حوار أجراه / قرود محمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تولد شاعرة في أرض محتلة من رحم الأدب العربي و على قصائد ترسم على ثغرها “ابتسامات” ، موهبة سقتها القدس نزفًا و صقلتها الجزائر حرفاَ وسنبلة، في تشرين نمت، أكملت استقامتها بمصر صيفًا .حملت راحة الكفاح على كتف الحروف و شمرت على ساعدها لكتبت مقاومة بحروف وكلمات فهي ثائرة فدائية مناضلةَ تهوى أن تكون شهيدة الحرف.
الفلسطينية الأصل، والجزائرية المولد والنشأة، والمصرية الأم و الإقامة “ابتسام أبوسعدة” ، وصدر لها ديوان شعري بعنوان “ابتسامات تشرينية” وتعمل حاليا على اصدار ديوانها الثاني.
– أولا من هي ابتسام أبو سعدة ؟
* أنا هاوية قلمٍ ودفتر، خبأتهما منذ الصغر، بين دفاتر الدراسة..بين هوس القراءة..وضرورة المذاكرة، فلسطينية الموطن والأصل والدم، جزائرية المولد والنشأة والهوى، مصرية الأم وما أدراك ما الأم..يتهموني بارتكاب الشعر عنوةً في وضح بياض الأوراق..فأعترف على الفور ولا أنكر ..
– هل لك أن تعطينا لمحة عن بداياتك ؟وعن أول محاولة لك في الكتابة؟
* بداياتي كانت في مدرستي الابتدائية، حينما وجدت مجلة الحائط التي نادت الطفولة داخلي ..وطالبتني بالبوح والافصاح ..فكان أول ما كتبته على مجلة الحائط خاطرة صغيرة تبوح بعنفوان طفلة تبتسم للحياة فرحا، واستمريت على ذلك ..وحزت على الجائزة الأولى في مسابقة المجلة ، وجائزة تقديرية لنشاطي بالمجلة.
– أين تجدين ذاتك أكثر؟ في الشعر العامودي أم التفعيلة أم النثر ؟
* أجدني في النثر أكثر..رغم أن أول قراءاتي كانت في الشعر العامودي، لكني أحب أن أكون حرة في رسمي بالكلمات..ربما لأن ذاتي ترفض القيد..رغم أني أحب الموزون جدا ..وربما تكون لي تجربة معه ..
– وماذا يعني لك الشعر؟
* أنا أكتب..إذن أنا أتنفس ..
– هل ابتسام متؤثرة بمدرسة شعرية معينة أو كاتب أو شاعر معين تعتبره قدوة لها؟
* أنا أحلق أكثر في قصيدة النثر عامة ..ومتأثرة جدا بجبران خليل جبران وطه حسين والعقاد، الثلاثة بالنسبة لي عباقرة..كما أن لمحمود درويش وغسان الكنفاني ومحمد الفيتوري ومعين بسيسو ونزار قباني وأحمد مطر وأمل دنقل رصيد هائل من الدواوين الشعرية التي كنت ألتهمها قراءة ولا أمل..
– صدر لك حديثًا ديوان باسم “ابتسامات تشرينية”، هل لك أن تحدثينا عن سبب اختيار اسم الكتاب ما المقصود بابتسامات تشرينية ؟
* المقصود بتشرين هنا هو شهر اكتوبر وبداية الخريف الحزين الذي يرتدي وجهه المصفرّ وورياحه الباهتة..ففكرتُ أن أُلبس تشرين لباس الابتسام قليلا..حتى يتغير وقعه الحزين على النفوس..فنحن البشر مزيج من تاريخ الحزن والفرح.. تماما كما الابتسامات التشرينية ..مزيج الحزن والفرح الذي يسكننا ..
– ما علاقة اسمك ابتسام مع اسم الديوان ابتسامات وهل هذا السؤال يطرح عليك كثيرًا ويشكل للقراء شيء من الغموض يجذبه للكتاب؟
* فعلا الديوان جزء مني ..فابتسام هو اسمي الذي أتسم بصفته ..وتشرين هو الحزن الذي أرتديه ..وهو شهر ميلادي..
كثيرا ما يُطرح عليّ السؤال فعلا وأجيب بأنه أنا بكل حزني وفرحي ..
-كيف كان المخاض لولادة أول إصدار لك؟
* كان المخاض متعسرًا جدًا خصوصًا مع ابتعادي لفترة 15 عامًا عن الكتابة وحتى القراءة..فأن أعود للكتابة، واستقبل القراءة من جديد..شعرت كمن يعود للحياة من عدم..فاستقبلني استاذي الناقد العراقي “طلال الحديثي” بمقالة نقدية تحدث فيها عن ومضاتي الشعرية التي كنت أكتبها على صفحتي الشخصية على موقع “الفيس بوك” ..ومن هنا بدأت الرحلة العصيبة..حينما بدأ حلم الطفولة يراودني ..فعزمت على تحقيقه وقد كان ..
