة
الأسم / غريب السيد
…………………
الدولة / مصر – مقيم بالكويت
…………………….
موبايل / 97126104 00965
……………………
مسابقة القصة القصيرة
…………………..
عنوان القصة – حكايتى مع بنت البواب
كنت أجلس مع صديقى مؤمن يومياً على مقهى المعلم رضوان حتى بزوغ الفجر ولأنه صديقى الصدوق كان دائما بجعبتنا الكثير والكثير كى نتحدث عنه. فتاره نتحدث عن حياتنا الشخصيه وتاره أخرى عن الرياضه والسياسه وحتى الفتاوى الدينيه لم تخلو من حديثنا. بالرغم من ان مؤمن شخص طيب جداً ومخلص إلى أبعد حد إلا انه كان مريض بالكذب وانا بحكم صداقتى له وقربي منه جيداً اصبحت أدرك جيداً متى يكذب ومتى يصدق القول. لم يكن الهدف من كذب مؤمن الشر ولا إلحاق الضرر بالأخرين ولكنه فقط كان يصطنع بطولات مزيفه ويتقمصها ويصدقها او يحاول اخفاء فعل قد قام به.
فى يوم من الأيام وبعد ان انتهينا من الأحاديث المعتاده وجدته يتطرق الى الحديث عن العقار المجاور لمنزله وانه يقطنه عائلات لها اسماً وقدراً كبيراً من الثراء و المستوى الإجتماعى… وظل يكمل حديثه وانا لا اعلم ما هى الجدوى حتى قطع حيرتى وبدأ يتحدث عن حارس العقار وأبنته وان مظهرهم لا يختلف عن اى شخص يقطن بالعقار ويرتدون افخر انواع الملابس وقبل ان يكمل ايقنت انها مرحله الكذب التى تأخرت كثيراً اليوم. قاطعته لأطلب فنجانً من القهوه ولم تكن القهوه لمحاوله زياده الإنتباه او الإنصات له جيداً ولكن لتكون حائط صد قوى بين ثرثرته وكذبه وما سوف يلحق بى من امراض مزمنه. بدأت فى احتساء قهوتى وقبل ان انهى أول رشفه لى باغتنى باستكمال حديثه عن هذا الحارس وأبنته وان الحارس يجيد لغات عده وابنته يفوح عطرها ليملأ جميع أرجاء المكان…. وبدأت اشعر انه غلبه النعاس ولم يستطيع السيطره على احلامه فمن يتحدث عنها هى ملكه جمال وليست مجرد أبنه حارس عقار. حاولت مراراً أن اجعله يكف عن الأستمرار فى الكذب والخيال الذى ألم به ولكننى فشلت ووجدته مصر انه يصادقنى القول وان كل ما يرويه هو الحقيقه واقسم على ذلك الأمر. بعد فشل جميع محاولاتى لإنهائه عن هذا الأمر وامام إلحاحه الشديد ان يكمل حديثه لم اجد سوى انى اتظاهر بالأرهاق الشديد وانه يجب على ان اذهب الى منزلى لأنال قسطاً من الراحه وكان متبقى على بزوغ الفجر وقتئذ اكثر من ساعتين هنا أدرك مؤمن أننى لم استطيع تحمل كذبه أكثر من ذلك وقام بمغادره المقهى دون ان ينطق بكلمه واحده او حتى فى ان يحاول مساعدتى.
اليوم الثانى وعقارب الساعه تشير الى السادسه مساءاً رن هاتفى وكان المتصل هو مؤمن وبعد ان قمت بالرد عليه وجدت نبره صوته منكسره ويطلب منى بإلحاح ان اذهب أليه وانه يحتاج مساعدتى فى أمر غايه فى الخطوره. تخشبت اعضائى خوفاً من مكروه قد ألم به وأسرعت مهرولاً لم أرى اى شئ امامى وظلت الوساوس تسيطر على ماذا حدث؟!! هل هى كذبه منه؟!!….
كانت الصدمه عندما وصلت أليه ووجدته يتبادل الحديث والمزاح مع فتاه وعند رؤيتى لهذا الموقف قررت ان اعود مره اخرى وان اقطع علاقتى به نهائياً لما فعله معى، وقبل ان اهم بالأنصراف رأنى مؤمن ورأيته مسرعاً إلى وقبض على يدى وقام بجذبى تجاه هذه الفتاه وقبل ان يسمع منى جميع عبارات التوبيخ والتعنيف سارع بتقديمى للفتاه : هذا فريد أعز اصدقائى ووجدت الفتاه ترحب بى بأبتسامه عزباء وبحياء العذارى فى يوم زفافهن… وما لبثت ان ابحر فى جمالها ورقتها حتى صرخ مؤمن ” دى سلمى بنت البواب ” التى حدثتك عنها بالأمس ولم تصدقنى. لم التفت لكلام مؤمن إطلاقاً وصوبت جميع حواسى تجاه سلمى فكيف لفتاه بهذه المواصفات ان تكون مجرد بنت حارس عقار؟!!! فشعرها اسود كحيل، املس كالحرير وجهها نضر برئ به كل تفاصيل الجمال ومفرداته…..
