إن الإنسان في عصرنا هذا رغم ما حققه العلم والتقدم له؛ لكنه لم يتجرع الأمن والراحة؛ ذلك يرجع إلى أن العلم لم يوافق أو يخاطب أهواءنا ولم يتوافق مع الذات الإنسانية؛ وأرى أن هذا القلق والخوف الذي يسكن أرواحنا رغم كل ملذات الحياة يرجع لكوننا خالفنا منهج الحق عز وجل؛ فرب العزة سبحانه وتعالى وضع لنا منهجا واضحا يتفق مع قدراتنا وميولنا فخالفناه بعقول تافهة وآراء خلفت لنا التعاسة والشقاء في بيوتنا وكل مناحي الحياة؛ علينا جميعا أن نجعل تعاليم الدين الصحيحة منهجا وقائدا يقودنا إلى الحقيقة في عالمنا.
إن معاناتنا في هذه الحياة تكمن في الازدواجية بين التدين والواقع؛ فقد قصرنا مفهوم الدين على بعض الشعائر في الإسلام ‘وأهملنا كلية التطبيق العملي لهذه الشعائر، نسمع خطبا كثيرة ونقرأ كثيرا لكن أين التطبيق حتى على المتحدث نفسه؟ ماتشهده اليوم من مخاطر وصعاب وأمراض نتيجة هذه الازدواجية بين الفكر والدين، التي أفسدت حياتنا وخربت مفاهيم السعادة في عقولنا وحياتنا ‘ وفي هذا المقال أكرر أنه إذا لم ينتبه الناس إلى هذه الازدواجية ولم نرجع إلى المفهوم الصحيح للدين، لن نحصد سوى الضياع والتشرذم وغياب السعادة في أرواحنا. والتساؤل الذي يطرح نفسه هو : إلى متى هذه السخافة والانغلاق في حياتنا؟ بمعنى أن توهم بعض الناس ببعض المفاهيم الخاطئة عن الدين بهدف السيطرة على عقولهم الفارغة وأرواحهم الميتة ‘ وهذا للأسف الشديد ينتشر في عالمنا العربي والإسلامي حتى وصلنا لحالة عدم الانعدام النفسي والفكري.
إننا نحن -المسلمين – صرنا تائهين وسط عالم اليوم بل مثار سخرية الآخرين بعد أن كنا سادتهم. رغم أن تعاليم الدين لم تتغير بل نحن الذين بعدنا عن الفهم الصحيح للإسلام. الإسلام أيها الناس ليس شعارا وكلمات تقال في المجالس أو على وسائل التواصل الاجتماعي مع يقيني أننا نتناولها دون قراءتها أو فهمها؛ لكن الإسلام سلوك ومنهج واضح نسير عليه في حياتنا سواء أكان ذلك في بيوتنا أم أماكن عملنا أم في الشارع وغيره.
إن الواقع الذي نعيشه اليوم يوضح عن حقيقة أن عقولنا وأفكارنا حبلى بالجهل والتخلف؛ وهذا الجهل نتيجة عصور قديمة من ثقافات تجذرت في عقول البشر؛ فالإنسان العربي والمسلم مشوش فكريا وسلوكيا، نحن في حاجة لعقول قادرة على التمييز بين الأفكار والسلوكيات في الحياة ‘ كذلك نحن في حاجة ماسة إلى تحليل واستنباط مافي هذه المواقف التي تعترضنا حتى لا يصطدم بالواقع المؤلم الذي يترك آثارا سلبية تؤثر في سعادته وقدرته على التكيف والتعايش السلمي مع الآخرين.
ولا شك أن وسائل الإعلام المختلفة لها دور كبير وواضح في تشكيل هذه الازدواجية الفكرية المعاصرة وكلنا نعرف كيف تلعب هذا الدور، فإذا أردنا أن نبني جيلا قادرا على تحمل المسئولية تجاه الدين والوطن فعلينا أن نوجه الفكر والتعليم نحو الهوية الإسلامية العربية حتى نقترب من تحقيق الذات الغائبة عنا وإن لم نفعل ذلك سنهوى في بحر عميق من الجهل والخرافات التي تودي بحياتنا للأبد.
إن هذه الرؤية رسالة أريدها أن تبلغ المدى للبشرية جمعاء ألا وهي أن يستقيم السلوك مع الدين وان تكفوا عن أسباب الدمار الأخلاقي والاجتماعي الذي أفسد حياتنا ‘ وخلف التعاسة والحزن في أرواحنا، هل تصطلحون مع أنفسكم؟ هل أدركتم قيمة الحياة الفانية؟ أم مازلتم تريدون العناد مع منهج الله؟