ط
أخبار متنوعة

دراسة ميدانية لأحوال نساء المنطقة الغربية في العراق بعد احتلال داعش

مكتب العراق / عباس عبد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم المحامية : علا الدليمي

تعد قضية المرأة ودورها في المجتمع وبناء نهضته من القضايا المهمة التي تحتل مكانة متميزة في الفكر المعاصر بمختلف اتجاهاته وتياراته فقد تم طرح مسألة حقوق المرأة في نطاق الحقوق الشاملة للإنسان اذا اكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان وجميع الاتفاقيات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على تمتع المرأة بحقوقها وواجباتها كافة في مجالات الحياة العامة .

فالمرأة نصف المجتمع، ويجب أن تحظى بنفس الحقوق التي للنصف الآخر، وأن تُصان كرامتها وتحترم كما تُصان كرامة الرجل. ولقد عامل الإسلام المرأة على أنها شريكة الرجل في الإنسانية، خُلقَا من أصل واحد، قال تعالى في سورة النساء: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ ضمن الإسلام للمرأة حقوقا كثيرة من بينها:

حق المرأة في الحياة

ساد في العصر الجاهلي قبل الإسلام من الظلم والهمجية ما وصل بالعرب إلى التحريم على المرأة حقها في الحياة، فقتلوها بطريقة بشعة تدل على غياب الرحمة والإنسانية، وعلى مهانة المرأة وقدرها عندهم، وذلك بوأدِها وهي لا تزال طفلة، فكانت تُدفن حيّةً تحت التراب حتى الموت، وقد شنّع الإسلام هذه الجريمة حيث قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل البنات من أعظم الذنوب، وحرَّم ذلك، “فعن عبد الله بن مسعود قال: قلت يا رسول الله أيُّ الذنوب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندّاً وقد خلقك، قلت: ثم أيّ؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك”.

حق المرأة في التربية والتعليم

قرر الإسلام أنّ تربية المرأة وتعليمها من الأعمال العظيمة، ورتّب الشرع على ذلك جزاء وفيراً، فقد رغبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن تربية المرأة بنتا والسهر على تأديبها؛ ففي الحديث: “من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين (وضم أصابعه)” ولمّا كانت المرأة مخاطبة بالتكاليف الشرعية شأنها شأن الرجال، فهي مسئولة عن صلاتها وصيامها وقراءة القرآن وغيره من أمور دينها، فلمّا كان الأمر كذلك فإنّ قيامها بشرائع دينها يلزمه العلم المنافي للجهل، ومن هنا فقد حرص رسول الله على تعليم الفتاة، ودعا إلى نشر العلم بين النساء، وهذا من حقوقهن التي نص عليها الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدّى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمَةٌ، فأدبها فأحسن تأديبها، وعلَّمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران .

فالمرأة عضوًا أساسيًا وهامًا جدًا في أي مجتمع، ولا يمكن التغاضي عن الدور المهم التي تقوم به، فالمرأة قبل كل شيء هي الأم وهي التي تُنجب وتربي وتنشئ الأجيال التي على سواعدها ستُبنى الأمم، والمرأة هي القادرة على العمل خارج المنزل وداخله، حيث إن التجارب الحياتية أثبتت أن المرأة عنصرًا هامًا أسهم في بناء المجتمع، ولها قدرة على تحمل المسؤوليات التي تُعطى إليها سواء كان على صعيد العمل أو على صعيد المنزل .

إن الدول والمجتمعات الحكيمة والمتقدمة هي التي تعرف جيدًا مكانة المرأة في المجتمع، وقدرة المرأة على بناء المجتمع ودورها اللامحدود في ذلك، حيث إن المجتمعات المتقدمة تستفيد بشكلٍ كبير من قدرات المرأة في شتى المجالات، وهذا يدل على أن دور المرأة في تنمية المجتمع مهم جدًا، ويمكن ذكر دور المرأة في تمنية المجتمع كما يأتي

. دور الأمومة وهو الدور الأبرز والأهم لأنه ينشئ المجتمعات والحضارات، وتخرج العلماء ومن يحدثون في الحياة تغييرًا وتطورًا كبيرًا، وهذا الدور يعني عدة أدوار ضمن مفهوم الأمومة وهي الاهتمام بالأسرة ومشاكلها وترابط أفرادها وتواصلهم السليم مع بعضهم البعض، وتعتبر التنشئة والتربية السليمة وتعليم القيم والمبادئ والأخلاق مهمة المرأة في المقام الأول، فهي مسؤولة عن إعداد أجيال كاملة وتنمية مهاراتهم الاجتماعية وتعليهم حقوق مجتمعاتهم، وهذه الأدوار تنشئ مجتمعا متزنا نفسيًا ومستقرا عاطفيًا، ويتميزون بالقيم التي تنمى وترقى بالمجتمعات والحضارات، والأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق

. دور خدمة المجتمع فالمرأة يجب أن تتعلم العلوم التي تستطيع أن تبرع بها وتمكنها من العمل في كافة المجالات التي يمكنها أن تحقق نجاحًا وتقدمًا ملحوظًا بها، كما يجب أن تتلقى العلوم الشرعية التي تساعدها في تربية الأبناء تربية تقوم على أساس ديني، وحتى يمكنها تعليم غيرها من النساء العلوم الشرعية وتوعية النساء الأخريات بحقوقهن في الحياة والتي كرمها الله عز وجل بها، وتعريفها بحقوقها مع الرجال وما لها وما عليها.

. دور مساندة الرجل وهو من الأدوار الهامة والتي يكون لها كبير الأثر في ترابط الأسرة سواء كان هذا الرجل أخا أو زوجا فيجب عليها مساندته معنويًا ودعمه حتى يمكنه مواجهة مصاعب الحياة، وتوفير المناخ الملائم له، ويكون دور المرأة في مساندة الرجل دورًا ماديا في بعض الأحيان وهو ليس بواجب عليها ولكنه دور يكون نابعًا من نفسها وقناعتها بأنه مكمل له ولا تقل أهمية عنه.

. النساء هن القائمات على رعاية الأطفال والرجال في كل مجتمعٍ، وفي كل بلد في العالم، حيث إن بعض الدراسات أثبتت أنه عندما يتغير الاقتصاد والتنظيم السياسي لمجتمع ما على سبيل المثال تأخذ النساء زمام الأمور في مساعدة أسرتها على التكيف مع الظروف والتحديات الجديدة

. دور المرأة كمعلمة مهم جدًا في المجتمع، حيث هي الأساس بتعلم المجتمع القراءة والكتابة، ويكمن مفتاح قدرة المجتمع والأمة على التطور بالتعليم بيدها، حيث أظهرت الأبحاث أن التعليم يحسن الإنتاجية الزراعية، ويعزز وضع الفتيات والنساء في المجتمع، ويقلل من معدلات النمو السكاني، ويعزز حماية البيئة ويرفع مستوى المعيشة

. دور المرأة كعاملة في المجتمع من أهم أسباب تنمية المجتمع، حيث تبلغ حصة الإناث من القوى العاملة العالمية إلى 45.4%، حيث إن المجتمعات التي تعمل بها المرأة تتحول من مجتمعات تتمتع بالحكم الذاتي إلى مجتمعات مشاركة في الاقتصاد الوطني.

. يكون دور المرأة في المجتمع فعالا في الأعمال الخيرية حيث تعتبر هي الأكفأ في هذا المجال لأنها تتميز بقوة العاطفة عن الرجل، فقد ثبتت قدرتها في التواصل والإقناع خاصة في الهيئات التي تهتم بشؤون الأسرة والمجتمع وحقوق الإنسان، وكل ما يتعلق بتعنيف المرأة وهدر حقوقها والتي لا يستطيع أن يتعامل معها الرجل بنفس الكفاءة.

النساء ما بعد داعش

بعد ان بينا ما هو دور المرأة في المجتمعات وحقوقها في الاسلام ومدى تأثيرها في المجتمع لابد من التطرق الى تأثير الحروب على النساء فهن جزء لا يتجزأ من المجتمع وخير مثال على ذلك هو سيطرة تنظيم داعش الارهابي وفرض سطوته،

بعد سيطرة تنظيم داعش الارهابي على ثلاث محافظات عراقية ومن بينها محافظة الانبار فهي تمثل ثلث مساحة العراق حيث مارس هذا التنظيم شتى السياسات الاجرامية بحق ابناء المحافظة فأعدموا بعضا واحرقوا البعض الاخر واسرو اخرين فلا يوجد منزل انباري لم تصبه لعنة الاجرام التي مارسها هذا التنظيم بحق ابنائهم .فقد ادخلوا الرعب والارهاب في نفوس ابناء واهل المنطقة وقامو بفرض سياستهم على النساء وحتى الفتيات اللاتي لم يبلغن من العمر خمسة عشر عاما افادن بالتعرض لقيود مشددة على لباسهن وحرية التنقل في المناطق الخاضعة لداعش. قلن إنهن لم يُسمح لهن بمغادرة بيوتهن إلا وقد ارتدين النقاب الكامل وبصحبة أقارب مقربين من الرجال. هذه القواعد التي نُفذت بالضرب وفرض الغرامات على الأقارب الرجال أدت لعزلة النساء عن الحياة العائلية والأصدقاء والحياة العامة. فلا فرق بين نساء ورجال انتهكوا جميع الحرمات ولم يسلم منهم وظلمهم لا مسن ولا طفل ولا امرأة واستمرت هذه السياسة الى ان تم تحرير المنطقة على ايدي الابطال من جميع الفئات العسكرية والحشد الشعبي والعشائري.

اصبحت النساء بلا ازواج والامهات فقدن ابنائهن والاطفال بدون ابائهم فلا معيل لهم ولا مصدر رزق يعينهم على ايجاد قوت يومهم.

فلا بد للمرأة ان يبرز دورها هنا فتكون هي الاب والمعيل تحمل كامل المسؤولية بمفردها فبعضهن يملكن وضيفة قد تكون معلمة او مدرسة او طبيبة والبعض الاخر لا يملكن حتى ادنى مهنة تعينهن لتكون مصدر رزق واعالة لها ولأطفالها حتى لجأن الكثير منهن الى الانتحار حرقا بسبب العوز والفقر ،

اصبحت المدينة تزدحم بأعداد الارامل والمطلقات والايتام وتريد الكثيرات من النساء بدء مشاريعهن الخاصة منزلياً لكي يستطعن رعايته بشكل جيد او لعدم قدرتهن على العمل من خارجة، وهذا يتطلب منهن في الغالب ان يتعلمن مهن او حرف يدوية مختلفة تمكنهن من انتاج العديد من الاعمال او المنتجات التى يحتاج اليها المجتمع المحيط مما يسهل بيعها وبالتالي يتحقق الهدف الذي قامت علية هذا المشاريع وهو كسب المال فهنا لا بد من الالتفات الى هذه الفئة والاخذ بعين الاعتبار وضعهم الاقتصادي والمعيشي وتقديم المساعدات والمعونات لهم .فيتم ذلك بإشراكهم في المجتمع كقوى عاملة لتعزيز الدخل القومي والفردي من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمهن اليدوية كمعاهد تعليم الخياطة والحياكة بكافة انواعها وانشاء معاهد لتعليم الحلاقة للرجال والنساء وغيرها من المشاريع الصغيرة التي تعيل هذه الفئة وتكون مصدر رزقا لهم فليس من المعقول ان نتخذ موقف المتفرج ونحن نرى نسائنا وبناتنا يعانين الفقر والعوز فيكفي مااصابهن من الم فقد من كانوا لهن معيلين ساندين ،وانطلاقا من حديث رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه واله وصحبه وسلم (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة” فلا يقتصر الدعم على المفهوم المادي فقط اليوم نحن بحاجة لدعم نسائنا فكريا وثقافيا وعلميا واجتماعيا نحن بحاجة الى ثورة نسوية للتغيير كذلك التغيير هو بحاجة لسنوات كي نلمس آثاره على أرض الواقع. وكما قال نزار قباني: “ثوري على شرق يراكِ وليمه فوق السرير”. نحن بحاجة إلى ثورة والمقصود هنا ثورة فكرية ايجابية تساند وتدعم المرأة وتطيح بالعادات السيئة التي قوضت المرأة فلا يخفى على الجميع وأد الفتيات أيام الجاهلية خوفاً من العار، وختان الإناث، وغيرها من الوساوس الخبيثة التي غزت عقول الآباء والأمهات في تلك المراحل والعصور. كما أننا بحاجة إلى التغيير الذي لا يتعارض مع الدين يخدم المرأة العربية بوجه عام والعراقية على وجه خاص وتوجيه البوصلة نحو احتلال داعش وفضح ممارساته بحق المرأة العراقية .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى