محمد مخفي …..الجزائر
مشاركة في الخاطرة.
حي 278 قطعة السكن رقم 256 المحطة “D” معسكر
ولاية معسكر 29000
الجمهورية الجزائرية
حلم الياسمين
حال عبور أبواب آذار تبدأ الزهور في التفتح فرحا بقدوم الشهر، تتولّد الأحلام و تتخمّر الأفكار و تعطي ثمار حرية الأمل، شهر كما عهدنا قدومه يودع خشونة التفكير و الثياب، يزهر ليمدّنا بروح افتقدناها على مدار السنة، و يبث بذواتنا روح الشباب و الربيع رغم كهولتنا الجسدية و الفكرية و تجاعيد السنين التي تملأ وجوهنا ..
في زاوية من زوايا بساتينه نستلقي في استرخاء تام نستظل بأفكارنا تحت أشجار الأمل المسبوق بالحلم، الحلم بالعدالة في الأشياء المحيطة بنا، نحلم بغد جميل نترجى بزوغ أشعة شموسنا.
نبحر في سفينة الزمن ما بين أشجار السنديان و أشجار الصنوبر، نبحث عن شجرة المانوريا لتعطر بأزهارها المفقودة بساتيننا، و عن حدائق الياسمين العاطرة تاركين خلفنا الكانونين الأول و الثاني وشهر شباط، ونحن نحمل بين كفي أيدينا حلما على كف، و على الأخر غصنا للأمل و نلقي من على وجوهنا قناع البيادق الحقيرة، ومن على أجسادنا لباس عرائس القراقوز اللعينة، و ندع لهم وطنا ذا اللونين الأبيض والأسود والطيور تمهد للثورة، ثورة الخروج من أقفاص التعنت، تعنّت فصل دام دهرا مرددة شعار كان ولابدّ منه أرحل، نريد تغيير الألوان ألوان الورود، نريد إعادة تغيير حركة الشفتين حين تبتسم و تأخذ الكلمات مكانها في الكتب المصاحف، و تشرق الشمس من الشرق كما تعوّدنا غروبها في الغرب .
شهر تثور فيه الأرض.. تلقي كل مخزون بداخلها.. إنها حالة غضب ..
شهر يفتح لنا أبواب صدق وكذب، شهر نيسان حيث تلتقي عبر أيامه كلّ الفصول ولا نعرف منها من هو الفصل الأصدق، أوّل أيامه يبدأ بكذبة يسمّونها كذبة أو لعبة نيسان، أم يلاعبنا لعبة الشيطان الأخرس يصمّ أذنيه و يغلق عينيه كي لا يسمع و لا يرى أفاق أحلامنا إلا كابوس يزعج السمع و يشوّش النظرات، لم لا ننتبه إلى ضجيج زقزقة العصافير ولا نتساءل لم تصرّ البلابل على التغريد داخل أقفاصها و هي سجينة، لا السنونو لوحدها تصنع الربيع، لا الربيع يميّز بين ألوان الزهور، لا الزهور تعرض عن وجود النحل، ولا ملكة النحل تفرّق خليتها إلى طوائف و عروش و تستعبد العاملات وتفرّق ذكور الخلية بمملكتها..
فلتتحلّى بصائرنا بقليل من الصدق مع ضمائرنا لبعض الوقت، و تتحاور أنفسنا مع بعضها دون نفاق في السؤال و لا كذب في الجواب، و لا نكن كالصخر الذي يذوب كالملح في ماء كلّ بحر، فتُمسي كل أعمالنا و أفعالنا تشبه أرضا سبخة تهوم فيها الجرذان و الثعابين.