لم افق من حاله الشرود سوي على دموع انهمرت من عين سلمى لتغطى وجهاً ملأته الحيويه والبراءه لترسم عليه ملامح البؤس والمرار. ظلت سلمى تجول بعينيها يميناً ويساراً والى أعلى حتى استقرت فى مواجهه مؤمن وهى تعاتبه وتستنكر ما فعله وانه ليس من حقه ان يجعلها سخريته هو واصدقائه ثم فارقتنا وهرولت الى داخل العقار ولم ينطق مؤمن بكلمه واحده وشعر بتأنيب الضمير وغادر المكان.
بعد ثوانى ووسط ذهولى بما حدث وحين هممت بترك المكان وجدت من يرتب على كتفى وأذ بها سلمى وقد عاد لوجها نضرته وابتسامته التى يذوب لها الجليد. ظل الصمت سائد بيننا وكان الكلام بالعيون فقط حتى قطعت صمتها وقالت :
_ عايزه اقولك حاجه بس اوعدنى تكون سر بينا
_ اكيد
_ انا معيده فى الجامعه ووالدى دكتور كبير بنفس الجامعه. وطلبت من الطلبه عمل بحث
ميدانى عن قدره الغنى على التأفلم وسط البيئه الفقيره
_ وانتِ ليه هنا؟!!!
_ تحدى مع الطلبه اللى رافضين الفكره وغير مقتنعين بيها عشان اثبت لهم ان انا صح، وبابا
عشان مؤمن بالفكره ساعدنى ووقف جانبى وقدرت فى فتره قليله اتأقلم مع الوسط ده.
ابتسمت جميع حواسى أعجابا بها وبطموحها… ثم تحدثت عيوننا قليلا قبل ان تتركنى وتذهب لوالدها الذى كان يناديها.
منذ اخر لقاء مع سلمى وانا فى حاله جديده لم أمر بها من قبل شعور بالإشتياق، باللهفه… لم تفارق صورتها عقلى ولم تسطيع اذنى نسيان صوتها. تركت سلمى العقار ولا يعلم احد أين ذهبت.. ها هو اليوم العاشر على التوالى الذى اذهب فيه الى نفس العقار لأراها ولكن فى كل مره اعود وانا اجر ذيول الخيبه وكما افعل كل يوم هممت على العوده ولكن اوقفنى صوت سياره مسرعه تأتى من خلفى وتقترب منى بشده وأذ بها سلمى فى أبهى صورها، وجمالها، وحيويتها، لا أعلم هل هى صدفه ام كانت سلمى تعلم انى ابحث عنها؟!! لم اهتم بهذا الأمر كثيراً ولم اسألها عنه. غمرتنى السعاده ولم أشعر بنفسى الا ونحن فى طريقنا لمنزلها لانها تريد ان تعرفنى على والدها.
وصلنا الى منزل سلمى فهو قصر بديع الجمال والذوق والإبداع … بعد التعارف وتقديم واجب الضيافه واثناء حديثنا رن جرس المنزل وكان الزائر لواء شرطه ونادته سلمى بعمو كمال ولكن كانت ملامح وجهه غاضبه حزينه حتى انه تجاهل وجودى وكأنى غير موجود بالمكان وسأله الدكتور كامل والد سلمى عن سبب حزنه وانه بالتأكيد لديه قضيه هامه ويحتاج لمساعده سلمى كالعاده وقبل ان يجيبه سياده اللواء وجه الأستاذ كامل كلامه لى
_ لا تستغرب يا أستاذ فريد فسلمى تعشق المغامرات والخروج عن المألوف وساعدت عمها فى كذا قضيه قبل كده ولذلك سياده اللواء يعتمد عليها اعتماد كلى.
_ وهل لا يوجد ضباط اكفاء يقومون بهذه المهام؟!!
اللواء : فيه قضايا تحتاج لفتاه جريئه مغامره ذكيه ولا تحتاج لأشخاص اخرون زى القضيه اللى معايا الأن.
_ أقدر أتعشم فى سيادتك واعرف ايه هى القضيه التى تحتاج لفتاه فقط ؟!!
اللواء : مجموعه شباب شيوعى محتاج ادخل حد بينهم ويكون ذكى جدا ومثقف جدا عشان نقدر نحدد خط سيرهم وناويين على ايه وسلمى اجدر حد ممكن يقوم بالمهمه دى.
اعجبت جداً بهذه المغامره وطلبت من اللواء كمال ان اساعده مع سلمى ولم بوافق الا بعد إلحاح شديد منى وتدخل من الأستاذ كامل وسلمى ووعدته اننى سوف اكون عند حسن ظنه. لم تمر سوى بضعه أيام وكانت هذه الشبكه الشيوعيه فى قبضه الشرطه وأعجب اللواء كمال بادائى جدا وأصبح يعتمد على مثل سلمى فى مأمورياته.
