خاص بالمسابقة -فرع القصة القصيرة(( في مكان يذكرني))
الكرسي والطاولة ونافذة الحجرة، غبار قديم يغلف تلك الأشياء ويعطيها هيئة الحلم. لماذا أشعر أنني كنت هنا من قبل؟ لماذا؟ ثمة شيء تائه في أعماق ذاكرتي ولا أستطيع الإمساك به..
وضعت أشيائي وتمددت على الفراش البارد، للحظة ومض في خيالي مشهدا أرى فيه نفسي ممددا على الفراش ذاته. أعصر عقله بحثا عن التفاصيل، عبثا، ينفلت المشهد من ذاكرتي ويسقط في الجب العميق.
يعاودني الإحساس من جديد بأنني كنت هنا من قبل، متى؟ لا أذكر، شعرت بعدم الراحة وثقل يجثم على صدري، فقط لو أتذكر.
ربما المكان مألوف فحسب. نعم، لك الغرف الرطبة الفقيرة متشابهة دائما. أراحني الخاطر الأخير واسترخيت أكثر في رقدتي لأريح جسدي المنهك. لمَ لا أنام قليلا؟ وجدت هنا من قبل أم لم أوجد، هل يصنع هذا فارقا؟
أغمضت عيني واستسلمت للنعاس، لكنني أفقت بعد قليل على صوت طرقات على باب حجرتي وصوت هامس يهتف باسمي، اسمي أنا!! صوت مموج يتسلل مخترقا حاجز النوم واليقظة، له رنين مألوف سمعته من قبل، أين؟ متى؟ لا أذكر.
فتحت عيني ببطء محاولا استيعاب وجودي في هذا المكان الغريب. من يا ترى؟ من يعرفني هنا ليناديني باسمي؟ وماذا يريد مني؟ نهضت مترنحا إلى الباب وفتحته، لم يكن هناك أحد. لمحت طيف شخص يختفي عند الانحناءة اليمنى للممر مخلفا وراءه رائحة عطر رقيق، الغريب أن الرائحة مألوفة كذلك. شيء ما لا أفهمه أثاره ذلك العطر بداخلي، ذكرى غامضة، غير واضحة المعالم، لا أستطيع الإمساك بها.
أخيرا تحركت من مكاني محاولا اللحاق بهذا الشخص أيا كان، لكنه كان قد اختفى. لماذا كلما حاولت الإمساك بشيء يفض حيرتي يختفي.
عدت إلى حجرتي وبداخلي مزيج سريالي غريب من الأحاسيس؛ خوف بدائي، قلق غامض..و………وخجل من تفكيري الأحمق الذي لا معنى له.
من جديد ألقيت بنفسي على الفراش لكنني لم أستطع النوم هذه المرة. أنقل عيني بين الجدران المعتمة حتى شعرت بها تكاد تنطبق عليّ، وهذا التفكير المجنون يعربد بداخلي. تبا، ما الذي حدث لي؟ لابد وأن أغادر هذا المكان الغريب بقلقه المتوثب الذي يلتهم روحي.
كدت أنهض من مكاني عندما داهمني إحساس أكثر غرابة، جمدني في مكاني. هناك شخص آخر معي في الحجرة. أكاد- من خوفي- أسمع صوت أنفاسه. أين تراه مختبئ؟ في صوان الملابس، أسفل الفراش، أم خلف تلك الستائر المرتعشة التي يهزها النسيم أو يهزها………………………..
شعرت بشيء ما يضغط على صدري. هذا الألم أعرفه جيدا، ليس الآن وقته، لابد وأن أتحرك قبل أن يعجزني الألم وأسقط.
تحاملت على نفسي ونهضت. أسفل الفراش، لا أحد، والألم يضغط على صدري أكثر فأكثر، وراء الستائر، لا أحد، إذن فهو في صوان الملابس، لا يوجد مكان آخر صالح للاختباء. ببطء مددت يدي المرتعشة لأجذب الباب منتظرا أن يقفز أحد في وجهي، ولكن- من جديد- لا أحد!!
ركعت على ركبتي من الألم، ورأيت ذلك الخطاب المنسي المكوم في قاع الصوان. جذبته بصعوبة وفتحته، لماذا ترتعش يدي بشدة هكذا؟ لماذا أبكي هكذا؟ انه خطها، كل شيء فيَ يذكره، خطاب منها لصديقتها تقول أنها ستحضره من أجلي، تقول أنه سيساعدني على إيجاد عمل، نعم..لقد كانت تتحدث عني أنا بالذات.الآن فقط أتذكر كل شيء!!
وجدته ووجدتها في الحجرة، أتذكر ثورتي، لم أسألها لِمَ جاءت به إلى هنا؟ لم أسألها عن أي شيء؟ أتذكر فرار الآخر من ثورتي الجنونية التي لم يفهم لها سببا. أتذكر صفعتي التي شقت وجهها، أتذكر اندفاعي هائما على وجهي بعيدا عن هذا المكان، بعيدا جدا، هاربا من وجهها القاسي الحنون، المذنب البريء، الآن فقط أدرك براءته..و……..ولم أعد أتذكر أي شيء عنها من وقتها. كيف تطايرت ذكراها واختفت كأوراق الخريف، كشذا عطرها الهادئ. دفنت في أعماق ذاكرتي، لكن الحجرة كانت تذكر كل شيء, يا الهي، لم يعد قلبي يحتمل!!
تمت بحمد الله
هبة الله محمد حسن
الكرسي والطاولة ونافذة الحجرة، غبار قديم يغلف تلك الأشياء ويعطيها هيئة الحلم. لماذا أشعر أنني كنت هنا من قبل؟ لماذا؟ ثمة شيء تائه في أعماق ذاكرتي ولا أستطيع الإمساك به..
وضعت أشيائي وتمددت على الفراش البارد، للحظة ومض في خيالي مشهدا أرى فيه نفسي ممددا على الفراش ذاته. أعصر عقله بحثا عن التفاصيل، عبثا، ينفلت المشهد من ذاكرتي ويسقط في الجب العميق.
يعاودني الإحساس من جديد بأنني كنت هنا من قبل، متى؟ لا أذكر، شعرت بعدم الراحة وثقل يجثم على صدري، فقط لو أتذكر.
ربما المكان مألوف فحسب. نعم، لك الغرف الرطبة الفقيرة متشابهة دائما. أراحني الخاطر الأخير واسترخيت أكثر في رقدتي لأريح جسدي المنهك. لمَ لا أنام قليلا؟ وجدت هنا من قبل أم لم أوجد، هل يصنع هذا فارقا؟
أغمضت عيني واستسلمت للنعاس، لكنني أفقت بعد قليل على صوت طرقات على باب حجرتي وصوت هامس يهتف باسمي، اسمي أنا!! صوت مموج يتسلل مخترقا حاجز النوم واليقظة، له رنين مألوف سمعته من قبل، أين؟ متى؟ لا أذكر.
فتحت عيني ببطء محاولا استيعاب وجودي في هذا المكان الغريب. من يا ترى؟ من يعرفني هنا ليناديني باسمي؟ وماذا يريد مني؟ نهضت مترنحا إلى الباب وفتحته، لم يكن هناك أحد. لمحت طيف شخص يختفي عند الانحناءة اليمنى للممر مخلفا وراءه رائحة عطر رقيق، الغريب أن الرائحة مألوفة كذلك. شيء ما لا أفهمه أثاره ذلك العطر بداخلي، ذكرى غامضة، غير واضحة المعالم، لا أستطيع الإمساك بها.
أخيرا تحركت من مكاني محاولا اللحاق بهذا الشخص أيا كان، لكنه كان قد اختفى. لماذا كلما حاولت الإمساك بشيء يفض حيرتي يختفي.
عدت إلى حجرتي وبداخلي مزيج سريالي غريب من الأحاسيس؛ خوف بدائي، قلق غامض..و………وخجل من تفكيري الأحمق الذي لا معنى له.
من جديد ألقيت بنفسي على الفراش لكنني لم أستطع النوم هذه المرة. أنقل عيني بين الجدران المعتمة حتى شعرت بها تكاد تنطبق عليّ، وهذا التفكير المجنون يعربد بداخلي. تبا، ما الذي حدث لي؟ لابد وأن أغادر هذا المكان الغريب بقلقه المتوثب الذي يلتهم روحي.
كدت أنهض من مكاني عندما داهمني إحساس أكثر غرابة، جمدني في مكاني. هناك شخص آخر معي في الحجرة. أكاد- من خوفي- أسمع صوت أنفاسه. أين تراه مختبئ؟ في صوان الملابس، أسفل الفراش، أم خلف تلك الستائر المرتعشة التي يهزها النسيم أو يهزها………………………..
شعرت بشيء ما يضغط على صدري. هذا الألم أعرفه جيدا، ليس الآن وقته، لابد وأن أتحرك قبل أن يعجزني الألم وأسقط.
تحاملت على نفسي ونهضت. أسفل الفراش، لا أحد، والألم يضغط على صدري أكثر فأكثر، وراء الستائر، لا أحد، إذن فهو في صوان الملابس، لا يوجد مكان آخر صالح للاختباء. ببطء مددت يدي المرتعشة لأجذب الباب منتظرا أن يقفز أحد في وجهي، ولكن- من جديد- لا أحد!!
ركعت على ركبتي من الألم، ورأيت ذلك الخطاب المنسي المكوم في قاع الصوان. جذبته بصعوبة وفتحته، لماذا ترتعش يدي بشدة هكذا؟ لماذا أبكي هكذا؟ انه خطها، كل شيء فيَ يذكره، خطاب منها لصديقتها تقول أنها ستحضره من أجلي، تقول أنه سيساعدني على إيجاد عمل، نعم..لقد كانت تتحدث عني أنا بالذات.الآن فقط أتذكر كل شيء!!
وجدته ووجدتها في الحجرة، أتذكر ثورتي، لم أسألها لِمَ جاءت به إلى هنا؟ لم أسألها عن أي شيء؟ أتذكر فرار الآخر من ثورتي الجنونية التي لم يفهم لها سببا. أتذكر صفعتي التي شقت وجهها، أتذكر اندفاعي هائما على وجهي بعيدا عن هذا المكان، بعيدا جدا، هاربا من وجهها القاسي الحنون، المذنب البريء، الآن فقط أدرك براءته..و……..ولم أعد أتذكر أي شيء عنها من وقتها. كيف تطايرت ذكراها واختفت كأوراق الخريف، كشذا عطرها الهادئ. دفنت في أعماق ذاكرتي، لكن الحجرة كانت تذكر كل شيء, يا الهي، لم يعد قلبي يحتمل!!
تمت بحمد الله
هبة الله محمد حسن