——————–
قصيدة : سفين الحب
=============
شعر : سلطان الهالوصي
================
مِنْ بَعْدِ أَطْيَافِ السُّهَادِ قَدِ اهْتَدَى
قَلْبِي لِقَلْبِكِ بِالْوَفَاءِ وَغَرَّدا
وَتَهَدَّمَتْ جُدْرَانُ هَجْرٍ بِاللِّقَا
وَبَنَيْنَا صَرْحًا لِلْوِصَالِ مُشَيَّدا
فِيهِ التَّنَاغِي مِثْلُ هَدْلِ حَمَائِمٍ
وَالصَّمْتُ فِيهِ الْحُلْمُ شَادَ وَجَسَّدا
أَبْوَابُهُ قَدْ شُرِّعَتْ بِأَوَابِدٍ
تَشْتَاقُ فَتْحًا مِنْ حبِيبٍ أَوْصَدا
غُرُفَاتُهُ سَكَنٌ وَ وَاحِ مَوَدَّةٍ
مَصْفَى الْهُمُومِ إِذَا السَّقِيمُ تَنَهَّدا
جُدْرَانُهُ حُضْنُ الْحَنَانِ بِدِفْئِهِ
مِنْ حُسْنِ مَعْشَرِ دَامَ حُبًّا سَرْمَدا
سَقْفُ الْأَمَانِ عُرُوشُهُ فَتَفَيَّأَتْ
ظِلًّا كَصِفْصَافٍ يَمِيدُ مُنَضَّدا
شُرُفَاتُهُ أَطَرَتْ فَضَاءَ تَأَمُّلٍ
لِلْأَهْلِ بِالتَّسْبِيحِ خَرُّوا سُجَّدا
أَمَّا الْأَسَاسُ مِنَ الثِّقَاتِ مُفَلَّذٌ
كَالدِّرْعِ فِى صَدِّ الرَّزَايَا أَصْلَدا
وَبِصَرْحِنَا كَسَفِينِ حُبٍّ أَبْحَرَتْ
فِى عَرْضِ يَمٍّ لِلْحَيَاةِ تَمَدَّدا
فَتَنَاغَمَتْ أَلْحَانُ قَلْبَيْنَا صَبًا
وَتَلَاطَمَتْ أَمْوَاجُ عِشْقٍ قَدْ بَدَا
ربَّانُهَا هُوَ آمِنُ السِّرْبِ اقْتَفَى
طِيبَ السَّرِيرَةِ كَالْمَنَارَةِ فَاهْتَدَى
فَإذَا تَوَقَّفَتِ الْعُيُونُ عَنِ الرُّؤى
فَالْقَلْبُ فِى أَثَرِ الدُّرُوبِ تَرَشَّدا
وَالْعَقْلُ إِنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ تَشَوُّشًا
فَبِفِطْرَةِ الْقَلْبِ الْمَسِيرُ تَمَسَّدا
كَمْ حَاذِقٍ ضَلَّ الطَّريقَ تَشَرُّدا!
كَمْ مِنْ ضَرِيرٍ صَابَ أَبْعَادَ المدى!
فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا لِعِبَادِه
وَلِحُوتِ يُونُسَ عِبْرَةً قَدْ خَلَّدا
رُكَّابُها زَوْجٌ تُقَدِّسُ رَبَّهَا
قَدْ أَطْفَلَتْ زَهْرَاتِ فِى طَوْرِ الدَّدا
كَالزَّقْزَقَاتِ تَرَنَّمَتْ ضَحِكَاتُهُمْ
بِسَمَاعِهَا شَحْذُ النَّشَاطِ تَصَعَّدا
الْفَرْحُ يَطْبَعُ بِالْبَشَاشَةِ قَبْلَةً
جَعَلَ الْبَهَاءِ عَلَى الْخُدُودِ تَوَرَّدا
هُمْ كَوْنُنَا نَجْمَاتُ ضَاءَتْ فِى السَّمَا
هُمْ دَرْبُنَا مَهْمَا الشِّهَابُ تَرَصَّدا
فَعُيُونُهُمْ قَدْ أَبْرَقَتْ بِبَرَاءَةٍ
وَمْضًا لِحُلْمٍ فِى الْقُلُوبِ تَوَسَّدا
وَشِرَاعُهَا ثَوْبَانِ هَا قَدْ رَفْرَفَا
وَتَعَشَّقَا وَعَلَى الْوَفَاءِ تَعَهَّدا
كَمُحَارِبَيْنِ إِذَا الرِّيَاحُ تَمَرَّدَتْ
وَكَعَاشِقَيْنِ إِذا الرَّبِيعُ قَدِ اغْتَدَى
الْمَجْدُ وَالْعَلْيَاءُ بَوْصَلَةٌ لها
فَالسَّهْمُ مِنْ عَزْمِ الْقُلُوبِ تَسَدَّدا
====================
شعــز/سلطان الهالوصي