مرت شهور كثيره تكررت فيها مساعده اللواء كمال وكانت تغمرنى السعاده مع كل مغامره اساهم فى نجاحها ومع كل مغامره تزداد مساحه تربع سلمى على عرش قلبى لدرجه انى تمنيت لو استطعت أن أتى بقلب أضافى ليكون براح لها ومأوى تجد به الأمان والحب.
انا على موعد مع مغامره جديده ولكنها مختلفه هذه المره فلأول مره لن تشاركنى سلمى المغامره وهذا ما ضاق بى ذرعاً وجعلنى غير متحمس لها ولكنها قضيه فى سبيل تطهير الوطن من المجرمين والخارجين عن القانون. مطلوب القيض على اكبر تاجر مخدرات وهو متلبس بجريمته وكان دورى هو ان أتقمص شخصيه مقدم شرطه مرتشى وأتفق مع تاجر المخدرات على أخذ مبلغ من المال وأسهل له دخول بضاعته بكل يسر وامان وفى حمايتي ايضاً.. نم تسليم البضاعه وانا بأنتظار ان تأتى الشرطه للقبض علي العصابه وبالفعل أتت الشرطه وحاوطت المكان فأخدتنى العزه بنفسى وغمرتنى السعاده فأنا من طهرت البلد من هؤلاء المجرمين السفله… رأيت ضابط يخطو نحوى وكلما تقدم زاد زهوى بنفسى فأنا اعلم انه أتى ليشكرنى على ما فعلته لخدمه العداله وأعلم ان اللواء كمال قد أخبره عن دورى ومغامراتى وأنى السبب فى القيض على العصابه وقبل ان يصل الي وجدت ثقلاً على كتفي وما كانوا سوا كفين لأثنان من جنود هذا الضابط وقد أحكموا قبضتهم جيداً وكأننى هارب من العداله. أقترب الضابط منى وسألنى: انت فريد ؟ وبأبتسامه عريضه أجبت نعم. قال:
_ أنت مقبوض عليك.
_ أنا؟!!!
_ أنت متهم بأنتحال شخصيه ضابط شرطه وأستغلال ذلك بتسهيل دخول شحنه كبيره من المخدرات للبلاد وأخذ رشوه مقابل ذلك.
_ انا عايز اللواء كمال حالاً.
أمر الضابط جنوده بأصطحابى معهم حتى أدخلونى فى زنزانه منفرده حتى يتم عرضى على النيايه فى الصباح الباكر. عند عرضى على وكيل النائب العام تم توجيه التهم التى سبقه بها الضابط إلى ولم استطع إنكارها وحاولت كثيراً ان أشرح له الأمر وبدأت أروى له قصتى منذ البدايه حتى تم القبض على. دخل جندى الخدمه علينا وبيده مظروف مغلق وقد أعطاه لوكيل النيابه الذى تفحصه جيدأ واخرج محتوياته التى كانت عباره عن صور وبدأ يعرضها على قائلاً :
_ هل تعرف من هؤلاء
_ نعم.. هذه سلمى معيده فى الجامعه، وهذا الدكتور كامل والدها, وهذا اللواء كمال عمها
مع ابتسامه سخريه من مدى سذاجتى قال وكيل النيابه : هذه “مروى شكل” مسجله أداب وتدير اكبر شبكه دعاره بالبلد، عده قضايا سرقه ونصب، تجاره مخدرات.. والدكتور كامل هو ” طلبه طراوه ” صديق والدها وأكبر تاجر مخدرات فى البلد أما اللواء كمال هو “مراد رنجه” قواد والصديق المقرب لطلبه وهو من يساعده فى تجاره المخدرات والمزاج.
بعد أن أنتهى وكيل النيابه من كلامه ووسط ذهولى مما سمعت بدأت أتذكر المغامرات التى قمت بها مع “سلمى” او “مروى شَكل” وكيف كانت تتقرب منى وتغازلنى بعينيها وتحاول ايهامى بعشقها لى وكم تغمرها السعاده مع كل مغامره اكون بجانبها… وبدأت أحدث نفسى لما لا يتم القبض على هولاء المجرمون والفاسدون وقد اجابنى وكيل النيابه وكأنه قرأ افكارى أنه لا يوجد دليل واحد عليهم وفى كل مره يقدمون ضحيه للعداله ويخرجون هم من دائره الشبهات فعلمت أننى هذا الضحيه المغفل والساذج. وها انا الأن أنتظر مصيرى فى زنزانه منفرده شديده الظلام وكم أتمنى أن اعود الى مقهى المعلم رضوان وصديقى مؤمن الذى عاهدت نفسى ان لا أكذبه مره أخرى وإن قال لى انه يصعد للقمر سيراً على الأقدام..

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى