الاسم : شايب عبدالحق
الدولة : الجزائر
الرقم : 213772273267+ / 213776497055+
البريد الالكتروني : [email protected]
نوع النص : الخاطرة
** خدعة الزمن **
يا ليتني انفصلت عن جسدي في تلك اللحظة وتركته يجابه الحياة وحيدا ، يا ليتني انفصلت ولم يعد للزمن وجود ، عندما كانت الحياة تعني الزمن الحاضر ولا شيء بعده ، عندما كان الحب يعني أول شيء يقع بين أيدينا ، وكان المستقبل شيئا مجهولا غير مجرب يحمل بين طياته ظنونا طيبة و أمالا مشرقة ، والآن تذوقت أو أنا بصدد تذوق جزء من ذلك المستقبل وأستغرب مذاقه وكأنه سم تسلل إلى جسدي في لحظة نسيت فيها نفسي وقررت الانتحار .
لا لن أموت الآن !
سأظل محاصرا ما بين الماضي والمستقبل ، ما بين التجارب والنتائج ، ما بين الأحداث وأعقابها ، مابين الصمت والصراخ الداخلي و سأبقى “محاصرا” بكل ما تعنيه هذه الكلمة من حقيقة مجردة إلى أن أجد مخرجا أو معبرا إلى زمن آخر .
والآن يجرفني الليل بداخل وديان الأسئلة الذاتية وأتساءل : كيف للأحداث الماضية المتتالية أن تخلخل ثنايا العقل فتوهمه أن الزمن غير موجود أو أصبح شيئا مجردا ؟ كيف ضيعت وقتي في أمر تافه كأنه امتداد لي شخصيا في هذا الوجود بصورة نهائية ومرور تلك اللحظات التي تلعب دورين هامين في كينونة العيش ألا وهما السعادة والحزن يفصلهما تغير الزمن والأشخاص بصورة متكررة … كيف للرياح أن تقلب صفحات كتابنا بسرعة تمنعنا من قراءة بعض العناوين والنصوص التي فقدت المعنى الحقيقي لها ، والعواصف وحدها من تجرأت على ذلك و تسببت أمطارها بمحو حبر العناوين وتركت النص في مهب الريح ، ترى كيف لي كإنسان خائف حتى من ذاته أن يجابه قوة عظمى كالرياح وهي التي لا تقبل الحوار ، ولن تستمع إلى عمق الكلمات و الشعر ، ترى كيف يمكنني أن أتنبأ حتى بهبوبها الذي قد يجرف كل شيء ويقودني إلى المجهول
للأسف سيغلق كتاب القلوب الذي يخزن بين صفحاته تلك الذكريات التي لن تعود بل ستقرأ على شكل دروس في دفتر الحياة الذي ستصبح أوراقه بين أيادي أطفالنا في المستقبل ليرسموا فيها أحلامهم أو يصنعوا بها طائرات ورقية تحلق في السماء…
عبدالحق شايب
