ط
مسابقة القصة القصيرة

خطوات على الأسفلت. مسابقة القصة القصيرة بقلم / فاطمة يعقوب من مصر

فاطمة هانم طه محمد يعقوب
اسم الشهرة : فاطمة يعقوب
الموبيل :01003313058
الاميل : [email protected]
مسابقة القصة القصيرة

خطوات على الأسفلت
شعرت بثقل قدمى ، ودوار يسبح بي، إحساس يأخذني الى سواد، يرتفع بي في دورات متتاليه الى أعلى ، ثقل جسدي ، لحظات رحت بعدها فى غيبوبة ، هويت إلى ألارض ، سمعت أصوات من التفوا حولى، تصلنى من بعيد ، منهم من ساقه فضوله ليعرف ماذا يحدث ؟، ومنهم من أشفق على طفل صغير هوى إلى الأرض، شعرت بإختناق ، تنفست بعمق طلبنا لبعض الهواء ، ولكن لا فائدة ، شعرت بكل شئ حولي يضغط علىَّ، حتي لمسات الناس لجسدى، لم اعدأشعر بها أحقا لمسوني؟ ام اتخيل ، لا أدرى ، لم أعد أشعر بشئ .
حاولت أن أتذكر من أين اتيت ، وإلى أين أنا ذاهب ، لم اتذكر ، غاب عن عقلى كل ما حدث لى ، كنت أرى الناس حولى أشباح تتحرك ثم تصطدم بى، صور باهته مرت بخاطرى . دفقات من الماء غمرت وجهى ، مازالوا يحاولون إفاقتي ، بدأت افيق وألملم افكاري ، آه ..تذكرت الأن ما حدث لى منذ يومين ، تذكرت أنني هربت .. آه …نعم هربت من ضربات زوجها لى ، لطمات تهوى على وجهي ، بقسوة جعلتني أفر من أمامه ، … سامحك الله يا ابي، لو كنت أنت الذى يضربنى ما كان ضربك لى يكون هكذا، كانت مجرد مشاجرة بسيطة مع ابنته أختي الصغيرة ، هي أختي وأحبها ، كانت مجرد مشاجرة أطفال ، ولكن بكاؤها جعل أبوها ينتصر لها، وهوى عليَّ ضربا ، هربت لحظتها ، لا أعرف إلى أين سأذهب، المهم ، أن أفر من امامه تفادينا للضربات العنيفه التى تهوى عليَّ، آه سامحك الله يا أبى تركتنى بلا سند ، أبي… وأين هو ؟لا أنسي ابدا ماذا فعل معى ، يوم هربت أول مرة وهرعت اليه طلبنا للامان في احضانه، هربت يومها من الضرب ، كان الرجل يتحين الفرص لينهال عليَّ ضربا بسبب وبدون سبب ، كان يوم وقفة العيد الماضى، ، لم أفعل شيئا يومها أستحق عليه الضرب ، فقط طلبت من أمى، ملابس جديدة مثل رفاقى ، غضب زوج امى يومها غضبا شديدا ، وراح يضربنى ، هربت ولم أفكر فى أحد سوى أبي، ذهبت اليه ، طرقت بابه، مرة ومرات دون جدوى ، ناديت عليه كثيراً ولكنه لم يفتح الباب ، وعندما تعبت ،إنكمشت في ركن من السطح في انتظاره ، هبت يومها لفحة هواء بارد ، جعلتني انكمش على نفسى ، ألملم ملابسى على جسدى ، طلبا للدفء، لم أعرف مكان آخر أذهب اليه ، إنتظرت طويلا ، كنت أسمع ضحكات أبي ، ورفاقه بالداخل، مرت الساعات ، وأنا متكور عل نفسى فى الركن المظلم من السطح ،حتى غفيت مكانى،

قضيت ليلتي تائها فى صحراوات القلق ومتاهات الأرق ، اتساءل عما سيحدث لى وماذا سيكون مصيرى .
حين استيقظت كان الفجرقد بزغ ، وبدأت خيوطه تنسج على الليل تباشيره الناعمة، آنس وحشتى إنبلاج النهار ، وفجأة سمعت صرير باب حجرة أبى يفتح فى هدوء، تسللت منه أشباح ، واحدا تلو الأخر ، دون كلمة، كانوا يخرجون فى بطء وكأنهم يطيرون فى الهواء، نفس الأشباح التى كانت تتسلل من حجرتنا ،عندما كان أبي يعيش معنا أنا وأمي ، كانت تلك الجلسات تتكرر يوميا ، يجلس مع رفاقه متحلقين حول ركوة الجمر ، يغلفهم دخان أزرق، يتهامسون فى أول الليل ، وفى آخره يقهقهون بشدة، ويلقون بالنكات ، ويضحكون عليها قبل أن يُكْمِلُهَا راويها ، وهم يتبادلون غابة الجوزة ،بينهم ، وبعد إنصرفهم آخر الليل ، كان أبي ينام باقى النهار ، لا يفيق إلا على خطوات أمى ، عائدة من عملها ، لتضع أمامنا الخبز والجبن ، وإذا رزقها الله بوسع ، يكون العشاء طعمية ساخنة ، هكذا كانت حياتنا مع ابى، لا اعرف ماذا كان يعمل ، لم اراه أبدا الا نائما او جالسا مع اصدقائه في الليل، كنت انام مع امى فى تلك الاثناء فى الغرفة الداخليه من البيت . وها أنا ارى ابى فى نفس الموقف الذى كان يتكرر فى بيتنا فى الماضي مازال كما هو لم يتغير !!
بعد انصرف رفاق ابى ،فى ذلك اليوم ، ساد الهدوء حولى، نهضت من مكانى بصعوبة بعد أن تيبست عظامى من البرد، إتجهت إلى باب الحجرة ، نظرت الى الداخل، كان الضوء خافت، لم أتمكن من رؤية شئ، ناديت على ابي ، الذي ظهر على عتبة الحجرة ، بشعر أشعث ، وعينان حمراوان ، وقف بجسده الضخم يسدالباب ، يحول دونى والدخول ، صائحا : ماذا تريد ؟ماذاجاء بك الأن ؟
عجزت يومها عن النطق ، وانا أرى نظرته القاسية ، أخرستني المفاجئة ، لم يرانى منذ شهور، ولم يسأل عنى، كنت اتمني ان ياخذنى بين ذراعيه في حنان ويشعرني بالأمان ولكنه سألني يومها….ماذا جاء بي ،
اجبته في خوف : أصل أصل … كانت تلك الكلمة هى كل ما إستطعت النطق به.
غمرت وجهي مرة اخري دفقت ماء ، إنقطع عندها حبل أفكارى، مازالوا يحاولون إفاقتى، هم لا يعرفون سبب إغمائى ، إنه الجوع ، أنا جائع نعم جائع لى يومان لم أذق فيهما سوى الماء ، أريد طعام، فتحت عينى ونظرت اليهم فى خوف،

: الحمد لله ، إطمئنوا لقد إستفاق …..هكذا صاح أحدهم وهم ينصرفون من حولى ، بعد أن نفحنى كل منهم كلمة او كلمتين لا أكثر،مثل ..ماذا بك ؟…. انت تائه ؟…اين بيتك ؟… تحسست وجهى ، كنت مازلت اشعر بالالم الذى احدثته لطمات زوج امى عليه ، فرت دمعة ساخنه من عينى، قمت متحاملا على نفسى ،لأبدء خطواتى على أسفلت الطريق مترنحا ، لا أدرى إلى أين ستقودنى قدماى، وماذا سيكون مصيرى غدا، الله اعلم .
تمت بحمد الله

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى