د . وسيلة محمود الحلبي*
يهرب الإنسان من الآلام ، كما يهرب من كل شيء عميق ، دون أن يدري أي حكمة كامنة في هذه الأعماق . و( أنا ) تألمت طويلاً حتى أصبح الألم صديقاً لي ورفيقاً.
آلامي أضحت ظلي الذي لا يفارقني ، وقد تعجبون إذا قلت لكم : إنني لا أكره هذه الآلام، بل أدين لها بالفضل في تغيير نظرتي للحياة.
الآلام علمتني الصبر، وكنت مثل غالبية البشر مخلوقة هلوعة ، لا أصبر على نفسي ولا على غيري. الآلام كانت نظارة رأيت فيها الدنيا على حقيقتها.
وعندما كانت آلامي تنهش تحملي الرقيق ، وتقسو على ضعفي البسيط ، عثرت على القوة في الزهد، والراحة في الإيمان، وعثرت على نفسي وآمنت بالذي خلقها.
آلامي .. نزعت الألوان من فوق الناس حولي ، فرأيتهم على حقيقتهم ، بلا زيف ولا خداع . في لحظات المحنة ، عثرت على الصداقة الحقيقية ، وسقط مني في الطريق وأنا أتألم ، المزيفون الذين لا يتحملون صراخي وألمي ، ولا يعترفون إلا بابتسامتي .
وكم عذبتني آلامي، ولكن الندم لم يدق باب قلبي، فأصبحت بالألم أفضل ، وبه تغيرت.
*سفيرة الإعلام العربي