ط
الشعر والأدب

خديعة الهوى.قصة قصيرة بقلم / ليلى بروك

:10710709_585444098251348_1098236941541454895_n (1)
أغلقت عليها باب غرفتها بإحكام ، وقفت للحظة علها تسترد توازنها ، رمت بحقيبة يدها على السرير وتنهدت بمرارة وهي تتحسس تلك الورقة بأصابعها.
زمت بين شفتيها صرخة وجع حتى لا يسمعها من في البيت وفجأة تراكمت في مآقيها الدموع التي مالبثت انهمرت سيلا جاهدت في كتمانه طوال جلسة المحكمة ولحين إتمام كل الإجراءات .
وصارت طالق كما نطقها .. قالها هو : أنت طالق..
الشخص نفسه وبالصوت نفسه الذي قال ذات يوم أحبك أنت ، ذاك الصوت الأجش الذي عشقته ، فما أشد فتك السم الذي يدس في العسل ! وهل كان صوته السم أم العسل؟
ها هي ذي الورقة بحضورها الصامت تؤكد أنها ماعادت له وما عاد لها وأن كل شيء قد انتهى وتتساءل : أكل ما بيننا حقا هو ورقة ؟ جمعتنا ورقة ذات حب واليوم فرقتنا ورقة ذات خريف.
لكن الأمطار التي تطرق بعنف زجاج النافذة تخبرها ببرود أن الفصل ما عاد خريفا وأن مواسم الشتاء قاسية على امرأة تعيش بمنأى عمن تحب ، امرأة مجروحة ومكسورة ، امرأة تكاد تنتفض بردا.
يحدث أن لا تتوافق فصول حياتنا مع فصول السنة واليوم هي تدرك أن الخريف هو فقط بأعماقها.
رمت بنفسها على السرير وهي تئن وتنتحب بينما شريط الأحداث يتسارع أمام عينيها في محاولة يائسة لفك لغز هذا الفراق الجائر ، أمعقول أن يتنازل عنها بهذه البساطة وأين تبخر ذلك الإهتمام الذي كساها به ؟ أين الحب و أين كل تلك الأماني المشتركة؟
جاء ليقول أنها حرة .. حرة مماذا؟ ليته استطاع أن يجيبها يومها .. فقط واصل صمته في تصميم على المضي في إجراءات الطلاق ، بعدها لجأت لبيت أهلها نزيلة صدمة كادت تأتي عليها.
بكت و بكت وما اكتفت .. فهي حتى آخر لحظة كانت تنتظر أن يتراجع ويعود ليطلب صفحها ، لكنه تركها فريسة ظلام التهمها وجبة سريعة الهضم.
وتعود تتساءل : كيف ستعيش بعده ؟ فهي تحبه وتحب إصراره عليها يوم تحدى الجميع لكي يظفر بها ، إصرار ملأها زهوا وتوجها مليكة بإلحاحه عليها.
تتقلب على فراش عزوبيتها و أحلامها الوردية وإذا بضبابية مستقبلها تحيلها أحلاما رمادية.
تقع عيناها على الحقيبة وقد بدا منها ظرف ، مدت يدها لتلقطه ، تفتحه فإذا هو حزمة من الاوراق النقدية ثمن طلاقها ترمي بها باستهزاء فتتناثر في أرجاء الغرفة ، ويتبدى لها عبثيتها بمرارة فلاهي أرادتها وإن أصروا بأنها حق لها ، كان الأولى أن يمنحوها حقها في أن تعرف السبب أولا ، وهذا مالم يقدر أن يمنحه هو إياها.
تناهى إليها صوت صغيرتها وهي تبكي حتى لتكاد حبالها الصوتية تنقطع فاهتز وجدانها ووضعت وسادة على أذنها كي لا تسمعها لكن الصوت باغت أذنيها وتسرب لأعماقها فكيف تخرسه.
طرقت عليها الباب أختها مستنجدة : افتحي .. حرام يا أختي ، الصغيرة ترفض حليب الصيدلية ، حرام أن تحرميها من الرضاعة ، لازالت صغيرة جدا.
ودون أن تفتح لها الباب حاولت أن تعيد لصوتها نبرته : ليس لدي ما أرضعه لها ، قلت لك صدري جاف ، حاولي معها .
وبكفيها اعتصرت ثدييها فتقاطر منهما الحليب بصمت مضني لكأنما يواسيها في حزنها وإذا بدموعه تتهاطل في حداد بلون جعل للفرح ، دموع بيضاء تقول أنه اشتاق للثم الصبية.
آه يا بنيتي لم أرد أن أرضعك حليبا فاسدا ، إنك أصغر من أن تتحملي ما يحمله صدري من أذى ، لا أريد أن ارضعك ما يربك علاقتك بأبيك وبالرجال فربما سيأتي يوم تجدين فيه رجلا لا يقرضك ساعة سعادة مقابل دموع بقية العمر.
نعم أنا مخطئة بهذا التفكير مع هذا لن أسمح لها أن ترضع حليبي المجبول كرهاً للرجال ومرارة على حناني وشوقي لِمَن اعتقدته يستحقّهما هل أنذا أهرقتهما رخيصين على قارعة أنانيّته ولا مبالاته.
تمت
بقلم ليلى بروك

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى