الإسم :شتوح عثمان
الدولة : الجزائر
إسم الشهرة : شاعر الحب والحزن
نوع النص:نص نثري
إسم النص :سُورِيَّةُ تَسْتَحِقُّ الحُبَّ وَالسَّلَامَ
فِي قَلْبِ الشَّرْقِ تَتَرَبَّعُ سُورِيَّةُ، تِلْكَ الأَرْضُ الَّتِي تُجَسِّدُ الجَمَالَ فِي كُلِّ تَفَاصِيلِهَا، مِنْ جِبَالِهَا الشَّامِخَةِ إِلَى سُهُولِهَا الخَصْبَةِ وَشَوَاطِئِهَا الهَادِئَةِ. سُورِيَّةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ وَطَنٍ، بَلْ هِيَ حِكَايَةُ حَضَارَةٍ أَشْرَقَتْ عَلَى العَالَمِ مُنْذُ آلَافِ السِّنِينَ.
تَسْتَحِقُّ سُورِيَّةُ الحُبَّ لِأَنَّهَا أَرْضُ الطِّيبَةِ وَالشَّجَاعَةِ، مَوْطِنُ مَنْ يُقَاسِمُونَ الآخَرِينَ خُبْزَهُمْ وَمَاءَهُمْ، مَهْمَا كَانَتْ ظُرُوفُهُمْ. تَسْتَحِقُّ السَّلَامَ لِأَنَّ شَعْبَهَا أَنْهَكَتْهُ الحُرُوبُ، لَكِنَّهُ ظَلَّ يَحْمِلُ فِي قَلْبِهِ أَمَلًا لَا يَنْكَسِرُ.
كَيْفَ لَا تَسْتَحِقُّ السَّلَامَ وَهِيَ الَّتِي تَغَنَّتْ بِهَا أَعْظَمُ القَصَائِدِ، وَرَسَمَهَا الفَنَّانُونَ فِي أَجْمَلِ لَوْحَاتِهِمْ؟ كَيْفَ لَا تَسْتَحِقُّ الحُبَّ وَهِيَ الَّتِي تَجْمَعُ الدِّفْءَ فِي بَرْدِهَا، وَالأَمَانَ فِي طُرُقَاتِهَا، حَتَّى وَإِنْ عَصَفَتْ بِهَا الرِّيَاحُ؟
إِنَّ سُورِيَّةَ، بِقَلْعَتِهَا العَرِيقَةِ فِي حَلَبَ، وَبُيُوتِهَا الدِّمَشْقِيَّةِ القَدِيمَةِ، وَبَخُورِ أَسْوَاقِهَا العَتِيقَةِ، تَحْمِلُ فِي قَلْبِهَا رُوحًا تَرْفُضُ الإِنْكِسَارَ. وَمِنْ حَقِّ هَذِهِ الرُّوحِ أَنْ تَحْظَى بِالحُبِّ الَّذِي يُعِيدُ البَسْمَةَ إِلَى وُجُوهِ أَطْفَالِهَا، وَالسَّلَامَ الَّذِي يُبَدِّدُ ظَلَامَ الدَّمَارِ عَنْ مُدُنِهَا.
سُورِيَّةُ تَسْتَحِقُّ أَنْ تَكُونَ رَمْزًا لِلتَّسَامُحِ وَالتَّعَايُشِ، لَا أَنْ تَكُونَ سَاحَةً لِلْفُرْقَةِ وَالِانْقِسَامِ. تَسْتَحِقُّ أَنْ تَبْقَى كَمَا كَانَتْ دَائِمًا، مَنَارَةً لِلْعِلْمِ وَالثَّقَافَةِ، وَمَوْئِلًا لِلْأَمَلِ وَالإِنْسَانِيَّةِ.
لِنَكُنْ جَمِيعًا صَوْتًا يَدْعُو إِلَى السَّلَامِ لِأَجْلِ سُورِيَّةَ، وَنَغْرِسْ فِي قُلُوبِنَا حُبًّا يُلَائِمُ عَظَمَةَ هَذَا الوَطَنِ. لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تَعُودَ كَمَا كَانَتْ، أَرْضًا لِلْحُبِّ، وَسَمَاءً لِلسَّلَامِ.
بقلمي: الكاتب و الأديب شتوح عثمان