– هل للوطن نصيب من قصائدك في الديوان ؟ وأنت تقولين : ” فهو الوطن الذي يسكننا ولا نسكنه”
* الوطن وما أدراك ما الوطن..وحديث أبي الدائم عن العودة..وقد مر من عمره ما زاد عن السبعين عاما..ولايزال يتحدث عن العودة..هكذا نشأت في وطن احتضنني بكل معنى الوطن ..ورغم هذا ..حنيني واشتياقي للوطن الذي يسكنني ولا أسكنه..احلم به ويحلوم بعودتي..كنت دائما اتخيل تلك اللحظة التي سأزوره فيها واحتضن ترابه ..
فأنا اعتبر الوطن العاشق المشتاق..وأنا المحبوبة المولعة بلهفة لقائه وشغف الارتماء بين احضانه..فكيف لا يكون أساس شعري ونبضي..
– وماذا عن الديوان القادم ؟
* على وشك الاعلان عنه قريبًا جدًا.. رغم حيرتي الكبيرة معه..
– ما الذي تحتاجه ابتسام لتصل إلى مرحلة النضوج الشعري أو مرحلة الرضا التام على ما يكتبه قلمك الراقي ؟
* أنا أؤمن دائما بأن جميعنا يعيش ويموت وهو لازال يتعلم ..فالرضا التام بالنسبة لي يوصلني للغرور..وعدم التطوير..لهذا ..لا أرضى على نفسي أبدًا ..حتى أبقى في علاقة دائما مع التعلم ومحاولة الوصول للأفضل دائما ..فلا مجال للنضوج عندي..سأبقى تلميذة كل من يعلمني حرفًا ..وسأسعى دائما للتعلم ..فهل من مزيد ..
– من خلال معرفتي بك أن لمواقع التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في حياتك الشعرية كيف ذلك؟
* مؤكد هو بداياتي ..وأذكر ما قاله لي الشاعر الكبير “فريد أبوسعدة” حين سألني عن اصداراتي..فاخبرته أني لم اتخذ الخطوة بعد..فقالي لي :إذن أنتِ ظاهرة فيسبوكية فقط ..هكذا كنت في بدايتي ..وأشكر له سؤاله هذا جدا لأنه منحني القوة في أن أكون ظاهرة تبقى وتستمر ..
– هل تتخيلي ابتسام ابوسعدة دون كتابة ؟
* أنا أكتب..إذن أنا أتنفس .. أجبتها في سؤال سابق.. فكيف أتخيلني دون كتابة ..
– مقولة الشاعر لا يلطخ يديه بالسياسة لكن روحه مطعونة بكل حرب ؟مع احداث غزة الاخيرة كيف كانت ابتسام أبوسعدة تتابع الاوضاع هناك؟
* السياسة جزء من حياتنا اليومية..فلا أحد ينفصل عن الواقع..حتى وإن أراد ذلك..أما عن غزة..فماذا أخبرك عن غزة..وعن الحرب التي أعيش تفاصيلها اليومية رغم غربتي..هذه الحرب التي تشل قلمي عن المقدرة عن الوصف من هول الحدث..لكن سأذكر ومضة وجع ..
لا تحزني يا أمي..
فبيننا وبين السماء..
معبر لا يختنق..
كلما مررنا إلى رحمة الله..
زاد المعبر اتساعا..
وطال النفق الذي لا ينهدم..
هم غلبونا بقصفهم..
ونحن غلبناهم بعدد شهداءنا..
واحدة بواحدة..
والموت أعدل..
– في الأخير كلمة للقراء وإلى الكتاب الهواة والناشئين . من ابتسام أبوسعدة..
* لكل من يقرأني هنا ..احتاج منكم نقد دائم ومستمر..وقراءة موضوعية ..
وإلى الكتاب ..ولا أحبذ كلمة ناشئين..لمن يمتلك الموهبة..عليه أن يصقلها ..بالقراءة الدائمة ..والبحث المستمر..وأن لا تقول اكتفيت وتعلمت ووصلت..كن دائما باحثًا..قارئا جيدًا..وتشبث بمن لا يجاملك..وابتعد عن من يحطمك..بعض الثقة بالنفس والايمان بالقدرة..وحين تراودك نفسك عن الكتابة..لتمنعك عنها ..افتح كتابا..أو هدنة صغيرة مع النفس..مسموح بها ..لكن أن تتوقف عن الكتابة..فغير مسموح ..
السيرة الذاتية
.. ابتسام أبو سعدة..
مواليد 1982..فلسطينية الأب.. مصرية الأم.. جزائرية المولد والنشأة ..خريجة بكالوريوس تجارة من جامعة الجزائر.. أدرس دراسات عليا في التربية.. في معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، الشعر والكتابة هوايتي ..عملت في الصحافة قليلاً.. وكنت نائب رئيس تحرير مجلة الناس الإلكترونية، لي بعض المقالات والقصائد المنشورة على مواقع الكترونية ..ولي مدونة على جوجل وصفحة أدبية على الفيس بوك.. أول ديوان لي هو ابتسامات تشرينية..عن دار إبداع للنشر بالقاهرة وحالياً أعمل على اصدار ديواني الثاني.