قصيدة ( سيدة الكلمات )
سَيِّدَةُ الكَلِماتْ
يَا سَيِّدةُ الكَلماتِ المَصلوبَةِ
فَوقَ الجُدارنْ
قَد جَعَلوا مِنكِ بَغيَّاً
وَ عَباءةَ عُهرٍ يَلبِسُها
الخُصيانْ
وَ مَضوا يَتَباكونَ عَلى الأحرُفِ
مَنْ قالَ بِأنَّ الفاءَ فَنَاءٌ
وَ بِأنَّ اللامَ إذا ضُمَّتْ
تُمسي حَبلاً لِلإعدامْ
قَد جَعَلوا مِنْ حرفِ السِّينِ سُؤالاً
يَقتلُ حُلمَ العَودةِ
وَ الطَّاءَ طَريقاً شَائكَ
بِدروبٍ مَلأى بِالألغام
حَيثُ الموتَ يعيشُ
وَ تُقتَلُ فينا الأحلامْ
أمَّا الياءُ فَدَعواهُم يَا اللهُ
وَ ريحُ الخَمرِ بَراكينٌ تَتَفَجَّرُ
بَينَ الأشداقْ
قَد حَذَفوا الأحْرفَ سَيِّدَتي
لَمِ يُبقوا لِلنونِ سوى نَونِ النِّسْوةِ
حَيثُ إلى الأفْخادِ وَ ما يَعلو الصَّدرَ
بِلهفَةِ كَلبٍ مَسعورٍ تَرنو
الأحْداقْ
يَا وَطَني المَصلوبَ
قِياماً وَ قُعوداً
وَ عَلى الجُنباتْ
أنَا مِثلُكَ مَصلوبٌ
بِحبالِ القَهرِ
وَ ذُلِّ الكَلماتْ
وَ ألسِنَةِ السَّاسةِ
في المُؤتَمَراتْ
ألسِنةٌ لا تَسمعُ مِنها
إلَّا لُغةَ الحِقدِ
تُغَلِّفُ نبراتَ الحربِ على الأطفالْ
ألسِنَةٌ لا تَغزو إلَّا صَوتَ الأهلِ
وَ تَغزو بِمَدافعَ وَ صواريخَ
وَ تُخرسُ هَذي الأسلحةَ
إذا جَدَّ الجَدُّ
وَ كانَ لِقاءُ الأعداءْ
فَهُنا يَا وَطَني
إنْ جَرُأتْ
تَغزو بِالكَلماتْ
فَالشَّعبُ العَرَبيُّ يُعاني
سَكَراتَ المَوتِ
فَيَصحو وَ يَنامُ على كابوسِ النَّصرِ
وَأنَّى النَّصرُ لَهُ
وَ ذراعُ الحاكمِ لا تَغرسُ
إلَّا الأحقادْ
وَ هُنا يَا وَطَني
لا نُعرَفُ إلَّا لُغةَ الأضْدادْ
فَيَا سَيِّدةُ الكَلماتِ المَنقوشَةِ في صَدري
وَ المَصلوبَةِ فَوقَ الجُدرانْ
لأنِّي مثلكِ
ضَلَّتْ أحلامي الدَّربَ
فَلا حرفي يَعرفُني
وَ لا حتَّى آمالي
بَاتَ لها عُنوانُ
أَعودُ إليكِ لأرجوكِ
وَ قَدأثْقلتُ عَلَيَّ
كَماأثْقلتُ عليكِ
بِأنْ أخْرجَ من بَيتِ العُربِ
الظَّالِمِ أهله
وَ خُذي رُوحي تَرقُدُ بسلامٍ
أَو بِجحيمٍ في عَينيكِ
فَالأمرُ هُنا يا سَيِّدتي
سَيانْ
وَ لأنَّ عيونكِ طاهِرةٌ
فَعذابي في عَينيكِ نَعيمٌ
وَ العيشُ هُنا ميتٌ
أحسبهُ رُغمَ عَذابيَ
عَزفاً لِتراتيلِ
أمَاْن
الشاعر د . عبد الجواد مصطفى عكاشة