ط
مسابقة القصة القصيرة

روح مهاجرة . مسابقة القصة القصيرة بقلم / فيفى فاروق عوضين .مصر

الاسم :فيفي فاروق عوضين
الدولة :مصر
محافظة :دمياط

الايميل [email protected]
المجال :القصة القصيرة
روح مهاجـرة

تزينت كعادتها في هذا اليوم بالذات ، ولبست أبهى الثياب ، ووضعت نفحات من عطرها المفضل ، وعلى عينيها نظارتها السوداء ، وانطلقت في طريقها إلى منزلها القديم على كورنيش النيل حيث يصطف بعض الناس على جانبيه تحت المظلات الخشبية يختبئون من حرارة الشمس ويلتمسون بعض نسمات عابرة ، وقفت تستريح قليلا وتنظر إلى جمال النيل وتسترجع بعض ذكريات الطفولة ورمقت بعينيها مكانا خاصا تحت الكوبري وإذا بشاب وفتاة يجلسان على حافة النهر .
تختبئ في عباءة رجولته وتستحي من المارة أن تكشف أمر عشقها البريء فهما في عمر الزهور وتبادلا الومضات التي تنعش القلب مع طيب العبارات ، فتذكرت ” ليلي “صديقة الطفولة وحبيبها “فريد” حيث كانت تتحدى العالم بحبها له وتتباهى أمام رفيقاتها بالمدرسة بحكايات “فريد”؛ اليوم أرسل إليها وردة حمراء مع أخته الصغيرة ، وبالأمس وقف بالساعات أمام باب المدرسة في انتظارها حتى يخطف من العمر لحظات وينظر إليها أثناء الخروج؛ فقالت في نفسها آه من عشق المراهقة . إنه يسرق من العمر أجمل اللحظات ويبكي القلب دمًا عندما يواجه أمير الأحلام محبوبته إنه لن يرتبط بمن خرجت معه أو بادلته العبارات والمشاعر، فهو لا يريد إلا بنت أبيها ، لا تعرف غيره ،ولم تر قبله أي انسان ؛ فضاعت قصص “ليلي” معها ، وهى تلقى بنفسها من الطابق الثالث عندما خدعها “فريد” وتزوج أعز صديقاتها التي كانت تعلم عنها الكثير ، ولكنه فضلها عليها ،فهو يدرك أنها خام لا تعرف للعشق عنوانا .
لبست نظارتها السواء وتنهدت حتى شق التنهد صدرها على تلك الأيام ، وقالت الكل يتغير فما كان بالأمس محالا أصبح اليوم مباحا .
صارت إلى أخر الطريق تلتقي بعم “سعيد ” ، تأخذ منه إيجار الشقة التي تركها لها والدها رحمة الله عليه . سبع جنيهات في نهاية القرن العشرين مبلغ يستحق التقدير : ربع كيلو لحمة وشوية خضار ، تقضى بها يومها هي وأمها القعيدة فهي على يقين أن هذا المبلغ ليس الغرض الأساسي لمجيئها كل شهر .
نظرت إلى شيش شباك الطابق الثاني من العمارة المجاورة وكان الشباك مازال موصدا بلوح خشبي مر عليه الزمن وبلى ، فقالت في ذاتها : ألم يأن لك المجيء..؟ هل طاب لك الرحيل…؟ متى اللقاء وإن كان الوحيد …. ؟ فمن بعدك ليس في العالم ما يستحق أن انظر إليه بعين رأسي .
أفاقت على صوت عم “سعيد ” : الإيجار يا ست البنات ؟
قبضت بيدها على المبلغ ورحلت بنظارتها السوداء .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى