ط
مسابقة القصة القصيرة

رحلة موت .مسابقة القصة القصيرة بقلم / سمير برقرق من الجزائر

*رحلة موت*
سمير برقرق من الجزائر

هيا..هيا..أأذان إقامة صلاة..ماذا قال حيا حيا؟..لا بل هيا..هيا..تشبث بكل طافية..أترك حكاما وأمة طاغية..أهجر إلى أرض العجوز الهادية..شد الرحال إلى أرض سامية..هيا هلم هيا” )  نزع الطبيب سماعته من على الرفات وهو يهز رأسه لا اظنه مات في سكينة ورحمة!!,

لقد كان هذا اخر ما ادلى به ذلك النسيم العليل الذي حمل وصية الطبيب والقاها على قلب تلك الام وهو يداعب وجهها ويشابك خصلات شعرها مخخفا عنها دون ان  يزدها الا نظرا في تلك الهستيريا المتواصلة من ذلك العنيد مدا وجزرا ثم بعد برهة من الزمن جاء المكتوب صائحا بملامح الجبين لتوقفه الام مستحلفت له ان يروي لها القصة كاملة فابى وما زالت ترجوه حتى بدا بالكلام فقال : (..وتتالى هذا النداء كشعيرة دينية..كظاهرة طبيعية..كسحر فتان لا يستطيع من صادفه النجاة من تعويذاته..وزاد  وهم زمر المغامرين الناظرين إلى الأفق البعيد..الباحثين عن جنة العيش ..وأسالوا لها الفكر والأمل والجهد المديد..لكن الطريق غامضة مظلمة.. هي مظلمة لكن هناك حل..ضع أمام عينيك نقطة ضوء من نور الأرض السامية..احجز رحلة إلى جنة الدنيا..بدأت الرحلة والرحالة فيها هم التائهين في هذا البرزخ..ماذا أسمع صراخ وصياح شديد..انه صراخ العذاب..حادي هذه الرحلة تشبث بقوة ..احذر كلاب البرزخ..تشبث بخشبتك المنجية..حذار فهذه الكلاب ترى وتبصر أكثر مما تبصر..لا ترحم.تقتل.تدفن..ماذا تعيدك إلى أرضك وقفارك..إذن لا تملك إلا أن تتسمر بطوفك..أن تنصهر في تابوتك البرزخي.. لسان الرحالة رطب لاهج بالدعاء وشفاههم مبيضة من ملح البرزخ ومن تكرار الدعاء..أياديهم مقبوضة عيونهم براقة..قلبهم قلب رجل دين قوي الإيمان متعلق بالرب لا يملك إلا الدعاء..صادق في توجهه..ما صدق يوما في عزمه وتوكله على الرب من يومه هذا..وبعد هذا الميعاد الديني والعلاقة الإيمانية تعم أرجاء البرزخ الواسع الذي إذا سكن القلب كبر وعظمة جبارة همدت وذلت وأحست بالصغر والضعف لأنه أعظم منها كيانه متكبر متسلط يفرض فلسفته في هدوء جنوني.. وسط كل هذا ترتفع صيحات كصيحات رعاة البقر بعد نجاحهم في خرق القانون..صيحات مبتسمة لكنها تخفي نبوءة فتنة أدهى وأمر من سابقاتها نعم صدقت هذه النبوءة !!خطر أخر فتاك شرس..حراس البرزخ..لا يحكمهم قانون قانونهم الطبيعة إذا جعت فلتهم أقربهم..بل أضعفهم..أقلهم تشبثا…ماذا ينادي..أخاه أكل احد الحراس أخاه ..التهمه.. ماذا اللعنة على البرزخ لكنكم متعدون..أنتم متعدون..ماذا الآن عاصفة هوجاء..ما هذه السماء الحمراء.؟؟.ما هذا الهواء ؟؟ يتغلغل الى الصدور مخنوقا  متى تشربته راكنا بخنقه فيها.. لكن صدورنا مقبوضة عيوننا منهكة لا رحمة..أين الرحمة أهذا المكان لا رحمة فيه!؟..أريد رحمة الإله ..ضرب الموج البرزخ أخاه..هو في ذمة الله..مازال له إخوة يواصلون الرحلة لكن مستوى آخر من العذاب والفتن شبح البرزخ يحاول خطف من بقي..قالوا أن الماء والتمر ينفي هذا الشح هو ترياق متى ملأت جوفك منه لم يقربك..هو رقية هذا الشبح..أما ما علمونا وحفظونا كذب !؟..خرافات..بدأت أشك في هذه الرحلة المجنونة .. استيقظ ما بك إخوتك يموتون ..لا يستطيعون المقاومة ..لا تبكي فلن تغرق الماء ..لن تبلله حتى بل تتعب نفسك فقط لا تنوح لا تصرخ لا أحد يسمعك .. حاول الوصول لا تضحي بكل ما ضحيت به لي لا شيء .. ما بك؟!.. ماذا حدث لك؟.. !أين عزيمتك التي تسحق الصلابة وأين إصرارك الذي تتحدى به العين المغزل؟ !شكلك الآن عظام نخرة..تذكرنا بيوم البعث أم انك حقا تبعث ..استيقظ انه النور..انه يغازلك يدغدغ  جفان عينيك حاول فتحهما..لا اقوي حاول فقط يدخل النور من عينيه إلى كامل جسده تستيقظ الأحلام بداخله..أانتهت الفتنة  واتى الفرج ..أهذا جزاء الصبر!؟ أظنه كذلك..فهذا هو الشاطئ أراه ليس سراب فأنا متأكد  خبرت السراب في البرزخ أنا اعرف السراب حقا..ماذا أرى عيون زرقاء.. شعر أشقر.. لكنهم عمالقة..يزحف على صدره..كمولود جديد من مخاض عسير توفيت فيه حاملته وتيقن موته لكنه حي جسمه يتحرك في ارتجاف..يزحف إلى  حبات رمل الأرض السامية..هكذا سماها وإخوته..ما بقي فيه دم لينزف..جلده تفتت..عظمه المزرق يحتك بهذا الرمل..ضحكات متكبرة تتعالى..لالا..لا..لا.!!احذر أن تدوسه يا عملاق..لا لا رأسه..داس العملاق على رأسه..سحقه وهشمه براحة فهو عمله المعتاد..ألفه ينتظر هؤلاء الرحالة الصابرون ويكافئهم على صبرهم وشجاعتهم في مواجهة رحلة الموت..هو أراحه من عذابه..هو يعمل في حقوق الإنسان..منظمة إنسانية تريح هؤلاء المعذبين من ألامهم القاسية..)

 ثم سكت المكتوب وصار يسقي خده الجاف بماء نياح بعض السموات التي نزل منها . وغاصت رجلا الام في الرمل المبلل وهي تنظر اليه صارخة ودموعها تسأل اللعنة!! لا تقلها ..احقا هكذا كانت الرحلة؟؟ اهاكذا انتهت الرحلة؟؟…لم  يجبها ونفته تلك الاصوات التي كانت ترسلها النوارس  ثم قالت لنفسها : (أظنها انتهت. !!) واخذت فلينة صغيرة واغلقت قارورة الزجاج ورمتها بما اوتيت من مد املها الى البحر وقالت له :(اللهم هبة مقبولة انت هنا يا ولدي  فليقراك كل محظوظ..!!)

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى