خاطرة : رسالة إلى امرأة لن تكون لي. مسابقة الخاطرة بقلم / بلال كامل . الجزائر

أعرف أنكِ الآن في مكان ما من هذا العالم، في رقعة جغرافية ما، قد تكون بعيدة جدا أو قريبة إلى الحد الذي يذهل.

قد تكونين من هذا الزمن أو من زمن مضى، وربما من زمن لم يأتِ بعد، كل الاحتمالات واردة هنا.

لا يهم من أي زمن بالضبط، الزمن في هذه الحالة مجرد متغير، أنتِ الثابت الوحيد في هذه المعادلة الجنونية.

أعي جيدا أننا لن نكون يوما معا، لأنكِ منذ الأزل كنتِ المرأة التي لن تكون لي وكنتُ بدوري الرجل الذي لن يكون لكِ، كان يمكن أن يكون ذلك فقط لو أن القدر أخذ منحى آخر، ولكن… هيهات أن تتغير أقدارنا، ومع ذلك أؤمن في داخلي بفرصة لقائنا ولو مصادفة ولو حتى في ذاكرتنا أو في أحلامنا.

أعرف أنك تشبهينني في كل شيء، تشبهينني حدّ التماهي، كأنكِ توأمي الروحي، كأنكِ النسخة الأنثوية عني.

بسيطة، عفوية وصادقة غالبا، تكذبين أحيانا لإخفاء حقيقة ما، ليس بنية الكذب بقدر رغبتكِ في عدم التسبب بجرح أو إحراج.

واضحة للحد الذي يشفّ مع مسحة غموض تطغى على تفاصيلك الساذجة البريئة، هادئة من الخارج وفي داخلك تغلين كبركان ثائر على وشك الانفجار.

وحدكِ أنثى خُلقتِ من صخب الصمت، خليط من نار وماء، مزيج من كبرياء وحياء.

طفولتكِ لابد وأن تكون مجنونة، غالبا كنت ذكية لدرجة الدهاء، روح نقية وقلب كله صفاء.

سيمفونية الحياة أنتِ، نغمة من سلم موسيقي لم ترقَ إليه آلة موسيقية بعد، أنوثة كما لم ترَ رجولة من قبل، امرأة كما لم يطأ قلب رجل من قبل.

أنتِ الأم التي لن تلد طفلي الذي يشبهها، ستظل ملامحه عصية على الوجود، سيظل غائبا عن هذه الحياة، مادام غيابك عن حياتي أزليا.

طفل يشبهكِ لا أدري ماذا كان يمكن أن أسميه، كل الأسماء معا لن تكفيه، سأتركه دون اسم هكذا كما هو الآن موجود وغير موجود.

في منامي سأبني جسرا إليكِ علّني أصادفك يوما على حافته هناك، على الضفة الأخرى سألقاكِ ستشتبك يميني بيمناكِ، في المنام كل شيء مباح، لا شيء يخضع لقانون، هناك سأكون لكِ حتمًا، ستكونين لي ولو وهمًا، سنبلغ معا أرقى درجات السلام، سنبني بيتا جدرانه من حبٍ وسقفه من أحلام…