ط
الشعر والأدب

رسالة شهيد ..بقلم الشاعر / أحمد بيومي ..

10801645_1391949024441393_7748171697144465781_n
رسالة شهيد ..بقلم الشاعر / أحمد بيومي ..
أمي بعد السلام وتقبيل الأيادي الطاهرة ..
بلغني حيث أنا ..
إنك لا تكفين عن البكاء والنحيب ..
فلتعلمي إذاً ..أيتها الحبيبة ..
أنني بألف خير ..حيث أنا الأن ..
لقد أعتدت التراب والرطوبة ..
هنا قابلت جدي وجدتي الحبيبة ..
و لم تعاني روحي كثيراً في رحلة الخلود ..
حقاً ..يا لها من رحلة رهيبة ..
لم يستغرق الملكين وقتاً طويلاً في الحساب ..
فأنا لم أعيش طويلاً فعلى ماذا أحاسب عن ذنوب الصبية والأحلام ؟..
فقط ..أزعجني جداً أنهم قد تركوني وحيداً ..
حاولت النهوض كثيراً لكنني لم أستطيع ..
فقد منعنى ذلك الكفن وملابسي المتسخة بالدماء ..
وتلك الرصاصة الغريبة ..
أنا بخير لكنني خائف جداً ..
أشعر بأنني في هذا العالم السرمدي أبدوا غريباً ..
ربما لو سنحت الفرصة وعدت من جديد ..
لكتبت تغريدة جديدة ..
عن الذي بقى حتى بعد الموت وحيداً ..
وحيداً لأن الأصدقاء ..
الذين ماتوا قبلي ..
ذهبوا بنزهة ليشاهدوا الجنة .. ولم يعرفوا أنني هنا ..
نعم .. الموت شيء رهيب ..ولكني ابداً لم أغادرك ..
فأنا أشعر بكل شىء وكانى عنك أبداً لم أغيب ..
أتعرفين ماذا أريد ..؟
أريد فقط أن أستعيد أناقتي وأصفف شعري الكثيف ..
رغم أني أعلم إنني ميت ..
إلا أن روحي لازالت تتنفس عطرك في لحظات المغيب ..
و شعري مازال أسوداً ويلمع حتى في القبر ..
أماه ..عندما دخلت إلى معركتي الأولى ..
كنت خائف جداً من الموت ..
فأنا يا أمي قد كنت أخفيت عنك أن لي بالفعل حبيبة ..
أنت لا تعرفينها .. فأنا قد كنت تعرفت عليها في عالم الإنترنت العجيب ..
ووعدتها إنني ذاهب إلى الجيش ..
وإنى عائد سريعاً.. وإني أبداً عنها لن أغيب ..
ولكن عند المعركة الثانية بدأ الموت يستهويني كثيراً ..
فالكثير من الأصدقاء الذين ماتوا قبلي ..
جعلوا الموت أمراً سهلاً كأشعال سيجارة ..
تخيلي أمي ..لم أتصور يوماً أن الموت بهذه السهولة و هذا الجمال ..
طلقة أخترقت قلبي الصغير ..فوجدت روحي تطير ..
وجسدي ممدد فوق سرير أبيض كبير ..
وأوراق بيضاء وقلم ..
وتحول هذا الشاب الجميل فجاءة إلى رقم ..
ووقت رائع لأنهاء ما بدأته من شعر ..ورسم ..
أنا حزين فقط لأنني لن أستطيع أن اشارك أصدقائي الدعابة ..
وحزين أكثر لأنك أمي لن تنامي هذا الليلة بعد أن تقرئي تلك الرسالة ..
حزين لأنني لن أستطع أن أمسك قاتلي ..لأسأله لماذا أنا ..؟
كم تمنيت أن أقول له ( أبتسم لأنك قتلت شاعراً )
حزين .. لأنني أدرك الأن ..
أنكم لن تستطيعوا أن تمنعوا أنفسكم من الحزن ..
ولا حتى أنا …فأنا رغم أني قد صرت أحمل لقب شهيد ..
إلا أنني كم تمنيت أن تطول بي الحياة قليلاً ..
لأتزوج من حبيبتي وأنجب منها بنتاً أو ولد ..
أمي ..أعرف أن كلمة بطل ..
لن تجفف دمعة أزلية باقية على خدك الجميل ..
لكن صدقيني ..أنا الأن هادئ كحمامة ..
وملك الموت كان مهذباً معي ..
بطريقة رائعة ( ربما كان مثلي شاعراً ) ..
كان مبتسماً كثيراً ..
ملابسه حديثة ونظيفة ..
قال لي : هل نذهب ؟..
فوافقت بلا تردد و سرت معه إلى حيث سأرتاح كثيراً ..
أمي ..أرجوك أن تبلغي حبيبتي ..
أنني أعلم أن النسيان أكثر وجعاً من أي شيء ..
فأذا ما شعرت أنها بحاجة إلي ..
وأنني قد خلفت وعدي معها ..
أطلبي منها أن تقرأ قصائدي ..
حتى وإن كان بصوت منخفض قبل النوم ..
فأنا أحب أن أسمع قصائدي بصوتها العذب الجميل ..
أمي أخبري أصدقائي ..أنني قد أحببتهم جميعاً ..
وأطلبى منهم أن يتحدثوا عني من وقت لآخر ..
و أذا ما شاهدوا فتاة جميلة ..
أن يقولوا لها لو كان أحمد هنا لأبتسم ..
أو ربما كتب فيك تغريدة عشق جديدة ..
كم تمنيت أن يطول بي العمر قليلاً ..
ولكن ليس كل ما يتمنى الفتى يدركه ..
فأتركوا فوق قبري قلم ..وبعض الورق ..
فقد أحب أن أكتب لك رسالة جديدة ..أخيراً ..
شكراً لكم على لقب ( الشهيد ) ..فعلاً قد أحببته كثيراً ..
تغريدة ألم .. بقلم الشاعر / أحمد بيومي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى